الخميس 04 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

بالصور.. "البوابة ستار" في منزل "الجوهرة السمراء" معالي زايد

اخت الفنانة معالي
اخت الفنانة معالي زايد في حوارها مع البوابة ستار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فنانة تشكيلية تمردت على الألوان واعتلت عرش السينما المصرية
قدمت 80 فيلمًا سينمائيًا و60 مسلسلًا تليفزيونيًا و6 مسرحيات و25 لوحة تشكيلية

رغم مرور عامين على رحيلها تظل الفنانة القديرة معالى زايد حاضرة بقوة فى وجدان وشعور جمهورها، وتبقى رمزا من رموز الفن المصرى والعربى الذى قدمت له الكثير من الأعمال الخالدة التى يصعب نسيانها.
عبرت معالى طوال مشوارها الفنى عن شخصيتها بتلقائية الفنان الذى يحمل قلبا كبيرا وخفة ظل حقيقية تعلوها ابتسامة رقيقة. كانت متمردة على نفسها تحمل قلبا أصفى من اللبن الحليب بشهادة كل معارفها، وهو ما لم يكن يعرفه سوى قليلين.. التنوع كان من سماتها، فكانت ترفض تكرار الشخصيات التى تقدمها على الشاشة، ورغم أنها لم تكن أمًّا فى الحقيقة لكنها قدمت عشرات الأدوار لدور الأم وأبدعت فيها.
وبلغ الرصيد الفنى لمعالى زايد نحو ٨٠ فيلمًا سينمائيًا، و٦٠ مسلسلًا تليفزيونيًا، بالإضافة إلى ٦ مسرحيات، واستطاعت أن تحقق فى حياتها كل حلم تتمناه وكل من اقترب منها يعرف جيدًا مدى شغفها بالرسم بوصفه فنها الأول الذى درسته مدة خمس سنوات بكلية التربية الفنية، ولذلك كان حلمها فى إنشاء مزرعة لتربية الحيوانات وإقامة معرض خاص يضم لوحاتها الفنية.

فى السطور القادمة نلقى الضوء على الوجه الآخر للفنانة القديرة معالى زايد لنعرف الجوانب الخفية من حياتها الإنسانية، من خلال زيارة خاصة إلى شقتها فى شارع شامبليون بوسط القاهرة، والتقينا شقيقتها الكبرى جيجى التى لا تزال تراها حاضرة فى حياتها بروحها التى لا تفارقها.
ببساطتها المعهودة دعتنا جيجى إلى منزل معالى زايد الذى ولدت وتربت فيه.
تقول جيجى: «معالى رحمة الله عليها كانت أما وأختا لى، وكانت عينى التى أرى بها الدنيا، وفى أيامها الأخيرة كانت تعانى من مشاكل فى الرئة ولم نعرف سببها وذهبنا بها إلى أكثر من طبيب، وأجرت بعض الفحوصات وقتها، لنكتشف إصابتها بمرض سرطان الرئة اللعين، وبدأت رحلة العلاج حتى تدهورت حالتها الصحية سريعًا، وقال القدر كلمته وأسدل الستار على حياتها الثرية بالعطاء، فكان موتها صدمة كبيرة».

المرسم الخاص بالفنانة معالى زايد كان محطتنا الأولى، وهنا تقول جيجى: «الرسم كان حياتها، وكان لديها حلم يراودها منذ صغرها وهو إقامة معرض خاص يضم لوحاتها.
وبالفعل فى عام ٢٠٠٣ قررت أن تقيم معرضها الفنى الوحيد بعد رغبة ملحة وحلم ظل مؤجلا طويلًا للتعبير عن نفسها وأفكارها، وليس عن الأدوار العديدة التى تقمصتها وكان فى الزمالك، وقدمت فيه أعمالًا عن الطبيعة مثل الشجر والبحر والإنسان، كما صورت بريشتها معاناة الشعب الفلسطينى، فضلا عن بورتريهات لأمها آمال زايد وغيرها كثيرا».
وتابعت: «هذه اللوحات عبرت عن معالى الإنسانة من خلال الإضاءة وكاميرات التصوير عبر ٢٥ لوحة أطلقت عليها «الوجه الآخر» لها وأضافت جيجى: «إن كثيرا من الناس كانوا لا يعرفون أن معالى زايد الممثلة هى أيضًا فنانة تشكيلية، وكان لها مرسم خاص فى مسكنها، وأقامت أول معارضها قبل عدة سنوات، وأن هذه اللوحات اتسمت بالواقعية غير الأكاديمية، لأن معالى كانت إنسانة عفوية وفطرية، وبعض اللوحات الأخرى تميل إلى التجريدية، وهذا ليس غريبًا عليها فهى كفنانة وممثلة شهيرة سافرت إلى كثير من الدول حول العالم، واطلعت على ثقافات عديدة، لذا كان من الطبيعى أن تكون لديها دراية بالمدارس الفنية، وما وصل إليه الفن فى العالم أجمع، كما أنها مصرية حتى النخاع تعشق تراب مصر، ورغم سفرها إلى معظم دول عالم إلا أنها عندما كانت تعود تقول: مافيش بلد زى مصر الحضن والدفا»، وكان من الواضح أيضًا اهتمامها بأحداث الشارع المصرى مما أكسبها ثقافة بصرية عالية ظهرت بوضوح فى أعمالها التشكيلية، وذهبنا إلى المكتبة الخاصة بها وواصلت حديثها قائلة: «إن معالى رحمها الله كان لديها شغف كبير للقراءة، وكانت مطلعة على كل ما يدور حولها، وتهتم بأحداث الشارع المصرى لحظة بلحظة، ولم تكتف بالتمثيل أو الرسم فقط، فكانت تشارك فى كل الأحداث والمناسبات الوطنية، وكان قلبها يتمزق عندما تشاهد الأحداث العصيبة التى مرت بها مصر، وتتحدث معى على الهاتف وتنهمر فى البكاء وكانت ترى أى شهيد هو ابنها الذى مات فكانت تحب مصر وتعشقها بجنون، ولم أر فى حياتى إنسانة مرتبطة ببلدها لهذه الدرجة، فنحن أربعة إخوة ثلاث بنات وأخ واحد، وقد عرضنا عليها يومًا ما أن تسافر وتعيش خارج مصر، ولكنها أبت بشدة لعشقها لتراب الوطن، فهى عاطفية للغاية، ودائمًا العاطفة هى التى تغلب عليها ولم تكره أحدا، فهى إنسانة تلقائية وعفوية تتعامل مع كل الناس على طبيعتها كالأطفال فى براءتهم وتلقائيتهم، وغير متكلفة ولا تتباهى بنجوميتها، وبسيطة للغاية وغير معقدة».

ومن الفن التشكيلى الذى كانت تعشقه إلى جانب أعمالها التى قدمتها وأعزها وأقربها إلى قلبها قالت جيجى: «معالى كانت تعتز كثيرا بمسلسل «دموع فى عيون وقحة» الذى قدمته مع الفنان عادل إمام، وتعتبره من أهم وأقرب الأعمال إلى قلبها، ولا تأتى مناسبة إلا وتذكره، وكأنه ابنها البكر، وهذا العمل مهم لها، وقد حصلت عنه على جوائز أحسن ممثلة ولديها ذكريات كثيرة خاصة به».
أثناء حديثنا أخذتنا شقيقتها لغرفة النوم الخاصة بها لتقول: «أنا لم أنقل أى شىء من مكانه، وهذه آخر زجاجة تناولت منها المياه قبل دخولها المستشفى بساعات، وكل ما أفعله عندما آتى من الإسكندرية، حيث أقيم هناك، أقوم بتنظيف الغرف فقط، وهذه الغرفة كانت من أكثر الغرف التى تحبها فى المنزل، وتفعل فيها كل شىء، تأكل وتشرب وتقرأ الكتب وتشاهد التليفزيون وتستقبل الضيوف، سواء كانوا أصدقاءها أو زملاءها، حيث تشعر بالراحة والاطمئنان، وتضع بها كل صورها وشهادات التكريم والتقدير الخاصة بها، والفرشاة واللوحات، لأنها كانت تعشق الرسم، فهو كان متعتها الوحيدة التى تقضى بها وقت فراغها، بالإضافة إلى حرصها الدائم على وجود القرآن الكريم فى كل أرجاء الشقة»، وأشارت شقيقتها إلى الدولاب الخاص بها: «هذه هى ثيابها والإكسسوارات الخاصة بها، فأنا أهتم بوضع كل شىء فى مكانه، ولم أفرط فى أى قطعة منها، فهى جزء منها، ومنا جميعا، وأتعامل مع كل ركن من أركان الشقة كأنها تعيش فيها وأكثر، فهى نصفى الثانى، وبالنسبة لى هى تعيش معى طوال الوقت، ولا أعتبر أنها ماتت، بل أراها معى فى الشقة تحدثنى وتأكل معى وتشرب وتتناقش، لأن جسدها هو فقط الذى رحل أما روحها فهى ترفرف من حولنا وتعيش بيننا».
وتضيف جيجى: «عند جلوسى على سريرها أتذكر كثيرًا حديثنا مع بعضنا البعض فكنا نتحدث حتى مطلع الفجر ولا نكل ولا نمل وبعد خروجنا من حجرة نومها نجدنا تلقائيا نتجه إلى المطبخ»، وهنا أضافت شقيقتها: «كانت تستمتع للغاية بطهى الطعام رغم وجود الطباخة الخاصة بها، إلا أنها كانت تشرف على الطعام بنفسها، وتضع يديها فى كل كبيرة وصغيرة، فهى كانت عاشقة للطبخ، وتحب أن تصنع كل شيء بنفسها، وتفرح بذلك كثيرا وتفخر بنفسها أثناء تجهيز الطعام». 
وعن المزرعة الخاصة بها وأهميتها بالنسبة لها قالت شقيقتها: «إن المزرعة كانت لها أهمية خاصة لدى معالى زايد حيث تركت شقتها فى شارع شامبليون وأقامت هناك فى مزرعتها». وتضيف: «كانت تحب الزراعة، وتعاملها مع النباتات علمها الصبر والهدوء وتناسق الألوان، كما كانت تربى كل أنواع الحيوانات، وكان لديها حارسان يتابعان معها المزرعة، وقامت بتسمية الحيوانات بأسمائنا، أنا وشقيقى محمد وأحفادى وأحفاده، وكان حفيدى الأصغر يعشقها بجنون، ويظل معها هناك كثيرًا يلعب معها، نجحت فى تحقيق كل شىء تتمناه وتحبه، ولم تكن تتمنى شيئا وتحلم به إلا وتسعى لتحقيقه وتوفق فى ذلك تماما».