كنت أتوقع أن يفوز البابا فرنسيس بجائزة نوبل للسلام، فهو أحق بها من باراك أوباما الذى نالها بعد سنة واحدة له فى البيت الأبيض، إلا أن الجائزة أعطيت لرئيس كولومبيا خوان مانويل سانتوس الذى سأعود إليه بعد قليل.
البابا فرنسيس يتعرض لحملة عنصرية حقيرة من أنصار إسرائيل، ولا أريد أن أتكلم بلغتهم المنحطة، ولكن أقول إن البابا أفضل من حكومة إسرائيل كلها، ومن جيش الاحتلال والمستوطنين، ومن عصابة ليكود فى الولايات المتحدة، فأعضاؤها متواطئون مع جرائم دولة الإرهاب فى فلسطين المحتلة.
واحد من أحقر ليكود أمريكا يهاجم البابا لأنه دان الإرهاب ولكن من دون أن يقول إن المسلمين وراءه. المسلمون ليسوا وراء الإرهاب فهم أكثر من ١.٦ بليون إنسان حول العالم، والإرهابيون الخارجون على الإنسانية كلها وليس على الإسلام فقط أقل من جزء من واحد فى المائة. الكاتب نفسه يقارن فى مقال آخر بين البابا فرنسيس والقديس فرنسيس الذى يزعم أن البابا أخذ اسمه بعد تطويبه بابا الكنيسة الكاثوليكية. المقال يقارن بين رجلـَيْن تفصلهما ألف سنة، ولا مقارنة منطقية فالقديس عاش أيام الحملة الصليبية الخامسة والبابا يعيش اليوم. الكاتب المتطرف يقول إنه عندما سُئِل البابا عن قتل إرهابيين الكاهن جان هامل فى شمال فرنسا رفض أن يدين الإسلام وذكّر السائل بأن إيطالياً قتل صديقته وأن إيطالياً آخر قتل حماته، وكلاهما كاثوليكى، وأنه إذا تكلم عن العنف الإسلامى فيجب أن يتحدث أيضاً عن العنف الكاثوليكى.
البابا إنسانى يحاول أن يقرّب بين الأديان، وهو فى حوار الآن مع كبير الأساقفة جستن ويلبى لإعادة توحيد كنيسة إنجلترا مع الكنيسة الكاثوليكية رغم صعوبة ذلك لأن كنيسة إنجلترا تضم كاهنات وتقف مع مثليى الجنس.
جائزة نوبل للسلام هذه السنة كانت من نصيب الرئيس سانتوس، وهو خيار غريب لأنه فاز بسبب «حسن نيّته» وليس بسبب إنجاز له. فى مطلع هذا الشهر رفض سكان كولومبيا فى استفتاء السلام مع الثوار اليساريين، فلم تمضِ أيام حتى أعلـِن فوز الرئيس بجائزة نوبل للسلام.
لو كانت النوايا تستحق الفوز لطالبت والقارئ بالجائزة لأننا نعمل للسلام حول العالم، ولا نتمنى موت أحد، بل الخير للجميع، خصوصاً أهلنا فى حلب وكل مكان.
نتيجة الاستفتاء كانت متقاربة جداً، فقد رفض السلام مع الثوار ٥٠.٢ فى المائة من الناخبين وقبله ٤٩.٨، ما يبرر فى رأيى استفتاء آخر ينهى حرباً داخلية عمرها ٥٢ سنة.
كان يستحق الفوز بعد البابا فرنسيس أصحاب الخوذ البيضاء الذين يعملون فى الخطوط الأمامية للحرب الأهلية فى سوريا محاولين إنقاذ الناس. هم حصلوا على ٣٢٥ ألف توقيع تؤيد فوزهم بجائزة نوبل للسلام، واعتبرهم كثيرون «خيار الشعب» بين المرشحين للجائزة.
حسناً، سيكون هناك صوت جديد يعمل للسلام حول العالم هو البرتغالى أنطونيو غوتيريس الذى كان المفوض العام للاجئين فى الأمم المتحدة عبر السنوات العشر الماضية، وسيخلف بان كى مون أميناً عاماً للمنظمة العالمية فى الطابق ٣٨ من مقر الأمم المتحدة فى نيويورك فى أول يوم من يناير ٢٠١٧.
أرجو أن يكون أداء غوتيريس أميناً عاماً للأمم المتحدة أفضل من أدائه فى مفوضية اللاجئين، ففى سنة ٢٠١٠ قرر مراقبو حسابات الأمم المتحدة أن تهاون مفوضية اللاجئين فى استعمال المبالغ المتاحة لها فى خدمة اللاجئين قد يمنع الدول المانحة من تكرار الدعم المالى. وتكرر التحذير من سوء إدارة المال بعد خمس سنوات. أقول هذا ثم أسجل أن غوتيريس محبوب بين الذين يعرفونه فى الأمم المتحدة وخارجها فلعله يستطيع الإتيان بمعجزة وهو يكلـَّف بمهمة أراها مستحيلة.
نقلًا عن الحياة اللندنية