بعد أكثر من خمس سنوات من ثورة ٢٥ يناير، اعترف الإعلام الحكومى ممثلًا فى التليفزيون المصرى الرسمي بأن مبارك هو قائد الضربة الجوية الحاسمة فى حرب أكتوبر، وقدم التحية والامتنان لدوره الكبير، بعدما أهالوا التراب على كل ما قدمه للبلاد بل ومحو أى صلة لمبارك بالحرب من قريب أو بعيد، وكانت ذكرى أكتوبر تمر علينا خلال السنوات الخمس الماضية مرور الكرام دون ذكر مبارك، إلا أنه فى هذا العام قدم التليفزيون التحية بالحب والامتنان لمبارك لما قام به فى الحرب، وأنه صاحب الضربة الجوية من خلال برنامج «صباح الخير يا مصر» عندما وصف المذيع جورج رشاد مبارك بأنه قائد الضربة الجوية فى حرب أكتوبر ١٩٧٣. والمعروف لدينا أو كما هو الشائع أن مبارك كان قائد سلاح الجو خلال حرب أكتوبر، وأنه قام بضربة جوية وبهذا الكلام اكتسب مبارك شرعيته للحكم عقب موت السادات فى عام ١٩٨١، ولكن دور الرئيس الأسبق، فى حرب أكتوبر، هو محل خلاف ولم يحسم حتى الآن. ومن ناحية أخرى فإن دوره فى الحرب إذا حسم فهو لا يعفيه من الممارسات التى ارتكبها خلال فترة توليه رئاسة مصر خلال ٣٠ سنة، وما فعله بالفريق الشاذلى الذى تم حبسه ظلمًا وعدوانًا، رغم دوره الأعظم فى الحرب، ناهيك عن كبائر مبارك السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وفساد نظامه وبعض رجال أعماله خاصة صاحب المقال الشهير «دعوة للتفاؤل»!! وقمعه لشعبه فى سجون العادلى وغياب العدالة والحرية والكرامة الإنسانية وهى الشعارات التى قامت من أجلها الثورة عليه فى ٢٥ يناير.
ناهيك عن إعلام مبارك المضلل أيام صفوت الشريف وأنس الفقى الذى كان يسير على خطى إعلام «جوبلز» وزير الإعلام النازى فى عهد هتلر ومؤسس البروباجندا السياسية الألمانية الذى كانت له مقولات منها «اكذب حتى يصدقك الناس» و«اعطينى إعلامًا كاذبًا أعطك شعبًا بلا وعى»! تمامًا كما قدم إعلام مبارك الكذب والتضليل وحجب الحقائق وتزييفها وبث الشائعات وتغيير التاريخ، ناهيك عن اختصار أحوال البلاد ماضيها وحاضرها ومستقبلها فى شخص الرئيس الفرعون! وكأنه كان يقول لشعبه أنا ربكم الأعلى! حتى أصبحنا دولة قائمة على فرد وليس دولة مؤسسات كما كان إعلامه الفاشل يغنى علينا ليلًا ونهارًا!
كما تناقلت بعض المصادر أقوالًا متناقضة عن الرئيس الأسبق مبارك ومشاركته فى قيادة طائرة خلال الضربة الجوية الأولى فى حرب أكتوبر، ربما هذا التناقض سببه عدم الإفراج عن وثائق الحرب حتى الآن، ومن هذه الأقوال نفى أى دور لمبارك فى الحرب مثل الكاتب محمد حسنين هيكل فى حواره للأهرام قبيل وفاته بسنة وشهور، مؤكدا أن الحديث عن الضربة الجوية وتصويرها على النحو الذى صورت به كان كذبًا صريحًا له قصد وهو تأسيس شرعية لمبارك.. وقال مدير الشئون المعنوية الأسبق اللواء سمير فراج لـ«اليوم السابع» بأن صورة هيئة عمليات حرب أكتوبر والتى يظهر فيها مبارك، والتى يتم تداولها بشكل كبير، غير صحيحة أو مفبركة، فقد كان الرئيس الأسبق متواجدا فى مركز قيادة القوات الجوية فى يوم ٦ أكتوبر، أن الصورة التى تم رسمها فى بانوراما أكتوبر بمدينة نصر، وظهر فيها مبارك حقيقية، ولكن تم التقاطها بعد حرب أكتوبر!!وأن الصورة الحقيقية لهيئة عمليات حرب أكتوبر، كانت تضم وزير الدفاع الفريق أحمد إسماعيل على يمين السادات، والفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الأركان على يسار الرئيس الراحل السادات. بينما الإعلام خلال عهد مبارك كان يعظم ويمجد من دور مبارك فى الحرب بشكل مبالغ فيه من خلال بروباجندا صنعها إعلامه الفاسد حتى أنه اختصر الحرب كلها فى ضربة جوية قام بها مبارك.
كما بدت اتجاهات الحكومة السلبية تجاه مبارك بعد ثورة ٢٥ يناير من خلال طرائف وزارة التربية والتعليم المتعددة التى حذفت اسم ودور الرئيس الأسبق مبارك فى حرب أكتوبر، فبعد أن وصفت كتب التاريخ قبل ثورة ٢٥ يناير حسنى مبارك بـ«صاحب أول ضربة جوية» تنصلت المناهج من دور مبارك فى الحرب تمامًا، خاصة بعد تغيير الكتاب عقب أحداث ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو!! وجاء هذا فى سرد وكتابة تاريخ مصر الحديث، للثانوية العامة نسخة ٢٠١٧..وفى منهج التاريخ فى الفصل الثامن أثناء سرد أحداث ووقائع ثورة ٢٥ يناير ذكر أن الرئيس مبارك كان يستعطف الشعب حتى يظل فى مكانه! وجاء نص العبارة: تسارعت الأحداث وأصر مبارك على البقاء وأصدر بيانًا يحاول من خلاله استدرار العطف عليه، لكنه تنحى عن الحكم بعد ١٨ يومًا من الثورة!! ولكن على أى حال فمهما يقال عن مبارك فإنه لا يمكن إنكار دوره مع آخرين فى بناء السلاح الجوى القوى فى الحرب، وكان السادات مستوعبا أهمية سلاح الطيران فى الحرب وقال لمبارك عند تعيينه قائدًا لسلاح الطيران: إن الطيران هو فيصل الحرب وعليك من هذه اللحظة أن تختار أسلوبًا جديدًا لاستخدام الطيران.. ولكن التساؤل الذى يطرح نفسه دائمًا كلما حلت ذكرى حرب أكتوبر، وهو لماذا لم يتم الإفراج عن الوثائق الرسمية للحرب حتى الآن بالرغم من مرور ٤٣ عامًا على الحرب؟ للتعرف على يوميات حرب أكتوبر، ودور كل قائد وما تم جمعه من معلومات المشاركين فيها.. وعندئذ نقطع بالوثائق الشك باليقين؟ .