الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

صناديق "التكية الخاصة".. افتح واكبش!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تخيلوا أنه يوجد فى دولتنا العظيمة شىء اسمه «الصناديق الخاصة» مغمورة بالفلوس، وهى عبارة عن «تكية» للقائمين عليها، لا أحد فى الدولة يعرف ما الذى يوجد داخل هذه الصناديق، فقط المسئولون عليها هم مَن يعرفون حجم الأموال التى بداخلها، فأذا سألتهم: «ماذا يوجد فى الصناديق؟»، يقولون لك: «الصناديق دى فيها فيل!»، فكل مسئول من مصلحته أن تظل هذه الصناديق طى الكتمان وغارقة فى الغموض، بعد أن رفع المسئولون عليها شعار: «افتح واكبش.. فلا حساب ولا عقاب». 
والصناديق الخاصة لها عشرات السنين. فى كل هيئة أو مصلحة حكومية نجد صندوقًا أو اثنين من الصناديق الخاصة، لا يعلم أحد ما حجم أموالها، ولا يعرف أحد كيف يتم الصرف منها، ولا حتى على مَن تنفق تلك الأموال، فأصبحت مثل الصناديق السوداء التى توضع فى الطائرات، لكن فى حالة الصناديق الخاصة لا تدلى بأى معلومات وقت الخطر! 
وأغلب هذه الصناديق تعمل دون رقابة من الدولة، حيث إنها لا تدخل فى موازنة الدولة، وظلت سنوات لا يعرف أحد عنها شيئًا، ويصر القائمون عليها أن تظل مكسوة بالغموض، إلى أن بدأ عدد من المسئولين هذه الأيام، يطالبون بضمها لميزانية الدولة، فتحولت إلى قضية رأى عام، وانشغل الناس على اختلاف مستوياتهم بها، وأدلى الكثير من الخبراء خاصة المعنيين بشئون المال والاقتصاد بدلوهم، حتى أعلن مجلس النواب الحرب على هذه الصناديق، واعتبرها الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، بوابة للفساد، مؤكدًا أنه آن الأوان لنقلها إلى الموازنة العامة للدولة.
فمنذ قيام ثورة ٢٥ يناير والمصريون، على جميع أشكالهم وألوانهم، يتحدثون عن الصناديق الخاصة وفسادها، وقوتها التى أصبحت أكبر بكثير من قوة الدولة، فلا يستطيع مسئول حكومى مهما كان حجمه حصر حجم الأموال فى هذه الصناديق، التى أصبحت بابًا مفتوحًا على مصراعيه للفساد والتربح، وكأنها «مغارة على بابا»، والمسئول عن كل صندوق هو صاحب الذراع الطولى فى عملية صرف أمواله، حتى وصل حجم الإهدار بحسب تصريحات بعض المسئولين الحكوميين فى هذه الصناديق إلى أكثر من ٨٠ مليار جنيه، تم صرفها كمكافآت لكبار الموظفين بالدولة!
إن فكرة «الصناديق الخاصة» بدأت عام ١٩٦٧ بقانون رقم ٣٨ لإنشاء صناديق للنظافة وقت الحرب، وهو ما يعنى أن هذه الصناديق تم إنشاؤها لهدف نبيل فى ظروف صعبة كانت تمر بها البلاد، وحققت نجاحًا بعيدًا عن موازنة الدولة، لكن عندما دبّ الفساد فى البلد أصبح عدد الصناديق الخاصة يفوق أكثر من ١٠ آلاف صندوق فى مختلف مؤسسات الدولة! تتجاوز أرباحها أو دخلها أكثر من ٥٠ مليار جنيه سنويًا، وأصبح لها دخل من روافد كثيرة، مثل ضرائب الإعلانات والمخالفات التى تقوم بتحصيلها المحليات، ويتم دفع ٢٠٪ لمصلحة الخزانة العامة للدولة و٨٠٪ للصناديق الخاصة.
فكيف يحدث فى دولة القانون والدستور أن نجد القائمين على هذه الصناديق يحصلون منها على أموال طائلة دون ضابط أو رابط! وبعيدًا عن أعين الأجهزة الرقابية! وبعيدًا عن سلطة الدولة؟! 
يجب وقف مهزلة صناديق «العزب الخاصة» فورًا، لأن مصر حاليا فى أشد الاحتياج إلى كل جنيه يدخل ميزانية الدولة، وربما تكون هذه الصناديق هى طوق النجاة لاقتصاد الدولة ولميزانيتها.
وحتى لا تكون هناك ازدواجية فى المعايير، يجب أن تعمل هذه الصناديق تحت إشراف كامل للدولة، ويجب أن يتم الكشف عن حجم رصيدها الحقيقى، وطرق الصرف منها، حتى لو كان من الصعب ضمها إلى ميزانية الدولة، فعلى أقل تقدير أن يكون للدولة نصيب من أرباح هذه الصناديق، لأن الأوضاع فى مصر تحتاج إلى هذا الدعم، تحتاج إلى المساندة من الجميع.
والله ولى التوفيق.