استكمالًا لمقالنا السابق بجريدة «البوابة» حول «لا.. للإشكالية.. نعم للمشاركة الشعبية»، الذى تم نشره فى عدد الأربعاء الماضى، بقصد استلهام روح انتصار أكتوبر ١٩٧٣، والتغلب على الارتفاع الجنونى للأسعار، وإحياء تجارب الشعب إبان حرب الاستنزاف تحضيرا لهذه الانتصارات، حيث حوّل كل إمكانياته ومدخراته من أجل المجهود الحربى، وتم له ما أراد، وسبق هذا تصديه للحصار الاقتصادى الذى تعرض له من القوى الاستعمارية عقب تأميم قناة السويس.
وفى البداية، نؤكد أن الدولة ممثلة فى كل أجهزتها تبذل قصارى جهدها للتصدى لهذه الظاهرة، حيث تم توفير ٤ مليارات و٤٣٠ مليون جنيه كمخصصات لاستيراد السلع التموينية سواء من السكر أو الأرز أو غيرهما من السلع الأساسية.
كما قامت وزارة التموين بضخ أكثر من ٥٠ ألف طن سكر للمواطنين خلال سياراتها المتنقلة لمختلف المحافظات، وتعاقدت على استيراد ٤٢٠ ألف طن سكر خلال الأيام المقبلة، وبخلاف الإعلان عن مناقصة للشركات العالمية لتوريد كميات كبيرة من الأرز بحد أدنى ٥٠ ألف طن.
كما أصدر السيد وزير التموين القرار رقم ١٩٤ لسنة ٢٠١٦ الذى ينص فى مادته الأولى على «أن تقوم الشركة القابضة للصناعات الغذائية بطرح كمية فى حدود ١٠٠ ألف طن سكر أبيض شهريا لكل من شركات الصناعات الغذائية، ومصانع التعبئة بسعر ٦ آلاف جنيه للطن عبوة ٥٠ كجم يسلم مقر البائع، على أن تقوم الشركة القابضة للصناعات الغذائية بتوفير احتياجات السلاسل التجارية من السكر الأبيض بسعر ٤٥٥٠ جنيها للطن عبوة ٥٠ كجم، تسلم مقر البائع، وبسعر ٤٩٥ جنيها للطن معبأ «١ كيلو» تسليم مقر المشترى على أن تلتزم هذه السلاسل بالبيع للمستهلك النهائى بسعر لا يتعدى الـ٥ جنيهات للكيلو جرام معبأة فى عبوات ١ كجم، وتتولى الإدارة العامة لمباحث التموين، وقطاع الرقابة والتوزيع بوزارة التموين متابعة تنفيذ القرار الوزارى».
كما أعلن رئيس مجلس إدارة شركتى النيل والأهرام للمجمعات الاستهلاكية عن توافر السكر لدى المجمعات بطرح ٣٠٠ طن سكر يوميا بالمجمعات بسعر ٥ جنيهات، وواصل ضباط وزارة التموين والتجارة الداخلية إلى جانب ضباط الرقابة الإدارية حملاتهم على الأسواق، خاصة سلاسل المحلات التجارية الكبيرة، والهايبرات، والسوبر ماركت، حيث تمكنوا من ضبط عدد من المخازن التى تم اخفاء السلع الأساسية فيها، وتمت مصادرة ٣٠٠ طن سكر، والقبض على ٢٠ تاجرا، وضبط عدد كبير من القضايا التى تحقق فيها النيابة الآن، ومن بين هذه المخازن التى تم ضبطها محلات «بيم» التركية، حيث تم ضبط مئات الأطنان من السكر لديها، وهى ضمن مجموعة الاستثمارات التركية التى يساهم فيها صهر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بنسبة ٢٠٪، ولها ١١١ فرعا فى مصر.
وهذه السلاسل، والمحلات التجارية الكبيرة تقوم بتخزين السلع الأساسية، لأنها تتوقع موجة جديدة من ارتفاع الأسعار بسبب ارتفاع سعر الدولار بعد تعويم الجنيه المصرى، وتقوم بتخزينها تمهيدا لإعادة طرحها فى السوق بالأسعار المرتفعة الجديدة، وعلينا الاعتراف بأن حملات مباحث التموين، والرقابة الإدارية، لم تنجح فى الحد من سيطرة مافيا الأسواق، ومحتكرى السلع الأساسية، رغم أن المواطنين يعرفونهم، ويرددون أسماءهم، الأمر الذى يتطلب اتخاذ إجراءات تتسم بالشدة، وتغليظ العقوبات، وأبسط الإجراءات القبض عليهم، وتقديمهم لمحاكمة عاجلة، لأن الوضع لا يستحمل مزيدا من الارتفاع فى الأسعار، وإذا ربطنا هذه التصرفات، وأعمال هؤلاء التجار الجشعين المرتبطين برجال أعمال غير وطنيين، بتحذيرات السفارات الأجنبية- خاصة الأمريكية والبريطانية والكندية- لرعاياها، وتكثيف العمليات الإرهابية ضد قواتنا المسلحة فى شمال سيناء، والمحاولات لضرب علاقاتنا بالأشقاء والدول الداعمة لنا، والدعوات التخريبية فى «١١/١١».. سنجد أن كلا منها يشكل حلقة فى سلسلة التآمر علينا، ولا بد من الضرب بيد من حديد عليها.
وشعبنا قادر على التحمل، ومقاطعة التجار الجشعين وسلعهم، وهذا ما حدث، مما أدى لوجود حالة ركود، وتكدس، وكساد لبضاعتهم، وهذا يفسر استجابة بعض السلاسل التجارية الكبيرة لمبادرة «الشعب يأمر»، وظهور مبادرات أخرى أفضل، حيث تم تنظيم قوافل فى المحافظات تحت مسمى «رد الجميل» التى تشارك فيها دواوين المحافظات، ورجال الأعمال والنواب، وهذا ما حدث بمحافظة الدقهلية بالتنسيق مع أحد النواب من منية النصر، التى أعلن فيها عن بيع المواد الغذائية بنصف ثمنها على أن يتحمل النصف الآخر السيد النائب، وبدأت بتجميع حوالى ١١ سيارة محملة بالمواد الغذائية أمام المحافظة، ثم انطلقت لمدينة المطرية، وأثناء سيرها قام أهالى قرية الدراكشة بالتجمع بعرض الطريق من أجل إجبارها على التوقف، إلا أن شرطة المرافق تدخلت، ومكنت القافلة من استكمال السير لمدينة المطرية، حيث تجمع الآلاف من أهالى المطرية، الأمر الذى أدى إلى التزاحم، وبذل السيد المحافظ جهدًا كبيرًا من أجل انتظام صفوف، وطوابير الأهالى، حيث تم بيع كيلو الأرز بـ٢ جنيه، والسكر بـ٢.٥ جنيه، والفرخة بـ١١ جنيهًا. مما يؤكد أن شعبنا بخير، وعلى استعداد لتجاوز هذه الأزمة، مما شجع باقى المحافظات على أن تسلك ذات المسلك، وتحمس لهذا عدد من رجال الأعمال الوطنيين والنواب لتكرار هذه المبادرة فى محافظاتهم، على أن يتحملوا نصف ثمن السلع الأساسية، ورصدنا فى مقالنا الغياب التام للقوى السياسية والأحزاب فى هذه الأزمة الخانقة لشعبنا، وهذا الغياب يؤكد أن هذه الأحزاب والقوى هى التى تفرض على نفسها العزلة الجماهيرية بالرغم من بكائها وشكواها من هذه العزلة، والفرصة مواتية لها للتحرك الفورى، والسير لتلحق بمجهودات قياداتنا الوطنية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأجهزة الدولة المختلفة فى التصدى لمافيا السوق، ومحتكرى أسعار السلع الأساسية، وجشع التجار، خاصة أننا مقبلون على انتخابات المجالس المحلية، ولنبادر بتشكيل اللجنة الشعبية لمقاومة الغلاء، لنعمل سويا فى الحوارى، والأزقة، والمراكز، والمدن، من أجل التصدى لهذا الغلاء، وإبلاغ الأجهزة الرقابية عن تجار السوق السوداء، ومخازنهم التى يخفون فيها السلع، تمهيدا لإعادة طرحها مرة أخرى بأسعار أزيد، وإعداد قائمة سوداء بأسمائهم، وتنظيم المقاطعة لهم، وأننا على ثقة كبيرة بأن شعبنا سيبدع فى أساليبه، وأننا لمنتصرون بأذن الله.