استكمالًا لمقالنا فى العدد السابق بجريدة «البوابة»، والذى كان عنوانه «حذار من الخلايا النائمة» أبرزنا تعدد هذه الخلايا، وأنها ليست قاصرة على جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، وحلفائها من تنظيمات إسلامية إرهابية أخرى تسير على ذات النهج، ولفتنا النظر إلى أن حصر هذه الخلايا لا يكون بالتركيز على الأعداد التى قامت الجماعة بزراعتها فى مفاصل الدولة بعد ثورة ٢٥ يناير، ونجاحها فى الاستيلاء على السلطة فى مصر الأمر الذى أدى إلى استكمال الشعب المصرى لثورته وتصحيح مسارها بثورة ٣٠ يونيو وإسقاط سلطة الفاشية الدينية، فعلينا العودة إلى الرصد لتلك الخلايا لفترة تحالف الرئيس الراحل أنور السادات مع جماعات الإسلام السياسى، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين للتصدى لليسار المصرى خلال فترة السبعينيات.
لأن أفراد الخلايا التى تمت زراعتها خلال هذه الفترة على قدر كبير من الخطورة، وتتمتع بقدر كبير من الدهاء السياسى، واتباعها أسلوب التقية فى التخفى عن أنظار جهات الأمن، كما أنها نمت وازدهرت فى أوساط المجتمع المختلفة، وأصبح لها تأثير كبير، ووصلت لمراكز قيادية، وهذا يفسر قيام البعض ومن بينهم قيادات جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية باقتحام مقر مباحث أمن الدولة بمدينة نصر والاستيلاء على الملفات وحرقها.
ويضاف لهذه الخلايا.. خلايا الطابور الخامس التى ظهرت مع بداية انتهاج سياسة الانفتاح الاقتصادى، وفتح أبواب مصر على مصراعيها لكافة الهيئات والمؤسسات الأجنبية، ما سهل اختراق كل مناحى الحياة باستثناء قواتنا المسلحة التى حافظت على نفسها من الاختراق، وشهدت هذه الفترة ميلاد ما تسمى منظمات التمويل الأجنبى تحت مسمى منظمات المجتمع المدنى، والتى لا تمت بأى صلة له، وساعد على ذلك المناخ السياسى وفرار البعض من وطيس السجن والاعتقال لعمل اجتماعى على قدر من الشياكة، ويتيح جمع الأموال الأجنبية للتعويض عما فات والارتقاء لطبقة الأغنياء، وهذه الخلايا نمت وانتشرت خلال فترة الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، حيث رأت القيادة السياسية آنذاك أن خير وسيلة لإفساد النخبة السياسية هو السماح لها بتلقى التمويل الأجنبى حتى تشوه، وفيما تعارض، ما أسهل اتهامها بالعمالة لبعض الجهات الأجنبية؟! وكان هذا على حساب الأمن القومى المصرى، فكل يوم يمر على نشاط هذه المنظمات يؤكد عدم ولائها للوطن وولاءها لجهات التمويل، ما أفقدها الوطنية، وتقاريرها أصبحت سلاحًا فى يد أعدائنا لطعن ظهر الوطن، وهذه الخلايا مدربة على يد أجهزة المخابرات العالمية من خلال الورش والدورات التدريبية والمعسكرات التى أعدت لها بالخارج، وانتماء هذه الخلايا ليس قاصرًا على فصيل سياسى بعينه بل امتدت لكل القوى السياسية المصرية، وكانت سببًا فى انهيار العديد من الأحزاب وإثارة الأزمات فى بعض النقابات سواء كانت عمالية أو مهنية.
ولا ننسى خلايا الفلول والانتهازيين والوصوليين الذين يخافون على مصالحهم ووضعهم الاجتماعى الذى اكتسبوه قبل ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، ويحدوهم الأمل فى عودة الأوضاع إلى ما قبل تلك الثورتين، سواء المخلوع أو المعزول، وهذا النوع الأخير من الخلايا بمثابة جراثيم شديدة الخطورة تفتك بجسد الوطن، وهى التى كانت وراء الارتفاع الجنونى للأسعار مما خلف حالة من الاحتقان لدى المواطنين كما أنها تعد مرتعًا للفساد والمفسدين.
ويجب علينا أن نعترف بأننا لم نقم بفرز الصفوف حتى الآن منذ ثورة ٣٠ يونيو، واستمرت هذه الخلايا تنهش فى جسد الوطن والمواطنين، ولم نعزلها أو نقدمها للمحاكمة على الجرائم التى ارتكبتها فى حقنا، وأصبحت بمثابة جسر ممهد لجميع المؤامرات والمخططات التى تحاك ضدنا، سواء مخطط إفشال الدولة تمهيدًا لإسقاطها أو إشاعة الفوضى أو الوقيعة ما بين الجيش وقيادتنا الوطنية والشعب، أو المخطط القديم «مخطط التفتيت والتقسيم» الذى نجحنا فى فضحه وإفشاله ومحاصرته فى العراق وسوريا وليبيا واليمن، ووقفه ضد دول الخليج والسعودية، لكن ما زال يطل برأسه لأننا لم نقض عليه تماما، ولكى لا يكون كلامًا مرسلًا أو ترويجًا لنظرية المؤامرة نقدم لكم الدليل على صحة ما نقول، حيث طالعتنا الصحف بخبر القبض على العديد من الخلايا، أولاها خلية جماعة الإخوان المسلمين بوزارة التربية والتعليم، وتضم هذه الخلية عددًا من القيادات نجحت فى شغل مواقع قيادية فى الوزارة، فأحدهم أصبح مستشارًا خاصًا لرئيس الإدارة المركزية لقطاع الكتب، وهذه الخلية لعبت دورًا أساسيًا فى الأزمة التى حدثت ما بين الوزارة وأصحاب المطابع الخاصة قبل بدء العام الدراسي.
والثانية خلية صناعة الأزمات، وهذه الخلية اختارتهم قيادة الجماعة الهاربة ممن لهم دراية وخبرة بالعمل الحكومى، وتلقوا تعليمات من القيادات الإخوانجية الهاربة فى قطر وتركيا باستغلال الأوضاع الاقتصادية وافتعال الأزمات وتفعيل بعضها لخلق حالة من حالات الاحتقان لدى الشعب، واستغلوا الزيادة الجنونية للعديد من أسعار السلع الأساسية التى كان وراءها بعض التجار ومحتكرو أسعار السلع، سواء كانوا إخوانًا أو فلولا، بل اعترفوا فى التحقيقات بأنهم قاموا بتجميع الأسلحة فى بعض مزارع محافظة القليوبية، واستغلوا أزمات الدولار والبنزين والغاز والوقفات الاحتجاجية لحملة الماجستير والدكتوراه، كما أنهم منتشرون فى جميع الأوساط الاجتماعية، بمن فيهم سائقو التوك توك والباعة الجائلون، واتباعهم لأسلوبى الإنهاك والإرباك، وتلقوا رواتب شهرية بالدولار من قطر وتركيا وقاموا باستئجار مكاتب استيراد وتصدير ومخازن لتجميع السلع فيها لكى ترتفع أسعارها، كما كشفت التحقيقات عن صلة هذه الخلية بحركة ثورة الغلابة التى يتم الإعداد لها من خلال الدعوة لتظاهرات فى ١١/١١/٢٠١٦ من خلال قيادات الخلايا التى ذكرناها وتقيم بأمريكا، وثالث الخلايا هى خلية بث التشاؤم والإحباط واليأس لدى الشعب المصرى وذلك بترويج الشائعات والتشكيك فى المشاريع القومية، وهذه الخلايا ليست ببعيد عن العثور على بقعة زيت كبيرة لمسافة طويلة فى طريق صلاح سالم فى أول يوم دراسى، ما أدى إلى تكدس السيارات وتعطيل الحركة المرورية وحدوث تصادم وانقلاب لبعض السيارات دون حدوث إصابات، أو استغلال بعض المطالب للعاملين بهيئة النقل العام والدعوة للإضراب مستغلين بدء العام الدراسى الجديد أو إمداد منظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية المعادية لمصر بمعلومات كاذبة قامت بإعدادها فى تقرير بعنوان «حياة القبور.. انتهاكات سجن العقرب فى مصر» لتشويه صورة مصر بعد النجاحات التى حققتها من خلال حضور اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة ومجلس الأمن ودعوة هذه الخلايا لتظاهرات ١١/١١/٢٠١٦ تحت مسمى ثورة الغلابة، ونحن لا نطالب بفرز الصفوف وعزل هذه الخلايا عن المراكز القيادية فى العديد من الوزارات والهيئات والمصالح والنقابات والجمعيات وكافة التجمعات الجماهيرية فقط.
إنما نطالب أيضا الوزارة بعدم الإقدام على سياسات أو قرارات تساعد هذه الخلايا فى مخططاتها فهل يعقل أن يعطى السيد رئيس الجمهورية تعليمات للوزارة بإعداد خطة سريعة للقضاء على ارتفاع الأسعار خلال شهرين وتقوم الوزارة بتأجيل الاجتماع الأسبوعى الذى كان محددًا لمناقشة هذا الأمر؟ وكذلك التصريحات لبعض الوزراء حول رفع أسعار بعض الخدمات وترك الحبل على الغارب لمحتكرى السلع وعدم فرض تسعيرة جبرية وإحياء محاكم أمن الدولة للضرب بيد من حديد على التجار الجشعين وسارقى قوت الشعب.