الأحد 29 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

"سبوبة الزبالة".. 3 شركات أجنبية "تكوِّش"على نصف مليار جنيه سنويًا.. نقيب الزبالين: فشلوا في نظافةالقاهرة.. والمحليات شريكة الأجانب في أزمة القمامة.. ويقترح: إعادة التدوير أوقف إعدام الخنازير

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما يتحدث "شحاتة المقدس" نقيب الزبالين، على المتضررين من تلال القمامة بالشوارع أن يصمتوا، شحاتة يوجه صرخة للحكومة ويطالب بعدم التجديد للشركات الاجنبية المختصة بجمع القمامة بعد فشلها في نظافة العاصمة ويقول: "كفايانا عقدة خواجة"، مؤكدا "تحت إيدي 3 مليون زبَّال مصري قادرون على إنجاز المهمة لكن بشرط الالتفات إليهم والاهتمام بهم وبتحسين أحوالهم، لافتا أن مشكلة إنهاء الأزمة بسيطة وتبدأ بإعادة التدوير للقمامة والعودة إلى تربية الخنازير والتراجع عن قرار إعدامها. 



كانت تصريحات "شحاتة المقدس" نقيب الزبالين التي أدلى بها قبل ايام عن مقدرته على تنظيف القاهرة خلال 30 يوما، قد مرت، مرور الكرام وكأن القاهرة لا تغطيها القمامة من شوارعها لأزقتها وحواريها. 
ورغم أن الحكومة التزمت أمام المواطنين بتخليصهم من القمامة مقابل رسوم شهرية قيمتها 6 جنيهات تحصل على فاتورة الكهرباء لكن لم يحدث شىء. 
هنا يقول "كامل عبد المجيد" مدرس، أنه لا يعرف مصير قيمة رسوم النظافة 6 جنيهات والتي تحصل على الكهرباء، أين تذهب؟ مع أن القمامة لا أحد يمر ليأخذها ما يضطره لدفع 10 جنيهات للبواب حتى يحملها إلى أي مكان تجميع بعيد عن البيت..


أوضحت "كريمة الخولي" ربة منزل أنها اعتادت أن تحمل قمامة منزلها يوميا وتلقي بها في أقرب مقلب قمامة لأنها تستطيع أن "تركب توك توك بـ10 جنيه رايح جاي حتى تتخلص من القمامة، قائلة:" المفروض الحكومة بتاخد فلوس لها شهريا" ".
فيما جاءت شهادة "عبير ناصف" مؤكدة أن عمال النظافة يمرون في أوقات مختلفة بدون موعد ثابت وأحيانا القمامة تتراكم حتى تفوح رائحتها وتحول المنطقة لجحيم، ما يعطي فرصة لانتشار الأمراض والأوبئة في ظل غياب القوانين والرقابة سواء على شركات جمع القمامة أو الوزارات أو لهيئات التي تختص بهذا الملف. 


لكن "حافظ سلماوي" رئيس جهاز مرفق الكهرباء، يرد قائلا، إن شركة الكهرباء تعتبر مجرد وسيلة لتحصيل رسوم القمامة فقط، بل تعتبر أكبر وسيلة للتحصيل من المواطنين فهي ترتبط بجميع المواطنين على أرض الوطن، مشيرا إلى أنه تم تقديم طعن منذ عدة سنوات على تحصل القمامة على فاتورة الكهرباء إلا أنه تم الإقرار والعمل به.
وأضاف "سلماوي" أن الدراسة التي تمت على المواطنين قبل إقرار رسوم القمامة على فاتورة الكهرباء كانت لمعرفة رسوم الاستهلاك لكل "شقة أو محل" ومن خلال تلك الدراسة تم تحديد الرسوم التي يتم تحصيلها حاليا.
وأشار رئيس جهاز مرفق الكهرباء، إلى أنه كانت هناك مجموعة من الشركات تعاقدت لجمع القمامة من المواطنين وتحصيل الرسوم من خلال شركة الكهرباء إلا إن هناك بعض المشاكل التي حدثت بين الشركات وبعضها، الأمر الذي أدى إلى انفصالها وتم تحويل الأمر إلى المحليات والتي أصبحت بدورها، التي تتعامل مع تجميع القمامة والكهرباء هي التي تحصل الفواتير ويتم توريدها إلى المحليات، على حسب تصريحاته. 
فيما يرجع البعض المشكلة ويلخصها في سيطرة 3 شركات فرنسية وإيطالية واسبانية على تعاقدات الحكومة بعقود طويلة الأجل لمدة 15 سنة تنتهي في 2017 تنفق فيها نحو 456 مليون جنيه سنويا، وهو ما جعل "شحاتة المقدس" نقيب الزبالين يهدد الحكومة أنه حال تجديد التعاقد مع تلك الشركات فسوف يضرب عن العمل هو و3 مليون "زبال" يعملون معه على مستوى الجمهورية لتتحول القاهرة إلى "بركة زبالة"، قائلا:" الشركات دي سبب المشكلة التي أوجدتها حكومات نظام مبارك بقرارين خطيرين"، مطالبا بمنحه الرخصة القانونية لمزاولة عمله والتراجع عن قرار إعدام وذبح الخنازير التي كانت تأكل "الزبالة".
واقترح "المقدس" أن يتم التعاقد معه بدل الشركات بأحد نظامين إما حصوله على أجر 5 جنيهات على كل فاتورة كهرباء، مقابل أن يجمع القمامة من الشقق فقط وتقوم سيارات هيئة النظافة بجمعها من الشوارع، والنظام الثاني هو يقوم هو بالاتفاق مع أصحاب الشقق بمتوسط 10 جنيهات شهريا لأنه سيلتزم بنظافة الشارع كله ثم الشقق، كاشفا أنه يمتلك 5000 سيارة وله مصانع تدوير تعمل بأحدث الآلات المستوردة من الخارج لنحو 7000 طن يوميا، وأنهم يقومون بهذا العمل منذ عام 1948، وفي عهد عبدالناصر أصدر قرارا بتخصيص منشية ناصر لتكون مخصصة للزبالين. 


وتعجب نقيب الزبالين أنه بمجرد تصريحه بقدرته على القضاء على القمامة قام محافظ القاهرة بتوجيه رؤساء الوحدات المحلية بحملة مبكرة لجمع القمامة بدلا من استدعائه ودراسة مقترحاته والبحث عن أفضل السبل للتخلص منها.
وبحسب الدراسات التي أجريت على مقدار ما يتم جمعه من القمامة في مصر يقال إنها تحتوى على مكونات تجعل من الممكن تدويرها بنسبة 100%، فطن الزبالة في القاهرة يتكون من 65% مواد عضوية عبارة عن بواقي خضروات وفاكهة وخبز وغيرها من فضلات الطعام ومخلفات المطبخ، 15% ورق، 3% زجاج، 3% بلاستيك، 3% قماش، 1% عظم، 1% معادن، 9% مواد أخرى.
وتشير الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة البيئة إلى زيادة حجم القمامة عامًا تلو الآخر خاصة مع تزايد أعداد السكان وأن ما يتم رفعه منها لا يزيد على النصف في حين يظل قسم كبير في الشوارع، حيث كان حجم القمامة في شوارع القاهرة عام 2000 ما يقرب من 20 مليون طن، أصبح الآن يفوق الـ30 مليون طن.
ووفقا للدراسة يمثل غياب أو تفعيل القوانين الخاصة بالبيئة، وغياب الرقابة مع عدم تطبيق المعايير الفنية الدولية لتقييم أعمال منظومة إدارة المخلفات الصلبة والخدمات المقدمة، وكذلك مشاكل التخطيط العمراني في صيانة الطرق وكثافة المرور، وعدم تحديد مواقع صحيحة ومناسبة لإنشاء محطات النقل الوسيطة داخل مناطق أداء الخدمات، وعدم تخصيص أراضٍ مناسبة لإنشاء مدافن صحية سليمة، وعدم وجود رؤية واضحة للاستفادة من المخلفات الصلبة وإعادة استخدامها وتوليد الطاقة البديلة منها، فضلا عن غياب الدور القوى لمنظمات المجتمع المدني، سببا في تزايد حجم مشكلة القمامة.
ويفسر الكيميائي "شرف إمام" الباحث في إدارة ومعالجة تدوير النفايات، مشكلة فشل الشركات الأجنبية في حل الأزمة قائلا إن التعامل بطريقة صحيحة مع مشكلة القمامة عن طريق إعادة التدوير يمكن تحويلها من نقمة إلى نعمة، فتوفر فرص العمل، وتحمى الصحة والبيئة، وفوق هذا كله تحقق عائدًا اقتصاديًا.
وأشار"امام" أنه يوجد 6 مناطق لنقل المخلفات إليها لفرزها واستخراج المواد الصالحة لإعادة التدوير والمتبقي منها يتم دفنة بطريقه أمنة وصحية ومنها "منشأة ناصر، أرض اللواء، سجن طرة، حلوان، الخصوص)، وأن القاهرة الكبرى تنتج يوميًا16ألف طن مواد عضوية منها 6 آلاف طن مواد عضوية، 6 آلاف طن مواد صلبة مثل الزجاج، البلاستيك، الألومنيوم، المعادن، الخشب، الملابس القديمة) ليتم إعادة تدويرها مرة أخرى لاستفادة مصر بها ونوفر لها ملاين الدولارات في استرداد المواد الصلبة والخام من الخارج.
ويتم تدوير القمامة على مراحل، منها الفرز، التجميع، الغسيل، التكسير، التخريز، التشكيل، الحقن، والتبريد، ومصر تملك ثورة لا يقدرها أحد ولا يتم باستغلالها والانتفاع منها، وهي إنتاجها من القمامة الذي يصل إلى حوالي12 ألف طن قمامة، 11 ألف طن زجاجات فارغة يوميًا و5 آلاف طن مواد بلاستيكية، ويتم تصديرها في النهاية لشركات النظافة الأجنبية. 
ومن جهته أوضح "عيسى هابيل" مؤسس أول شركة وطنية لتدوير القمامة ومسئول للتجميع والنقل المخلفات، أن تدوير القمامة هام جدًا وذلك للحفاظ على نظافة البيئة ولتوليد الطاقة، والاستفادة من المخلفات دون إهدارها. 
وأضاف هابيل أنه توجد في مصر مصانع متخصصة لتدوير القمامة، ومقرها في منطقة منشأه ناصر، وأن هذه المصانع لا تعمل ذلك لأن عائدها أقل بكثير من التكلفة التي ستنفقها من أجل حمل ونقل وتجميع القمامة.
وأشار هابيل إلى أنه لا يوجد تعاون بين عمال النظافة والمصانع في إعادة التدوير، وأصبح هدف العامل الآن تأسيس عمل خاص به، ويقوم بجمع القمامة وتدويرها تحت إشرافه وإدارته، فهذا يقلل من التكلفة في النقل والتحميل، ما يعد هذا سببا من ضمن الأسباب توقف عمل مصانع التدوير القمامة.
وقال "أمين الخال" رئيس الإدارة المركزية للمخلفات والنفايات في جهاز شئون البيئة، إن عملية التدوير المخلفات هامة وأنها جزء من إدارة المخلفات وتعد هي الأقل في التكلفة عن باقي مراحل إدارة المنظومة، لأن الحمل وتجميع ونقل القمامة تغطي الجزء الأكبر في التكلفة.
وأعرب "الخال" عن أسفه من أن العائد الاقتصادي لمنظومة إدارة المخلفات متدن جدًا، ويجب الدعم من قبل الحكومة المصرية ،وذلك لأننا نمتلك نحو 66 مصنعًا لإعادة تدوير المخلفات على مستوى جمهورية مصر العربية ومتوقفة، منوها عن أن السبب الحقيقي لتدني العائد الاقتصادي وتوقف هدة المصانع هو سوء الإدارة والتنظيم من قبل الحكومة المصرية، وتصدير هدة النفايات إلى أشخاص غير مختصين، وبأسعار مرتفعة، والنتيجة يتم إهدارها نتيجة سوء الاستخدام.