إذا كانت هناك أزمة بين الشباب والدولة كما يدعى أفندية النخبة فإنها تكمن فى غياب المعرفة بحقيقة المشروعات والبرامج والخطط التى تنفذها الحكومة فى ظل تحديات داخلية وخارجية تجعل البلاد فى شبه حالة حرب إن لم تكن كذلك فعلا.
السبب فى غياب تلك المعرفة، عدم وجود تقارير تفصيلية تشرح طبيعة تلك المشروعات والبرامج وما تحققه من نمو اقتصادى وعدالة اجتماعية.
ولو وجدت بعض التقارير الوافية فإنها لا تذاع أو تنشر إلا مرة واحدة، رغم أنا نجاح الرسالة الإعلامية يرتبط بالإلحاح فى نشرها، بالنسبة للتحديات والصعوبات التى تواجهها الدولة.
وفى المقابل ينشط أفندية النخبة لبث رسائل متكررة طوال الوقت تروج لمفاهيم مغلوطة، وتسلط الضوء على الشباب الذين تحدوا هيبة الدولة بخرق قانون تنظيم التظاهر وتقدمهم بوصفهم ممثلين لكل الشباب المصرى، رغم أن خرقهم للقانون لم يكن بهدف التعبير عن الرأى وإنما من أجل العمل على استمرار حالة الفوضى والخروج على قواعد النظام العام، كما أنهم لا يمثلون إلا شريحة صغيرة ومحصورة فى بعض الأحزاب والمؤسسات الحقوقية الممولة.
رسائل أفندية النخبة تؤكد طوال الوقت أن جميع الأزمات التى نعانيها قد تسببت فيها السياسات الفاشلة للحكومة، متجاهلة المؤامرات الداخلية والمدعومة خارجيا، والتى تجسدت بمعظم الأزمات فى عصابات تعمل بدأب لاختلاقها، منها عصابات تهريب الدولار والتلاعب بأسعاره، وعصابات احتكار السلع الغذائية الأساسية، وصولا إلى عصابات تهريب الجنيه المصرى إلى الخارج.
أفندية النخبة يلحون فى كل رسائلهم على الترويج إلى أن النظام السياسى الحالى قد انقلب على مطالب الثورة المصرية وسجن شبابها، ثم استدعى نظام مبارك بسياساته وبعض رموزه، ليصبح نظام ٣٠ يونيو مجرد شبح لنظام مبارك.
علاوة على ذلك يبث أفندية النخبة رسائل التشكيك فى كل إنجازات النظام على مدار الساعة ولا يألون جهدا فى تطليع «القطط الفاطسة» فى كل شىء مهما كان جيدا، ولا يترددون فى استخدام الشائعات والأكاذيب التى تطلقها جماعة الإخوان الإرهابية لإثبات صحة أفكارهم المريضة وخطأ توجهات الدولة وفشل كل سياساتها.
وقد كثف الأفندية نشاطهم فى الأيام التى سبقت انعقاد مؤتمر الشباب بشرم الشيخ مشككين فى جدوى المؤتمر، مدعين أنه محاولة من النظام لاحتواء الشباب لا التحاور معه.
ولأنهم يعتمدون فى صياغة رسائلهم على العبارات الحماسية والشعارات الرنانة ينجحون فى جذب انتباه بعض الشباب، وربما إعجابهم وتأييدهم لمحتوى تلك الرسائل، خاصة أن الشباب لا يتعرضون فى المقابل إلى الرسائل التى تبث الحقائق الموضوعية والأفكار الإيجابية والسوية بنفس معدل تعرضهم لرسائل أفندية النخبة منعدمى الضمير.
أعرف شبابا كانوا يرددون تخاريف بعض النخبة حول مشروع قناة السويس الجديدة، وبمجرد زيارتهم لها واطلاعهم على حقيقة المشروع تغيرت الصورة لديهم تماما، ولذلك أظن أننا بحاجة ملحة لمزيد من المعلومات والحقائق حول جميع المشروعات الكبرى وما تحققه من فوائد مباشرة وسريعة، والمنتظر منها بعد تنفيذها وبحاجة لمعرفة قصة بداية كل مشروع وطريقة تمويله والتجربة الإنسانية للعاملين به بدءا من أصغر عامل وصولا إلى القيادات الكبرى، ونحتاج أيضا لنقل صورة متكاملة عما أنجزته الدولة فى ملف العدالة الاجتماعية، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
نحن بحاجة إلى صياغة جاذبة وحرفية لرسائل تشرح حقيقة ما يجرى من عمل، وواقع ما نواجهه من تحديات داخلية وخارجية قد تعرقل المسيرة هنا، أو تتسبب فى إخفاق هناك.
الحوار الذى أطلقته الدولة مع شبابها فى مؤتمر شرم الشيخ لا بد أن تستكمله الأحزاب السياسية إذا كانت جادة فى اتجاهها نحو الشباب ولا تكتفى بدور المنظر أو المنتقض، كما فعلت أحزاب التيار الديمقراطى بمقاطعتها المؤتمر، وهى أحزاب يقودها بعض أفندية النخبة منعدمو الضمير.