هى المسرحية الأربعون فى مشوارى المسرحى، عرضت فى أكتوبر ٢٠٠٩ فى المهرجان الدولى للمسرح التجريبى. وأعيد عرضها من ٤ مارس على مسرح مدرسة الفرير بباب اللوق.
ورغم أنى كتبتها وأخرجتها أيضا فهى تنتمى إلى حد كبير إلى وليم شكسبير!، ولكنها لا تحاكيها كثيرا. فقد تناولها عدة كتاب لإعادة كتابتها فى عدة بلاد مختلفة حول العالم!، لكن المسرحية نفسها لا وجود لها تقريبا! وإنما توجد مسرحية يقال إنها تنتمى لشكسبير ولكنها مفقودة لأن بها شبها لتلك المسرحية فى رواية مكتوبة قيل إنها مستوحاة من المسرحية الأمريكية (كاردينيو) التى قدمت على مسرح (الذخيرة الفنية) بنيويورك فى مايو ٢٠٠٨. لكنها قدمت وقتها قبل عشرات السنين من تأليف (ستيفن جرين بلات وتشارلز مى) وهى محاولةُ لتخيّلُ مسرحيّة شكسبير «المفقودة» أى التى لم يعثر عليها لكن المعروف أنها استندت على قصّةِ (كاردينيو ولوسيندا) فى ملحمة سيرفانتس الشهيرة (دون كيشوت). وحاول الكاتبان من خلال هذه القصة أن يصنعا مسرحية تحاكى أسلوب شكسبير من وجهة نظرهما.
وستيفن جرين بلات هو أحمد علماء المسرح المتخصصين فى أدب شكسبير، وفكر فى عمل مشروع مسرحيات تستوحى منها فى عدة بلاد، كل على ضوء ثقافته المختلفة وطبقًا لحاجاته الخاصة وظروفه وتم ذلك فى عدة بلاد ومنها مصر وكان منسق المشروع فى مصر الباحث المسرحى المصرى حازم عزمى ومنسق مجموعة عمل المسرح العربى بالاتحاد الدولى للبحوث المسرحية.
وقد وضعتها فى نسخة مصرية. بل كان بها الريف بجوار المدينة وكذلك أخرجتها بنفسى وتحت اسم (وهم الحب) فى معالجة مصرية تماما فى قالب كوميديا تختلط بالتراجيديا وتتميز بالرقى فى نفس الوقت.
وأول ما طرأ على ذهنى أن أكتب للدكتور فوزى فهمى الذى درس لى بالمعهد العالى للفنون المسرحية لأربع سنوات. وطلبت منه أن يدعو (ستيفن جرين بلات) للقاهرة بدعوة من المهرجان الدولى للمسرح التجريبى ليشاهد العرض ودعاه بالفعل فحضر وأعجب كثيرا بالعرض وبالمحبة التى تلقاها منا.
الإطار الذى تدور فيه هو عقد قران الوجيه (أنيس) على حبيبته (كاملة) فى عزبة بالصعيد وسط شلة صغيرة من أصحابه المقربين قبل الاحتفال فى الغد بليلة الدخلة. وفى الجوار نسمع عن ليلة زفاف شعبية لزواج تقليدى ولكننا لا نراه، إنما نعرف أخباره من وقت لآخر وتساهم أحداثه فى التأثير على ما يحدث أمامنا من تغيرات مفاجئة.
تكنيك سرد الأحداث يبدأ بأربع جمل فى الإظلام حيث نسمع صوت العروس (كاملة) تطلب من صديق زوجها (وليد) أن يختار بين الحياة وبين اللا حياة ولا تعطيه فرصة للرد إلا لثلاث ثوان فقط لا غير!، وبعدها يبدأ العرض فنرى وليد يتذكر أحداث الساعات القليلة السابقة التى حدثت وكان أنيس خطيب كاملة يردد أنها ستكون ليلة لن يحدث مثلها أبدا.
ثم الأحداث التى أوصلت الأمور إلى هذه النقطة. ومع نهاية التذكر نرى القرار الذى يتخذه الآن فى الحاضر ولا يستغرق إلا دقيقتين.
اعتمدت على تكنيك الإضاءة والسينوغرافيا والحركة وقبل ذلك الكتابة على حقيقة أن المرء لا يتذكر إلا التفاصيل المهمة سواء الحركة أو الحوار، بل لا يتذكر الصور كاملة وإنما ما يعنيه منها، وأن التذكر لا يحدث بالضرورة بترتيب وقوع الأحداث، وأنه يقفز من منتصف حدث لآخر وقد يعود للأول ثانية إلخ. وهى معالجة لم تأت فى نص (كاردينيو) الأمريكى. كما أن المعالجة هنا تضيف عدة أسئلة تتركها مفتوحة للمشاهدين الذين يشاهدونها. وفيها تترك العروس حبيبها إلى صديقه فى اللحظة الأخيرة وتهرب العروس الريفية التى حاولوا إجبارها على الزواج وتقع سريعا فى حب شخص آخر تراه لأول مرة ومع ذلك يهربان معا.
فهل الحب حقيقة، أم وهم يتخيله الإنسان، بينما هو لا يحب فى الواقع إلا نفسه؟
سؤال لا يفتأ يتكرر قبل أن يصادف المرء الحب، وبعد أن يقع فيه. وقد يتجدد كلما أحب مرة ثانية وثالثة!، واختلف الفلاسفة والمفكرون فى الإجابة عنه. لكن أيا ما كانت الإجابة فالحياة تبدو أكثر صعوبة وعذابا بالحب. وهى تبدو أيضا أكثر صعوبة وعذابا بدون الحب!.