الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

30 يونيو المقدمات والنهايات "14"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى المقال السابق توقفنا عند تكليف مرسى مساعده لشئون الأمن أيمن هدهد، بمتابعة القرارات التى أصدرها والخاصة بالإفراج عن المتهمين المحكوم عليهم فى قضايا اغتيالات رجال الشرطة والجيش والانتماء لتنظيمات إرهابية، وأيمن هدهد هذا هو مهندس زراعى، كان مسئولًا عن أمن الإخوان بميدان التحرير أثناء أحداث يناير ٢٠١١، وهو من كان يقوم بتأمين المداخل والمخارج ويضع جدول الحراسات والورديات للميدان، وعندما يتم القبض على أى شخص يشتبه فى أنه يعمل لحساب الشرطة يتم تقديمه لأيمن هدهد الذى يتولى التحقيق معه وإجباره على الاعتراف، وهذه هى كل مؤهلاته التى دفعت الرئيس محمد مرسى لتعيينه مساعدا لرئيس الجمهورية لشئون الأمن، هذا المنصب الذى كان يجب أن يتولاه أحد الحاصلين على أعلى الشهادات فى العلاقات الأمنية بين الدول أو فى مكافحة الجريمة والإرهاب، ولكن مرسى لا يثق إلا فى رجال جماعته، وها هو هدهد يقوم بالاتصال اليومى بمسئولى وزارة الداخلية لمتابعة تنفيذ قرارات الرئيس، وكان وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين قد عرض تقريرًا مفصلًا على الرئيس يبين خطورة الأشخاص المطلوب الإفراج عنهم وما قد ينتج عن تنفيذ هذا القرار، لكن الرئيس أصر على تنفيذ أوامره، وبات الطريق مسدودًا أمام أجهزة الأمن، فلا مناص من تنفيذ أمر الرئيس بيد أن هؤلاء المفرج عنهم يشكلون خطرًا كبيرًا على السلم العام وعلى أمن مصر، ولذا قام الوزير بعرض الأمر على مدير المخابرات وعلى القائد العام للقوات المسلحة، فالمسألة لا تتعلق بقضايا جنائية عادية، بل بقضايا تجسس وأنشطة عدائية على أرض سيناء كان يقوم بها هؤلاء الذين سيتم الإفراج عنهم، واجتمع قادة الأجهزة المعنية لمناقشة الأمر، وهذا هو اللقاء الأول الذى يتم دون علم الرئيس، ورأى هؤلاء القادة الذين يقدمون مصلحة الوطن على أى اعتبارات أخرى أن ينفذوا أوامر الرئيس لكى لا تحدث مواجهة بين مؤسسات الدولة، ولكى لا يقال إن أجهزة الدولة لا تريد التعاون مع الرئيس، ولكن الواجب الوطنى يحتم عليهم ضرورة وضع المفرج عنهم تحت المراقبة السرية، وهكذا وللمرة الأولى منذ تولى محمد مرسى الحكم تقوم بعض مؤسسات الدولة بعمل منفرد، وذلك بعدما استشعروا خطرًا على الوطن بالإفراج عن هؤلاء وإصرار الرئيس على تنفيذ أوامره قبل أن يزور نيويورك فى نهاية شهر سبتمبر لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهى الزيارة الأولى لمرسى إلى الولايات المتحدة بعد تقلده المنصب، وقد أسفر تتبع ومراقبة المفرج عنهم عن مفاجأة كبرى، فالرئيس يتحدث بنفسه هاتفيا مع محمد الظواهرى شقيق أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة، حيث بدأت المكالمة بصوت أسعد شيخة الذى أبلغ الشيخ محمد الظواهرى كما ناداه بأن الرئيس محمد مرسى سوف يحدثه الآن، ثم أعطى الهاتف لمرسى الذى بدأ حديثه بالسلام عليكم ورحمة الله، وكان صوته مبتهجًا وقويًا ومليئًا بالثقة والسعادة، وقبل أن يكمل الظواهرى رده قاطعه مرسى بتقديم التهنئة له على الإفراج مؤكدا له أنه لم يعد ملاحقًا وأنه- أى الرئيس - أصدر تعليماته بعدم مراقبته أو متابعته وبحرية سفره وانتقاله إلى أى مكان يريد، ووعده بلقاء قريب بترتيب من أسعد شيخة أو رفاعة الطهطاوى، ثم دعاه لمحادثة شقيقه أيمن الظواهرى مطالبًا إياه بوقف أى عمليات عنف فى أفغانستان تتم ضد القوات الأمريكية لأن الإدارة الأمريكية وعدته بالدعم الكامل حال نجاحه فى وقف اعتداءات تنظيم القاعدة على القوات الأمريكية، واستطرد قائلًا: سأسافر بمشيئة الله خلال هذا الشهر إلى أمريكا وسوف أجالس المسئولين هناك وكلى ثقة فى الوصول إلى نتائج مرضية لجميع الإخوة. كانت هذه هى المكالمة الأولى التى أكدت لأجهزة الأمن أنها أمام رئيس يعمل وفق أجندة خاصة به، ويعزف وحده على وتر مختلف عن الوتر الذى تعزف عليه جميع أجهزة الدولة الوطنية، وقد أكدت المكالمات التالية نفس المعنى، حيث رصدت أجهزة المتابعة أربع مكالمات هاتفية بين الظواهرى ومحمد مرسى كان آخرها مساء يوم ٣٠ يونيو ٢٠١٣ حين طالبه بالمساندة ضد هؤلاء الخارجين على شرعيته ووعده الظواهرى بجلب الآلاف من سيناء خلال ساعات لتأمينه، وأن ذلك سيتم بالتنسيق مع المهندس خيرت الشاطر، ومن المكالمات التى سجلت أيضًا مكالمة شهيرة وموجودة على اليوتيوب ويمكن للقارئ الاستماع إليها وهى بين محمد الظواهرى وأسعد شيخة وفيها يطالب الظواهرى الرئيس بأن يصدر أوامره للجيش المصرى بأن يوقف أعمال القتال ضد الجهادين فى سيناء، ويخبره بأنه قد أقام ثلاثة معسكرات فى سيناء للتدريب على الجهاد، وكان من الطبيعى بعد كل هذا أن تعمل الأجهزة الوطنية فى مصر بحذر شديد مع الرئيس الذى سافر إلى نيويورك فى الموعد المحدد، وكانت الخارجية المصرية قد أجرت اتصالاتها المكثفة لترتيب بعض اللقاءات المهمة مع عدد كبير من قادة دول العالم الذين سيحضرون اجتماعات الأمم المتحدة، ولكن نتيجة لعدم التزام الرئيس بالمواعيد المحددة وبالجدول المتفق عليه تم إلغاء بعض اللقاءات، فعلى سبيل المثال كان من المقرر أن يلتقى مرسى برئيس وزراء بنجلاديش لمدة عشر دقائق فقط، ولكن اللقاء استمر لأكثر من ساعة، ما تسبب فى ارتباك المواعيد وإلغاء بعضها، فالرئيس ومعه عصام الحداد لا يلتزمان بما يتم الاتفاق عليه مع مسئولى البروتوكولات، وإذا كان مقررًا أن يتناولا الغداء فى نصف ساعة مثلًا فإن الأمر كان يستغرق أكثر من ساعة ونصف الساعة، ما أدى فى النهاية إلى عدم تنفيذ جدول الزيارة كما كان مقررا، وهى المرة الأولى فى تاريخ الرئاسة المصرية التى يحدث فيها هذا الارتباك وتلك اللخبطة.. وللحديث بقية.