السبت 19 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

أردوغان "مدمن السلطة" وسياسة السم في العسل

أردوغان
أردوغان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
" إقامة الفصل بين السلطات يشكل عائقًا أمامنا" بهذه المقولة الشهيرة لرئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان استهلت صحيفة "ميليت" التركية مقالا لها في بداية أبريل الماضي للإشارة إلى ما ينتظر الأتراك من مستقبل غامض، خاصة مع رغبة أردوغان في تغيير نظام الحكم لنظام رئاسي.
ركزت العديد من الصحف التركية والعالمية خلال الأشهر القليلة الماضية بالتحولات الديكتاتورية للنموذج التركي تحت رئاسة أردوغان والذي كان يمثل القدوة للكثير من البلدان العربية، فكشف النقاب عن حقيقة هذه الديمقراطية المصطنعة التي يقدمها رئيس الحكومة التركي جعل الكثير يشعرون بخيبة أمل تجاه ممثلي الإسلام السياسي، وتجاه النظام التركي الذي كان يحظى بتقدير كبير.
بدأت مؤشرات الديكتاتورية من قبل رئيس الحكومة أردوغان في التعامل مع الملف الكردي، والذي أراد أن يجني هو الآخر مكاسب شخصية من المصالحة التركية مع حزب العمال الكردستاني المقاتل، هذه المكاسب تمكنه من البقاء لفترة أطول في السلطة خاصة مع قرب انتهاء مدته الأخيرة كرئيس للحكومة ولا يصلح له الترشح مرة أخرى إلى هذا الملف.
وأوضحت الصحيفة، أن خطة السلام بين السلطات التركية وحزب العمال الكردستاني لا بد أن تخضع لاستفتاء شعبي، مضيفة أن رئيس الوزراء التركي يستغل هذه الفرصة حتى يستطيع أن يجري تعديلات دستورية تزيد من قبضته على الدولة.
ولفتت إلى أنه خلال الاستفتاء على الدستور في سبتمبر 2010 كانت النية الحقيقية لحزب العدالة والتنمية الإسلامي بقيادة أردوغان هي السيطرة على السلطة القضائية، ولابتلاع هذه الخطة وجعلها أكثر جاذبية وضعت الحكومة للاستفتاء مواد تتعلق بهيكل النظام القضائي بين مواد إصلاحية تتعلق بالحد من صلاحيات الجيش.
وتساءلت "ميليت"، لماذا وضع حزب العدالة والتنمية هاتين المسألتين في تعديل واحد ضمن استفتاء واحد؟ خاصة وأن الليبراليين قد سئموا من سلطات الجيش المتزايدة على المجتمع التركي، ونتيجة لموافقة الشعب على هذا الاستفتاء بـ "نعم" أصبح حزب العدالة والتنمية المسيطر على "المجلس الأعلى للقضاء" التركي، وخرج بعدها أردوغان قائلًا: "أصبحت أنا أمثل العدالة".
وترى الصحيفة أنه في الوقت الحالي تعيش تركيا في نفس هذه الحالة، فسيحاول أردوغان أن يلعب نفس الخطة ويقترح تحويل البلاد إلى نظام رئاسي، وسيضع بالتأكيد "الحبة" التي سيبتلعها الشعب التركي ألا وهو ربط هذا المشروع "الرئاسي" – الذي سيزيد من سلطاته- مع عملية السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني في تعديل دستوري واحد لطرحه للاستفتاء.
وانتقلت إلى أن السلام مع حزب العمال الكردستاني مطلب يرجوه الجميع في تركيا، مؤكدة أنه لا يمكن أن يضع أي شخص تركي "لا" أسفل وثيقة استفتاء مكتوب فيها "علينا أن نضمن أن الدم لا يتدفق مجددًا في بلادنا"، وتتهكم أن الشعب التركي بموافقته على ذلك فأنه سيقول "نعم" للنظام الرئاسي" الذي يسعى إليه أردوغان.
كما أن التسجيلات السرية التي نشرتها في وقت سابق تظهر بوضوح المساومات بين الطرفين التركي والكردي، مما يعكس رغبة أردوغان الاستفادة الشخصية من موافقة الأكراد على مبدأ السلام.
وتوضح الصحيفة أن الشعب التركي أصبح بين أمرين، إذ اعترض أي تركي على الاستفتاء لرفضه لمبدأ مشروع النظام الرئاسي المربوط بعملية السلام في استفتاء واحد، فإنه سيتم اتهامه بأنه يرغب في استمرار الحرب.
وتشير “ميليت” إلى أن لا أحد يريد استمرار الحرب ولو حتى لساعة واحدة، ولكن ربط المبادئ ببعضها يعتبر أكثر إجحافًا، وتلتفت الصحيفة إلى أن أردوغان يبتز الشعب فإذا تم “التصويت بـ”لا” فهذا يعني استكمال الحرب”، وهو ما يرفضه يرفضه الشعب التركي، لذا فأنه ينبغي على الأتراك الموافقة على مواد غير ديمقراطية حتى يستطيع أن يحصل على السلام مع الأكراد.
ووجهت الصحيفة رسالة مباشرة إلى أردوغان جاء فيها: " لا تجبروا الشعب على الاختيار بين الحرب والنظام القمعي، فالسلام ليس له قيمة تحت حكم نظام غير ديمقراطي، فليبيا والعراق عاشوا مسبقًا في سلام، لا تخدعونا، فنحن لا نريد السلام فقط، بل الديمقراطية والحرية أيضًا ".
وتطرقت الصحيفة الفرنسية " لو فيجاروا " إلى ديكتاتورية أردوغان ووحشية تعامله مع المتظاهرين، متسائلة في بداية مقال لها في مستهل يونيه الماضي، أين أردوغان الذي كان في بداية حكمه؟ حيث كان يسعى ضم بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، فاتبع سياسة ليبرالية، ونشط الاقتصاد التركي، ونتيجة لذلك زادت شعبيته.
وتلفت إلى أنه ما لبث أن أطبق أردوغان سيطرة حزبه على جميع المؤسسات العسكرية والقضائية والأكاديمية بل والإعلامية، مضيفة أن التظاهرات التي يشهدها ميدان تقسيم كشفت الوجه الحقيقي للديكتاتور أردوغان الذي يتبع سياسة ديكتاتورية فردية في الحكم، ولا يقبل بالرأي الآخر.
وقاسمت صحيفة " لو موند " الفرنسية وجهة نظر الصحيفة السابقة، مشيرة إلى أنه من اليسار المتطرف وحتى اليمين، التف الجميع لإظهار الظلم المتراكم الذين تعرضوا له من قبل الحزب الذي يهيمن على السلطة منذ أكثر من عشر سنوات وحتى الآن، فعامة الشعب يثور يوم بعد آخر ضد أردوغان الذي يستغل الدين أسوء استغلال كواجهة له.
وتشير الصحيفة إلى أن الكل في تركيا اجتمع على انحراف رئيس الحكومة التركية نحو الاستبداد، وعلى أسلوبه الوحشي في التعامل معهم، وإصابته بجنون العظمة، وخدمة عشيرته منذ أن تولى عمدة لمدينة اسطنبول وحتى الآن أي ما يقرب من 20 عاما.
كما أن العلويين الأتراك لم يسلموا من المعاملة القائمة على التمييز من قبل حكومة أردوغان التي لا تعترف بخصوصيات عباداتهم والقائمة تطول وتطول.
وترى " لوموند " أن قبضة أردوغان الخانقة على السلطة دفعته للتخلص من كل معارضيه؛ فالجيش والجهاز القضائي والصحافة، المعارضون له في الماضي، أصبحوا بعد انتخابات 2007 و2011 أدوات لخدمته وخدمة حزبه.
أما صحيفة "تي 24" التركية فقد تطرقت إلى حقيقة اتجاه أردوغان إلى هذه الديكتاتورية، موضحة أن رئيس الحكومة التركية بعد أن كان ضحية لعنف السلطات التركية أثناء شبابه، أصبح ديكتاتوريًا عندما وصل إلى الحكم، لدرجة أنه يعتقد بأنه هو " الدولة".
وأوضحت أنه تعرض للسجن وعذب في فترة شبابه، كما سجن مرة أخرى في 1997 وتم حظر نشاطه السياسي لقصيدة ألقاها، واستكملت أنه لا يزال يتذكر جيدًا كم المتاعب التي واجهها بسبب ارتداء بناته الحجاب، تحمل عنف الدولة وذاق وحشيتها، مضيفة" "لذا، انتظرنا من شخص عاش مثل هذه التجارب الحزينة أن يكون أكثر تفهمًا وتسامحًا".
وأشارت إلى أنه عمل منذ توليه الحكم على ضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وحقق تقدمات لا يمكن إنكارها في البداية في مجال الحقوق والديمقراطية، كما عمل على وضع حد لتدخل الجيش في الحياة المدنية عن طريق جعل السلطة العسكرية مستقلة عن السلطة المدنية، إلا أنه بعد ذلك خرج عن المسار الديمقراطي عن طريق التمادي في التقليل من وضع الجيش والتدخل في شئونه حتى يصبح هو الوحيد الممثل للدولة.
ومع مرور الوقت، عمل على أن يكون المصدر الوحيد للسلطة لدرجة جعل من نفسه يعتقد بأنه "الدولة". وهذا النفوذ القوى دفعه إلى "إدمان السلطة" ومحاولة التشبث بها وتعديل القانون لأجل ذلك، يضاف إلى ذلك درجة كبيرة من الغرور جعلته يعتقد بأنه يعلم كل شيء.
وشيئا فشيئًا، استطاع أردوغان أن يفرض سلطته وهيمنته على وسائل الإعلام؛ حيث إن رؤساء وسائل الإعلام الكبرى، الذين يقيمون القنوات أو الصحف للمكاسب المادية، أصبحوا خاضعين له، ليس هذا فحسب، بل أنه أصبح لرئيس الحكومة أن يصدر رأيه في توجهات فيها، ويحدد ما يجب أن ينشر أو لا، حتى أنه يعقد اجتماعات في أنقره مع رؤساء وسائل الإعلام لتحديد الخطوط الحمراء التي لا ينبغي تخطيها، يضاف إلى ذلك أن عدد الصحفيين المفقودين نتيجة لمعارضتهم لإردوغان ازداد بشكل كبير".
من جانب آخر، عمل على الاستمرار في الحكم من خلال إجراء تعديلات دستورية تقضي بتحويل البلاد إلى نظام رئاسي حتى يتمكن من الترشح للرئاسة وتستمر السلطات في يديه، خاصة وأنه يقضي آخر فترة له كرئيس للوزراء ولا يحق له الترشح مرة أخرى للمنصب.
" العلويون الأتراك " قنبلة ستنفجر قريبًا في وجه إردوغان
بهذه الجملة استهلت صحيفة " لو فيجارو " الفرنسية مقالًا لها نهاية الشهر الماضي، مشيرة إلى أن إردوغان أصبح في مواجهة مباشرة مع الأقلية العلوية.
وأشارت “لو فيجارو” إلى أن العلويين يتعرضون لقمع منذ الإمبراطورية العثمانية وقيام الجمهورية التركية، واليوم يتمردون ضد الحكومة الإخوانية التركية التي يرونها موالية بشدة للسنة، موضحة أن من بين الستة الذين قتلوا أثناء أحداث تقسيم هناك ثلاث علويين والثلاثة الآخرين ينتمون إلى جماعة تشبه نفس الفكر العلوي أيضا.
ونقلت “لو فيجارو” ما قاله الاستاذ بجامعة إسطنبول “محمد ألتان” بأن “التوترات ترتفع في تركيا بشكل لا يصدق، نحن ننزلق نفسيا نحو أجواء حرب أهلية”، وتابعت: منذ قيام أردوغان بافتتاح تمثال يقع على جسر فوق مضيق البسفور في 29 مايو الماضي وهم يرون أنه يتعامل معهم باحتقار، حيث إن هذا التمثال للسلطان ” يافوز سليم ” الذي أمر بالعديد من المذابح ضد العلويين في القرن السادس عشر.
وبينت الصحيفة أن تداعيات الأزمة السورية فاقمت من الأزمة الداخلية في تركيا، فالبعد الديني الذي وفق له يتخذ رئيس الحكومة التركية موقفه تجاه الأزمة السورية أصبح يشكل خطرا على تماسك المجتمع التركي.
واختتمت الصحيفة: إذا تصرفت الحكومة التركية تجاه الأزمة السورية من منطلق ديني، فإن المجتمع التركي قد ينفجر.