الأربعاء 03 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

من دفتر على الرصيف

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كتابات في دفتر يوميات صغير على رصيف البيت، في الشارع الطويل المزدحم بالناس وبالدموع وبالأشواق، والمتقاطع مع كل ميادين التحرير، في بؤرة الكون تمامًا، حيث انبعثت عنقاء الفينيق وولدت الكواكب والنجوم والسماوات، من حيث عاد ضياء الماضي السحيق يشع على العالم أرضًا وسماء، من مصر أم الأرض وصانعة الحضارات والضمير ومهد الإنسانية ومعراج السماء.

الأحد الثلاثين من يونيو 2013 الساعة الثاثة عصرًا

بناتي في التحرير وأنا عاجز أجلس بين علمين أمام بيتي ودموعي السعيدة ببني وطني تطهرني من خطية القعود، يا بناتي ويا أولادي في كل ميادين وشوارع مصر، أقبل الأرض تحت نعالكم، وأعفر جبهتي بترابها لأتبارك بها، المجد لك يا شعب، إن الحكم إلا للشعب، إن العزة لمصر والسيادة لبنيها وليس لغيرهم في أي أرض أو أي سماء.

أعيد هنا كتابة الإهداء الذي صدرت به كتابي “,”النبي موسى“,” الصادر عام 2000“,” في نبوءة وأمل يصنعه أولادي اليوم صبية وصبايا، خرجوا على الدنيا كفلق الصبح وإشراق شموس الكون في جلاء وبهاء وجلال يليق بأحفاد بُناة الأهرام، لينصت لهم العالم ويرهف الأسماع مُصغيًا ليطهر آذانه وينظف ما علق بقلبه بسيمفونية المجد المصري بإيقاعها القديم الجديد.

يقول الإهداء الحالم بالأمل يصور المشهد المتحقق بعدها بعقد من الزمان:

“,”على أوتار الحشا بين الجوانح والضلوع تسكنينني يا حبيبتي، ذُبت فيك حبًا ووجدًا فأعطيتك عمري كله مهرًا، وسكبت في أحشائك عُصارة عقلي كلمات، أستزرعها في رحمك أجنة، لتلدي للدنيا ابن العهد الآتي، وقربت إليك نفسي أُضحية يا معشوقتي، يا أم الدنيا حقًا وصدقًا، فلك يا مصر السلام وعليك السلام.. يوم تتفتح أزاهيرك مواليد. صبايا يعرفن كيف يتكلمن لغة الحرية، وصبية يصوغون مُعجم مفردات النهار.. ويهزون معًا جذوع المسلات لتساقط على صفحة الزمان علمًا وعدلاً وحضارة ومدنية“,”.

.... لم أكن أحلم إذن يا وطن ولم أكُن أتوهم ولم أكن أرجم بالغيب؟! .... يا بناتي ويا أولادي في كل الشوارع والميادين، هزوا جذوع المسلات معًا، زلزلوا الأرض تحت أقدام الطغاة، أطردوا الاحتلال المقيت والفكر المريض والغزو الذي آن أوان طرده الأبدي من البلاد ومن العقول ومن وادينا الخصيب ، ليعود إلى فيافيه وبواديه حيث عاد أسلافه الهكسوس أعداء النور والسلام، واملأوا الدنيا علينا بهجة ولا تبأسوا ولا تحزنوا على دم الشهداء فهم قرباننا للمستقبل، فبدون دم وسفك دم لا تحصل مغفرة على حد قول مقدسنا الشرقي، الذي يشرح درس التاريخ في إيجاز: قاسي القرار، أليم في ضريبته.. بهيج في بُشراه وقيامته خلود أبدي. زغردي يا مصر واخلعي طرحتك السوداء وحجابك الذي حجبك عن مجدك ردحًا من الزمان، وألقي عنك نقابك وخمارك، ودعي شعرك للريح يخفق ويرف بالجمال، لتشاهدك الدنيا كما كنت دومًا الجميلة بين البلدان، وأخرجي من بطنك حبًا يرعاهم ومجدًا يشرف تاريخنا، ويلطخ وجه أبناء الأفاعي بالعار والشنار، ويجلل أبناء جيلي العجائز بالعز وبالفخار، بجيل حلموا به وتحقق الحلم وهم بعد أحياء.. فشكرًا يا شعب وشكرًا يا وطن.

الاثنين الأول من يوليو 2013 الساعة التاسعة مساء، في نفس المكان،

شد الشعب الحبل الواصل ما بين القلوب والحناجر إلى الثكنات، معطيًا الأمر لجيوشه بالتحرك لبدء الزحف لطرد المحتل الغاصب من الوطن، فخرج الحب من بطن مصر الولادة وأعلن الجيش أن مصر أزلية أبدية القدم والدوام، وخرجت أفراسه على أجنحة العنقاء ترف في سماء الوطن تعلن أن بيضة مصر طاهرة لم يدخلها دنس ولا نجس ولا رجس، ليعلن أنه راعي الحب الوطني المقدس فوق أي مقدس بعد القساوة “,”أزمان وأزمان“,”، وأنه جيش مصر النيل وليس جيش البدو الغزاة، وأن قادته هم أبناء الملك المظفر “,”مينا موحد البلاد“,”، وأن فيالقه هي امتداد لفيالق “,”تحتمس الثالث“,” جلت ذكراه، وأن جنوده مازال يسري فيهم دم “,”الرعامسة“,” ملوك الأرض وملوك الزمان، سلام مصري عظيم يا مصر لجيشك وشرطتك وشعبك وصباياك وشبابك ونسائك ورجالك. لقد أزفت الآزفة على الدهاقنة والسدنة والكهنة والمسترزقين بالدين والقتلة ومصاصي الدماء، لقد آن الأوان يا بلدي وزفتك آتية لا ريب فيها بعد ليالي طويلة تحنت فيها الأرض بحنة من أطهر الدماء.. آن الأوان يا وطن، آن الأوان.

الثلاثاء الثاني من يوليو المجيد 1952 ـ 2013 من نفس المكان

رُفعت الأقلام وجفت الصحف.