الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

اغتيال ثلاثي الأركان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اغتيال الكاتب الأردنى ناهض حتّر، جريمة لا غبار عليها، وقائع موت علنى، جريمة موصوفة كاملة الأركان، ضد ناهض أولاً، وأسرته ثانيًا، والدولة ثالثًا.
أن يقتل إنسان أمام درج المحكمة، فى عين النهار، برصاصات قريبة، ووقائع مسجلة، هذا انتهاك صارخ لسيادة القضاء، وهيبة الدولة، وحرمة الإنسان.
لم أكن يومًا معجبًا بطرح ناهض حتّر، رغم معرفتى أنه ينطوى على ثقافة ومعرفة، لكن توجهه السياسى، بالنسبة لى توجه سيئ، مغموس بهواجس معتلة، فيها من حساسيات الطوائف، المتوارية خلف رطانة يسارية معتادة، احترفت التفكير المؤامراتى، ونتج عن ذلك أن صار الراحل حتر من أعلى الأصوات المؤيدة للنظام الفاشى الطائفى فى سوريا، نظام بشار، هذه كانت مصيبة.
كما أن التهور الدينى، والاستهتار الفج الذى عبّر عنه الكاتب فى الرسمة التى نشرها فى حسابه بالفيسبوك، وصفة مثالية للفتنة، خاصة فى هذه الظروف الملتهبة.
لكن الرجل يمثل أمام القضاء، والدولة، عبر مرفق القضاء، بسطت سلطانها، وإن الله يزع فى السلطان ما لا يزع فى القرآن، كما جاء فى الأثر، فكيف ينتهك شخص كل هذه الحرمات؟
قضية ناهض حتّر منظورة أمام القضاء، وتجاوز القاتل (رياض) لهذا المعنى، هو تجاوز لمعنى الدولة نفسه، ومعنى التحضر، ما بالك والقتيل ينتمى، طائفيًا، لمسيحيى الأردن، يعنى أن القاتل بكل خبث، يسهم فى إيقاد نار الفتنة النائمة.
فى التحقيقات مع القاتل، وهو متعصب متأثر بفكر حزب التحرير التكفيرى الثورى، قال إنه كان قد خطط لارتكاب الجريمة منذ فترة، وأنه لم يكن يعرف أو يسمع بالكاتب حتّر، وأنه قام بالبحث عن صورته على شبكة الإنترنت.
هذا يشبه كلام الذى طعن نجيب محفوظ فى مصر، وقاتل فرج فودة، كلهم أدوات عمياء، لا تقرأ حتى النصوص التى قالوا إنهم غضبوا عليها!
ليست هذه المرة الأولى التى يعانى فيها الكاتب الأردنى اليسارى، المقاوم، الكاتب فى جريدة الأخبار اللبنانية الموالية لـ«حزب الله»، فقد سبق أن تعرض لمحاولة اغتيال ١٩٩٩، وكان مؤخرًا تلقى تهديدات بالقتل.
حتّر ليس الكاتب الأردنى الوحيد الذى أثار غضب المتدينين المتحمسين، فالشاعر موسى حوامدة، كانت له قصة بسبب مجموعته الشعرية (شجرى أعلى) صودر الديوان عام ٢٠٠٠، وقُدم للمحكمة الشرعية وحوكم خمس مرات، وصدر قرار بحبسه.
الأمر ليس نصرة لناهض حتّر أو غيره، بل نصرة لهيبة الدولة، ورفضًا لمن يسوّغ لرياض، قاتل ناهض، جريمته، بحجة سياسية أو دينية، إما الدولة أو لا دولة، والأردن دولة محترمة ثابتة الأركان.
نقلا عن «العربية»