كثيرون من المصريين ولا أقصد البسطاء، ولكنى أقصد أنصاف المتعلمين والمثقفين وهواة الظهور فى برامج التوك شو بصفة خبراء سياسيين، للأسف الشديد لم يطلعوا على نصوص الدستور المصرى، وبعض من اطلع عليه منهم لا يفهم نصوصه، ومن فهم النصوص لجأ إلى تحريف هذه النصوص وتقديم تفسيرات على غير حقيقة ما قصده المشرع الدستورى الذى وضع الدستور..
ومع كل أزمة أو كارثة يطل علينا هؤلاء الأشخاص وهم يتحدثون عن نصوص الدستور ويستشهدون ببعض النصوص دون البعض الآخر، ويركزون فى أحاديثهم على نصوص الدستور التى ترسخ للحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل مواطن ومواطنة مصرية، ويغفلون تماما ذكر أى نصوص تتحدث عن واجبات المواطنين تجاه الدولة المصرية..
وهؤلاء يتحدثون عن حق التظاهر والإضراب وحق السكن والعلاج والتعليم وحق الترشيح والانتخاب وغيرها من الحقوق التى نص عليها دستور ٢٠١٤، وأيضا كل الدساتير السابقة عليه من دستور ١٩٢٣ وحتى دستور ١٩٧١، ولكن يغفل هؤلاء وغيرهم الحديث عن الواجبات الملقاة على عاتق المواطنين طبقا للدستور أيضا، ومنها واجب الحفاظ على الأمن القومى ومراعاة المسئولية الوطنية وحماية أرضه شرف وواجب مقدس كما ورد بنص المادة «٨٦».
فالذين يتحدثون عن حقوق الإنسان للهاربين خارج مصر والذين يحرضون الخارج على الوطن، ويستعدون جهات أجنبية على مصر وشعبها أغمضوا أعينهم عن مخالفة هؤلاء للواجب الملقى عليهم طبقا للمادة «٨٦،»، وأنهم يسعون لضرب وتدمير الأمن القومى لمصر ولم يراعوا المسئولية الوطنية، وأيضا الذين حصلوا على تمويلات أجنبية من الخارج لصالح منظمات حقوقية خالفوا نفس المادة الدستورية.
فالدستور نص فى المادة «٣٨» على أن أداء الضرائب واجب، ولكن هناك بعض المصريين يتهربون من أداء هذا الواجب، بل إن النشاط الاقتصادى غير الرسمى يمثل ٥ أضعاف الاقتصاد الرسمى بسبب الرغبة فى التهرب من الضرائب، بل هناك من يفتخر بأنه لا يدفع ضرائب الدولة، ولم يتحدث أحد من هواة الشو الإعلامى عن هذا الواجب وضرورة محاسبة المتخاذلين عن أدائه، بل هناك بعض نجوم التوك شو يتهربون من هذا الواجب.
كما أن الدستور نص فى المادة «٣٩» على أن الادخار واجب وطنى، ولكن هناك نسبة من المصريين يتهربون من هذا الواجب ويفضلون وضع أموالهم تحت البلاطة، بل البعض كما يحدث داخل البورصة يقوم بعمليات تهريب للعملة المصرية، وأيضا العملة الصعبة، ولم تبادر أى قناة فضائية أو حتى التليفزيون المصرى لتدشين حملة من أجل تشجيع وتحفيز المصريين على أداء هذا الواجب وممارسة الادخار كواجب وطنى.
فغالبية أنصاف المتعلمين والمثقفين وفقهاء النخبة المصرية يرفعون شعار الفيلم الشهير للفنان هانى رمزى «عاوز حقى»، ويغازلون المشاهدين بالحديث عن الحقوق واتهام الحكومة بالتقصير مع كل أزمة تحدث وكارثة تقع، دون أن يطرحوا سؤالا حول أداء الواجبات وتجاهل نصوص الواجبات الدستورية المفروضة على المصريين.
فالحقيقة الساطعة كضوء الشمس أن البعض يعمل وفقا لشعار عهد السيسى حقوق بلا واجبات والبحث عن الحقوق قبل أداء الواجبات، وتفاقم مشكلة النظافة فى مصر سببها الحديث عن الحقوق وتجاهل الواجبات، لأن المصريين هم الذين يلقون بالقمامة فى الشوارع ويلوثون مياه النيل، وكأنه حق مشروع لهم، وخارج مصر يلتزمون بالحفاظ على نظافة شوارع الدول الأجنبية، ويؤدون واجباتهم قبل المطالبة بأى حقوق.
ومن حقنا أن نحاسب ونطالب الحكومة بأداء الحقوق المنصوص عليها فى الدستور، ولكن يجب أيضا فى المقابل أن نلتزم ونؤدى الواجبات المنصوص عليها فى الدستور، لأن من يأخذ حقوقه دون أداء واجباته فهو شخص أنانى، ويحب نفسه أكثر من حبه لوطنه، فلا حقوق لمن لا يعطى للوطن حقه أولاً ويؤدى واجبه تجاه وطنه.
فيا دعاة حقوق الإنسان عودوا إلى صوابكم وأعيدوا قراءة وفهم نصوص الدستور، وتحدثوا عن الحقوق والواجبات معا، وقبل مطالبة الحكومة بتطبيق نصوص حق التظاهر والإضراب طالبوا الداعين لذلك بأداء واجباتهم فى العمل والحفاظ على الأمن القومى للوطن وأداء الضرائب وتشجيع الادخار، والحفاظ على مياه نهر النيل من التلوث، وكما أن لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة فإنه لا حقوق بلا واجبات، وتذكروا عبارة «متقولش إيه إدتنا مصر قول حندى إيه لمصر».