الإثنين 10 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الخروج الأمريكي من الصراع السوري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إذا كان ما قاله السفير الأمريكى السابق فى دمشق روبرت فورد عن الصراع المحتدم فى سوريا صحيحًا، إذ أكّد أن الولايات المتحدة قد خرجت عمليًّا وفعليًّا من هذا الصراع، ومعها المجموعة الأوروبية كلها، وأن الأمور قد أصبحت كلها فى يد روسيا وإيران وتركيا، فإنَّ هذا يعنى أن القادم سيكون أعظم، وأنه على «الانكفائيين» والمتفرجين العرب أن «يتحسسوا»، من الآن، رؤوسهم وأعناقهم، وذلك لأن أطماع الإيرانيين باتت معروفة وواضحة، ولأن تحالفًا كهذا سيكون «مدحلة» ستهرس كل «الرؤوس الصغيرة»، مادامت «الرؤوس الكبيرة»، حسب هذا الدبلوماسى الذى كان قد تسلم الملف السورى لفترة طويلة، قد «طُؤطئت» أمام رأس فلاديمير بوتين وحلفائه. لا شك فى أنَّ هذا الدبلوماسى السابق، الذى التحق بعد تقاعده بأحد مراكز الدراسات الاستراتيجية فى الولايات المتحدة، يعرف الكثير عن هذا الملف، وأنه متابع عن قرب للأزمة السورية، التى مع الوقت وكثرة المتدخلين أصبحت أزمة عالمية، لكن ما يدعو إلى التريث، قبل البناء سياسيًا على هذا الذى قاله روبرت فورد، هو أنه إذا كانت فعلًا هذه حال أمريكا فإنه عليها أن تدرك، من الآن، أنها ذاهبة إلى التمزق، وأن كل واحدة من ولاياتها ستصبح دولة مستقلة تختبئ هناك وراء الأطلسى لتنهمك فى شئونها الداخلية.
والحقيقة أنه يجب أخذ هذا الذى قاله فورد بعين الاعتبار، فأولًا لقد بات واضحًا أن قرارًا استراتيجيًا كهذا القرار، لم يعد لا فى يد أوباما ولا فى يد كيرى، بل فى أيدى مجموعة «الصقور» من الديموقراطيين، وأيضًا من الجمهوريين الذين يعرفون أن من يخسر هذه المواجهة فى سوريا سيخسر الشرق الأوسط كله، وهو الذى لا يزال والذى سيبقى منطقة مصالح حيوية، واستراتيجية للولايات المتحدة!
إن هؤلاء «الصقور» يعرفون أنه إذا كان هذا الذى قاله فورد هو الحقيقة فإن خطوة بوتين المقبلة ستكون المجال الحيوى السابق للاتحاد السوفيتى، عندما كان فى ذروة قوته، أى ستكون فى اتجاه أوروبا الشرقية التى كانت تجربة دولها مع الاتحاد الأوروبى محبطة وسيئة والتى تربط العديد منها علاقات قومية – عرقية مع روسيا الاتحادية، وعلاقات دينية، على أساس أن معظمها تابع للكنيسة الأرثوذكسية فى موسكو.. ثم إنًّ المؤكد أن هؤلاء «الصقور» يعرفون، إذا كان أوباما لا يعرف، أنه إذا خسرت الولايات المتحدة الشرق الأوسط، وخسرت أوروبا الشرقية.. وبالتالى أوروبا الغربية، فإنها ستتحول إلى دولة بائسة تختبئ وراء المحيط الأطلسى، وأن الميدان العالمى كله ستحتله قوتان هما روسيا الاتحادية والصين.
وهكذا، فأغلب الظن أن ما قاله فورد هو مجرد استنتاجات افتراضية فى لحظة إحباط وتشاؤم، وأن الحقيقة هى أن الولايات المتحدة التى لا تزال أكبر وأقوى قوة فى العالم لا يمكن أن تسمح لرئيسها «الراحل» بتسليم كل الأوراق لروسيا الاتحادية وحليفتها إيران، وأنها لا يمكن أن تترك تركيا العضو المؤسس فى حلف شمال الأطلسى، ولاحقًا أوروبا الشرقية، فريسةً لنزوات فلاديمير بوتين الذى من المؤكد أن لجوءه إلى التصعيد، وإلى كل هذه الحركات «البهلوانية» الاستعراضية بحرًا وبرًا وسماءً، هو دلالة ضعف وخوف، وليس دلالة شجاعة وقوة!
نقلًا عن «الجريدة الكويتية»