كتب مندوب جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية فى الصحافة المصرية مؤخرًا مقالة يتحدث فيها عن أهمية تحقيق الوفاق السياسى، ولكن أبدا لم يذكر أن جماعة الإخوان فى فترة حكمها القصيرة التى كانت مجللة بالسواد هى التى ابتدعت الشقاق السياسى بعد ثورة ٢٥ يناير!
وبيان ذلك أنها بعد أن نجحت فى تمرير الاستفتاء الخاص «بالدستور أولا أو الانتخابات أولا» الذى صاغت بنوده لجنة إخوانية الهوى، وبعد أن أشاعت أن الاستفتاء ينبغى أن يمثل «غزوة الصناديق» أعدت نفسها جيدا للانتخابات البرلمانية بحكم تنظيمها الحديدى وبالمساحة الاجتماعية الواسعة التى سمح لها فيها نظام «حسنى مبارك» بالتغلغل فى القرى والمدن، استطاعت أن تحصل على الأكثرية فى مجلسى الشعب والشورى هى وحزب النور السلفى الذى ظهر على الساحة فجأة بفكره الرجعى المتخلف.
وقد غرت نتيجة الانتخابات مكتب الإرشاد، وذلك بعد أن أعلن أن الجماعة الإرهابية لن تقدم مرشحا لرئاسة الجمهورية، فخالفت ذلك، وقدمت الشاطر مرشحا، وحين تم استبعاده رشحت المرشح «الإستبن» الدكتور «محمد مرسى» الذى نجح فى ظروف ملتبسة فى جولة الإعادة بفارق ضئيل للغاية عن منافسه الفريق «أحمد شفيق».
وسرعان ما بدأ مكتب الإرشاد حملة منظمة لبذر بذور الشقاق السياسى فى المجتمع، فقد أرادت الجماعة أن تهيمن على غالبية الجمعية التأسيسية حتى تضمن أن يصدر الدستور على هواها الإيديولوجى، بالإضافة إلى أنها افتعلت الأزمات افتعالا مع مؤسسات الدولة، وفى مقدمتها النظام القضائى وخصوصا المحكمة الدستورية العليا التى أرسلت الجماعة بعصاباتها لكى تحاصرها، وتمنع قضاتها الأجلاء من دخول المحكمة حتى لا تحكم ببطلان تكوين الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، بالإضافة إلى الانتقام منها، لأنها سبق أن حكمت ببطلان مجلس الشعب لعوار دستورى لحق به.
وإذا أضفنا إلى ذلك حركة «حازم أبو إسماعيل» التى عاثت فى الأرض فسادا بالتنسيق الوثيق مع مكتب إرشاد جماعة الإخوان، وذهبت عصاباتها لمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى رافعة شعاراتها الفوضوية «حازم لازم» فمعنى ذلك –بالإضافة إلى تحركات الجماعات السلفية الفوضوية- أن جماعات الإسلام السياسى على اختلاف توجهاتها أجمعت على بذر بذور الشقاق السياسى فى المجتمع ومارست بالفعل أفعالا تؤدى إلى ذلك.
وفى ضوء هذه الحقائق التاريخية الموثقة يصبح من باب التدليس الفكرى لمندوب جماعة الإخوان الإرهابية فى الصحافة المصرية أن يدعى أن الشقاق السياسى بدأ بعد ٣٠ يونيو. وهو بالطبع لا يطلق على أحداثها ثورة، لأنها فى نظره وفى نظر قيادات الإخوان المسلمين كانت انقلابا عسكريا قامت به القوات المسلحة، فإذا سألتهم عن ملايين المصريين –وبعضهم لأسباب متعددة سبق لهم أن انتخبوا الدكتور «مرسى» فى انتخابات رئاسة الجمهورية- لا يذكرون أن الملايين قد نزلت حقا احتجاجا على الحكم الديكتاتورى الذى مارسه مكتب إرشاد الجماعة، وألزم بتوجيهاته رئيس الجمهورية الدكتور «مرسى» باعتباره فى الواقع مندوب المكتب فى الرئاسة!
وإلا كيف نفسر أن الدكتور مرسى الذى أصدر –بصفته رئيس الجمهورية- الإعلان الدستورى الشهير الذى حصن فيه كل قراراته -مهما خالفت الدستور والقانون- ومنع المحاكم على اختلافها من نظرها وإلغائها؟ وكيف نفسر أن وزير العدل المستشار «أحمد مكى» اعترف صراحة أن الإعلان الدستورى الباطل لم يعرض عليه مع أنه –كما قال فى عبارة مراوغة لا تليق بمستشار سابق- أهدافه نبيلة ولكن صياغته رديئة؟! وكيف نفسر أن المستشار القانونى لرئيس الجمهورية الدكتور «مرسى» اعترف علنًا بأن الإعلان لم يعرض عليه، ولم يطلع على نصوصه الخرقاء إلا بعد أن أذاعه الدكتور «مرسى».
وهكذا يمكن القول إن الشقاق السائد فى المجتمع المصرى بعد ٣٠ يونيو -كما يدعى مندوب جماعة الإخوان الإرهابية فى الصحافة المصرية- ليست من اختراع هذه الثورة الشعبية الجارفة، وإنما هى نتيجة لازمة لرفض الشعب المصرى بكل طوائفه الإرهاب الذى مارسته ضد الشعب العصابات الإرهابية لجماعة الإخوان، بالإضافة إلى اغتيال عدد من رموز الدولة.
آن لهؤلاء أن يتوقفوا عن التدليس الفكرى المكشوف.