قد يبدو دكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة من الوزراء المرضى عن أدائهم بشكل عام، خاصة بعد انتهاء أزمة انقطاع التيار الكهربائي؛ لكن لا ينبغى نسيان أن جميع محطات توليد الكهرباء الجديدة قد تم إنشاؤها وتصميمها وتشغيلها تحت إشراف القوات المسلحة؛ أى أنه ليس لمعالى الوزير فضل يذكر فى هذا الشأن، اللهم إلا الظهور فى مراسم الافتتاح استكمالاً للشكل البروتوكولى.
للوزير شاكر عجائب وغرائب، ترويها تقارير الرقابة الإدارية والمستندات المرفقة ببلاغات النائب العام بشأن وقائع فساد مالى وإدارى وتهديد للأمن القومى داخل هيئة الطاقة الذرية، ومن العجيب أن يستمر هذا الوزير فى منصبه ليشرف على مشروع الضبعة النووى، بينما هو يتقاعس عن حمل ملفات الفساد إلى جهات التحقيق المختصة لتطهير مفاصل وزارته من تحالف البيروقراطية والإرهاب.
بعض تلك الملفات بدأت أجهزة رقابية وسيادية فتحها فى إطار عملية مراجعة شاملة لعمل لجان مكافحة الفساد داخل جميع الوزارات ومن بينها وزارة الكهرباء والطاقة.
من وقائع فساد وزارة شاكر اعتراض ممثل وزارة المالية بمجلس إدارة الطاقة الذرية على استمرار وجود ثلاثة مشروعات لمدة ٢٠ عاماً دون تحديد وقت لانتهائها، واستهلاك كل منها ٣٠ مليون جنيه سنوياً من ميزانية الدولة دون عائد يذكر وهي: مشروع المفاعل البحثى الثانى الأرجنتينى، ومشروع السيلكترون، ومشروع المزارع التجريبية.
مع العلم أن معظم هذه المشروعات اقتصادية أى أنها تحقق عائداً مالياً لما تنتجه، وهذا ما لم يحدث بأى منها، فحتى الآن فشل المفاعل الأرجنتينى فى إنتاج النظائر المشعة، أما المزارع التجريبية فحدث ولا حرج، فبعد سنوات من إهدار المال العام توصل جهاز الكسب غير المشروع إلى تورط المسئولين عنه فى ضياع ١٣٣ مليون جنيه، ورفض تقرير للرقابة الإدارية ضياع أجهزة ومعدات ومواد كيماوية بما قيمته ٥٠ مليون جنيه.
ويوثق بلاغ للنائب العام أكبر جريمة لتهديد الأمن القومى المصرى شهد مشروع المزارع التجريبية تفاصيل وقائعها.
المشروع معنى فى الأساس بأبحاث الهندسة الوراثية وتحسين إنتاجية القمح وسلالات المحاصيل المختلفة، ومع ذلك لم يُقدم رغم الملايين المهدرة بحث واحد فى أى من تلك المجالات، أو براءة اختراع.
البلاغ الذى يحمل رقم (٦٨٨٠) يؤكد أن السنة الأولى للمشروع قد شهدت تخصيص ٢٠ مليون جنيه نقدا وأجهزة ومواد كيماوية بما قيمته ٣٠ مليون جنيه، وأن المسئولين عن المشروع طلبوا من الباحثين التوقيع على مستندات استهلاك أجهزة وكيماويات بمئات الآلاف من الجنيهات دون أن يكونوا قد استهلكوا تلك المواد بشكل فعلى فى أبحاث علمية.
ويلخص البلاغ المقدم من أحد علماء مركز البحوث النووية وقائع الجريمة أن المسئولين عن المشروع قد تسببوا فى تدمير مشروع علمى مختص بأبحاث الهندسة الوراثية ومرتبط بأبحاث الحرب البيولوجية والتعرف على ما تنتجه الدول الأخرى من أبحاث تخص الأسلحة الميكروبية والفيروسية وكيفية مواجهتها. الملفت أن المسئول عن المشروع والمعنى بالبلاغ د. حافظ الفولى قد تم إبعاده عن المزارع التجريبية لكنه مستمر حتى هذه اللحظة كمشرف على مشروع الكشف الإشعاعى وكان من المنتظر إبعاده عن أى مسئولية حتى انتهاء التحقيقات على أقل تقدير لاسيما أنه المتحكم فى صرف مكافآت المشروع وبدلات الانتقال بدءا من رئيس الهيئة د. عاطف عبدالحميد وصولاً إلى العاملين بالمشروع.
غير أن عجيبة الوزير شاكر قيامه بتعيين حسن محمود رئيس قطاع شئون مقر الوزارة رئيسا للجنة مكافحة الفساد رغم أنه وبحكم إشرافه على جميع الهيئات النووية وفى مقدمتها الطاقة الذرية وعضويته داخل مجلس إدارة الهيئة على علم بكافة تفاصيل تلك الوقائع، والتقارير الرقابية المعنية بها، ومع ذلك لم يتدخل حسن محمود على نحو يشى بأنه الرجل المناسب ليقود عملية مكافحة الفساد داخل وزارة الكهرباء والطاقة، بل إنه صمت على استمرار عمل حافظ الفولى بمشروع الكشف الإشعاعى، بل واستمرار وجود ٨ عناصر إخوانية داخل مواقع حساسة طالبت التقارير المعنية باستبعادهم.