الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

فاتورة مؤتمر شرم الشيخ والتقشف الحكومي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نجحت الدولة ـ بلا شك ـ فى التقريب مع بعض الشباب المصري، وليس كل الشباب، خلال مؤتمرهم الأول الذى عقد بشرم الشيخ وحضر معظم جلساته الرئيس السيسى، وهى خطوة أولى جادة نحو إعلاء المصلحة الوطنية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، خاصة أن حشد أكثر من ٣ آلاف شاب يتوسطهم القيادة السياسية، والمسئولون بالدولة، وبعض الصحفيين والإعلاميين وأعضاء مجلس النواب يديرون حوارات وتساؤلات على الهواء بحرية تامة، تعد سابقة ديمقراطية تضاف إلى السلطة لم تحدث فى أى دولة عربية وتضاهى المناظرات فى الدول المتقدمة والديمقراطية عندما يحاور المواطن العادى أو المتخصص رئيس دولته مباشرة ووجهًا لوجه.. ولكن لماذا عقد المؤتمر فى هذا التوقيت الذى تمر به مصر بأزمات اقتصادية طاحنة مثل عجز الموازنة بأكثر من ٣٠٠ مليار جنيه وازدياد الدين الخارجى بـ ٧ مليارات دولار، وارتفاع سعر الدولار إلى ١٧ جنيهًا، واستمرار اختفاء السكر بعد الأرز، وإعلان توقف بعض الشركات الكبرى لإنتاجها بسبب ارتفاع الدولار، علاوة على اختفاء ٩١٩ صنف دواء مهم من السوق المصرية ومعاناة المرضى اليومية بسببها، ومعاناة الأمهات بعد منع ٦٥ ألف منفذ من بيع لبن الأطفال، وتخفيض وزارة الصحة لحجم استيراد عبوات لبن الأطفال من ٢٣ مليون عبوة إلى ١٨ مليون عبوة، فضلًا عن تخفيض الدعم من ٤٥٠ مليونًا إلى ٢٥٠ مليونًا فقط، كما أن ٧٥٪ من القرى على مستوى الجمهورية لا توجد بها شبكة صرف صحى، وفقا لبيانات جهاز التعبئة والإحصاء الحكومى وأن ٤٧.٥٪ من القرى التى بها شبكة صرف صحى تحتاج إلى صيانة، مقابل ٣.٨ ٪ يحدث بها انسداد يومى. والتخبط فى سياسات الحكومة علاوة على ازدياد معدلات الفقر والبطالة والتهديد بمظاهرات يوم ١١-١١ التى دعت لها الجماعات الإرهابية الإخوانية ربما جاء انعقاد المؤتمر لمحاولة احتواء شباب مصر الغاضب من الانسياق لمثل هذه الدعوات، بسبب هذه الأزمات التى تسعى الدولة لحلها وعدم تحقيق العدالة الاجتماعية التى يحلم بها الشباب، ولا بالحرية المسئولة فى وطنهم ولا بالكرامة عندما يرى شبابًا آخرين محبوسين من أقرانه، ويجد نفسه عاجزًا عن إيجاد عمل أو ما يعينه على الاستقرار والعيش الآدمي..ناهيك عن تناقضات الحكومة فى القول والعمل بداية من إعلانها العمل على ترشيد الإنفاق العام، والبدء فى خطة عامة للتقشف الحكومى لا سيما بعد حديث الرئيس السيسى عن توفير «الفكة»، وأهمية المحافظة على المال العام، وعدم إهداره ومحاولة الخروج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها البلاد، والتى تقتضى تضافر مختلف الجهود الحكومية والشعبية للعمل على تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة ودفع عجلة الاقتصاد. 
ولكننا نسمع ضجيجًا ولا نرى طحينًا.. فلم نر تطبيق الحد الأقصى للأجور بحذافيره ولا تقليل الإنفاق العام فى المستشارين ومكاتب الوزراء ومواكبهم، ولا فى المجالات التى ليست لها فائدة مثل مؤتمر الشباب الأخير ومن قبلها احتفالية مجلس النواب بمرور ١٥٠ عامًا علي إنشائه، والتى أهدرت مصر خلالها ما يقارب الـ٦٠ مليون جنيه فى الاحتفالية فقط، وأكثر من ٥٠ مليون جنيه فى مؤتمر الشباب الذى دعا إحدى الصحف الأجنبية وهى صحيفة «زا نيو آراب» البريطانية إلى التهكم والسخرية من هذا الوضع والتى اعتبرت أن عقد الرئيس «السيسى» مؤتمرًا للشباب يتكلف ملايين الدولارات، فى الوقت الذى يتحين فيه الفرص لمطالبة شعبه بالتقشف بمثابة مفارقة ساخرة على حد قول الصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن نفقة الضيوف متضمنة رحلات الطيران الجوية وتكلفة الإقامة فى فندق ٥ نجوم، بالإضافة إلى تأجير قاعة المؤتمرات، وصل إلى حوالى ٥٢ مليون جنيه مصرى، وأن هذه الدعوة المرفهة بحسب وصف الصحيفة البريطانية، تتزامن مع الوقت الذى يطالب فيه «السيسى» بتضييق الميزانية والالتزام بإجراءات التقشف.
وأشارت الصحيفة إلي أنه على الرغم من التدهور الاقتصادى الواضح الذى تعيشه مصر حاليًا، خاصة بعد الضغط الذى تقع تحته للحصول علي قرض النقد الدولى، إلا أن ذلك لم يمنع حكومتها من إقامة احتفالية بعنوان ١٥٠ عامًا على نشأة الحياة النيابية فى مصر والتى عُقدت أيضًا فى شرم الشيخ بحضور وفد من الدول العربية الشقيقة وبتكلفة تجاوزت الـ٣ ملايين دولار أى ٥٠ مليون جنيه تقريبًا بسعر الدولار اليوم بحضور ٣٨ وفدًا برلمانيًا و١٧٠ شابًا للتنظيم و١١٠ صحفيين أجانب و١٦٠ صحفيًا وإعلاميًا مصريًا وأسرهم وأعضاء مجلس النواب وأسرهم! وقالت صحيفة «ميدل إيست آى» البريطانية إن الوقت الذى عقد السيسى فيه مؤتمرًا، سارع الشباب المصرى لعقد مؤتمر موازٍ خاص بهم على ساحة «تويتر»، معبرين عن عدم رضاهم من أداء الحكومة، مثيرين بأنفسهم قضايا لم يطرحها الحدث الأصلى ومنها الإحباط الشعبى، الاختفاء القسرى وغيرهما من القضايا. 
مصر فى حاجة إلى العمل الجاد بإخلاص وأمانة سنُسأل عنها يوم القيامة للحفاظ على الوطن دون إسراف أو إهدار المال العام. 
الفقراء والمرضى والأطفال والأرامل وشباب البطالة الذين يهربون ويموتون فى قوارب خشبية لتحسين أوضاعهم فى بلاد الغرب وأصحاب الحرف والمهن والمشروعات الصغيرة أحوج إليه. 
فنحن مع وطننا العزيز ونريد الاستقرار والأمن والتقدم والعدالة وكلمة الحق، ولا ننساق إلى دعوات ومظاهرات ما تسمى ١١-١١ بل سنحافظ على بلدنا حتى آخر قطرة من دمائنا!