الجمعة 15 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

السيسي وعملية القلب المفتوح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دون مقدمات نظرية لن تصل بِنَا إلا لمزيد من الارتباك والتراجع، أقول بمنتهى الحسم والجدية إن مصر الآن لم يعد يصلح لها ما كان يمكن أن يكون مفيدا بالأمس. 
مصر التى تعانى من حزمة أمراض وأوجاع تاريخية لم يعد يصلح معها أى مسكنات مهما كانت جذابة ووجيهة. إن الأشعة المقطعية والتشخيصية لجسد الدولة المصرية وما تبعها من عمليات قسطرة استكشافية قد أوضحت أن هناك انسدادا حادا فى معظم شرايين الوطن، ورغم المحاولات العديدة لإذابة تلك الجلطات بالأدوية إلا أنها جميعا باءت بالفشل، كما أن محاولات زرع ووضع دعامات تساعد فى فتح تلك الشرايين قد فشلت هى أيضا نتيجة أن الشرايين نفسها قد تيبست تماما، بيد أن كل الحلول وكل المحاولات وكل التجارب قد وصلت إلى نقطة حرجة، لذلك لم يعد فى الإمكان أن ننتظر لحظة أخرى يمكن أن يتوقف فيها القلب عن النبض ويتحول الجسد المنهك إلى جثة هامدة. 
إذن فلا حل إلا بإجراء عملية قلب مفتوح ضخمة وكبيرة وتاريخية وعاجلة، هذه العملية يتم فيها تغيير كل الصمامات والشرايين واستبدالها بأخرى جديدة قادرة على حمل الدم من القلب إلى الجسد النحيل، يبدو أن الجميع بات على قناعة بأن المريض فى حالة حرجة هو «شبه حى، وشبه ميت»، ولا يقوى على أن يغير أو يتغير، يا سادة مصر بعافية وتحتاج إلى علاج عاجل مؤلم وموجع وخطير ومكلف، لكنه هو الحل الوحيد إذا كنّا جادين حقا فى البقاء، ولأنى أقف على أرضية ثابتة من الوعى بتاريخ هذه الأمة، فإننى متفائل بشكل غير مسبوق، فمصر سبق وتعرضت لوضع مماثل تماما لهذا الوضع، وقامت بإجراء أضخم وأخطر عملية جراحية فى التاريخ، وهى مذبحة القلعة التى حولت مسار الدولة المصرية من أسفل السافلين إلى أعلى عليين، كانت مصر فى بدايات عهد محمد على نهبا للصراع على السلطة بين المماليك والعثمانيين والأوروبيين، وبعد محاولات عدة من محمد على اكتشف أن الأمر جلل والمرض خطير، فكان قراره التاريخى الأخطر هو إجراء أكبر عملية استئصال ورم خبيث فى التاريخ، فكانت تلك المذبحة التى أقول عنها إنها كانت رائعة سياسياً وكارثة إنسانياً، لكنها كانت الضرورة بعينها. 
والآن الوضع يتكرر بشخوص جديدة ومفردات جديدة وواقع جديد، لكن يبدو أن قرارا مماثلا يجب أن يكون عاجلا، فالإرهابيون والفاسدون والمعرقلون والطامعون أخطر من المماليك، ويحتاجون إلى أكبر وأضخم عملية استئصال فى التاريخ. 
لا بد من قيام الرئيس باتخاذ خطوات حاسمة ورادعة على غرار ما قام به محمد على مع المماليك، ربما لا تكون العملية مذبحة مماثلة بنفس الأدوات والتداعيات، بل يمكن أن تتخذ أشكالا شتى، لكنها تبقى ضرورة ولا حل سواها. 
جلست وتابعت وتنقلت بين أروقة المؤتمر الوطنى الأول للشباب، ورأيت وأيقنت أن مصر قادرة بشبابها أن تصنع المعجزات، لكن البيئة والجو والمناخ تحتاج إلى تغيير عاجل، وهذا ما أراه مهمة تاريخية للرئيس أن يقوم بعملية التطهير من خلال عدة عمليات جراحية متزامنة.. قلب مفتوح واستئصال ورم خبيث وبتر أذرع وسيقان.. كل هذا فى وقت واحد. 
الإهمال والفساد والإرهاب أدواتها واحدة وأهدافها مختلفة ونتيجتها واحدة. 
مصر بعافية يا ريس وعلاجها ودواها فى إيدك.. أنت مسئول أمام الله، وأدعو الله أن يعينك على تلك المسئولية الجسيمة.. اتخذ قرارات خارج سياق الزمن ولا تلتفت إليهم فإنهم مغرضون.. وما تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.