دَشَنَ صِبيةُ الإخوان وكتائبُ الجماعةِ الإلكترونية على موقعِ التواصل الاجتماعى «تويتر» يومَ الأحدِ الماضى الذى وافقَ وقفةَ عرفة ووقفةَ عيدِ الأضحى المبارك، هاشتاج بعنوانِ «مليونية الدعاء علي السيسي» توجهوا خلالَه بالدعاءِ على الرئيس. وفورَ إطلاقِ الهاشتاج تصدرَ قائمةَ الهاشتاجات الأكثرَ تداولًا على موقعِ التدوينِ المُصغرِ «تويتر»، وذلكَ بفعلِ سياسةِ «السمعِ والطاعة» التى جعلت أعضاءَ الجماعةِ فى مِصْرَ وغيرِها يدخلونَ ليُسجلوا آراءَهم وتعليقاتِهم على هذا الهاشتاج ليجعلوه الأكثرَ تداولًا خلالَ ساعاتٍ قليلة، وهى حيلةٌ إخوانية لم تعد تنطلى على أحد.
وقد تمنى عدد من المُغردين بحسبِ موقعِ «شبكة رصد» الإخوانية - الانتقامَ من الرئيسِ السيسى على غِرَارِ انتفامِ اللهِ من فرعون، حيثُ طغى وتجبر وظلمَ رعيتَه، وترجى بعضُهم اللهَ أن يُهْلِكَ الإعلامى أحمد موسى برفقةِ السيسى، كما أعربوا عن استيائِهم من اعتقالِ الشبابِ والزجِ بهم خلفَ القُضبَان. وفى السياقِ ذاتِه، سألَ فريقٌ من المغردين اللهَ أن يُضيقَ على السيسى كما ضيقَ على أهلِ غزة وأغلقَ معبرَ رفح، كما أظهرت بعضُ الصورِ دُعَاءَ أحدِ الحُجَاجِ على السيسى داخلَ البيتِ الحرامِ فى السعودية.
والعجيبُ أن خبرَ المِليونيةِ الذى نشرتُه «شبكة رصد» الإخوانية وكذلك معظمَ التعليقاتِ الخاصة بدعاءِ المُغردينَ على الرئيسِ قد عَابَها الأخطاءُ اللغوية وركاكةُ اللغة، وكأن الذى كتبَ الخبر ووضعَ هذه التعليقات لا ينطِقُ بلسانٍ عربى مبين، والأرجح أنه ينطِقُ بلسانٍ تركى بَهيم أى مُبهم على الفَهمِ أو أعجمى لا يتضح شيء مما يقول، فهل يتقبلُ اللهُ الدعاءَ من أُناسٍ يدعون أنهم «مسلمون»، وهم يَجهلونَ لغةَ «الضاد»، والتى أنزلَ اللهُ بها القرآنَ من فوقِ سَبْعِ سماوات، فإذا بهم يردونَها إلى اللهِ بهذا التشويهِ وتلك الرَكَاكة، فكيف يرفعُها اللهُ فوقَ سَبْعِ سماواتٍ ويقولُ لها لأنصرنَكِ ولو بعدَ حِين، وهم أنفسهم الظالمون، ظلموا أنفسَهم من قبلِ فى شئونِ الحُكْمِ والسياسة، والآن يظلمونَ اللهَ ورسولَه بلغتِهم الرَكِيكة بدلًا من أن يردُوها إلى اللهِ فصيحةً وبلسانٍ عربى مبين؟!.
بَيْدَ أن مسألةَ الدعاءِ على السيسى، بدأت فى وقتٍ مبكر حتى قبلَ أن يُصبح رئيسًا، وبالتحديد منذ فض اعتصاميْ رابعة والنهضة، وقد أشرنا لذلك فى مقالٍ سابقٍ نشرناه فى صحيفة «البوابة» فى ١٩ يونيو عام ٢٠١٥؛ فالإسلاميون أو المتأسلمون الذين يلعبونَ بورقةِ الإسلام كما يلعب المقامرون بأوراقِ اللعب على موائدِ القُمار، كانوا يطلبون من أتباعهم وخُلَصَائِهم الدعاءِ على السيسى، وحتى يتقبلَ اللهُ دعاءَهم طلبوا منهم أن يصوموا الإثنينَ والخميس من كلِ أسبوع، وأن يصوموا الأيامَ القمريةَ الثلاثة وَسْط كلِ شهرٍ هجرى مع الدعوةِ على السيسى عندَ الإفطار، وطلبوا منهم أن يعتمروا ويَحُجوا للدعاءِ عليه فى المسجدِ الحرامِ والمسجدِ النبوى، بل وعندَ إفطارِ كلِ يومٍ من أيامِ رمضان، وأثناءَ قِيَامِ الليلِ وفى صلاةِ التهجُدِ، وخلالَ الاعتكافِ بالمساجد التى تديرُها الدولة التى لايعترفونَ بها ولا برئيسِها، وعندَ الإفطارِ فى العَشْرِ الأوائلِ من ذى الحجة.
الجديدُ فى الأمرِ أن هذه الأوامر، التى كانت خفية بالدعاء على الرئيس وفضحنَاها فى مقالِنا الذى نشرنَاه منذُ أكثرِ من عام، خرجت لأولِ مرة إلى العَلن، وبدلًا من الاكتفاءِ بالخُلَصَاءِ والأتباع فى الدعاءِ على الرئيس، فإن الجماعة «المفترية» التى تفترى على اللهِ الكذبَ، قررت أن تكونَ الدعوة عامة للدعاءِ على الرئيس بإطلاق هذا الهاشتاج، ليتحولَ الدعاءُ على الرئيسِ إلى حفلةٍ مفتوحة من حفلاتِ الِنَفاقِ السياسى بدعوى مظلوميةِ الجماعة، وهى المظلوميةُ الجديدة التى فَشلَت فى تسويقِها للشبابِ المصرى الواعى فى عصرِ الإنترنت، وهو الشبابُ الذى لم يتآلف يومًا مع الجماعة فى حركتِها على الأرض، ولم ينضم إلى كتائِبها الإلكترونية فى الواقعِ الافتراضى على شبكةِ الإنترنت.
وإذا كان لا بُدَ من الدعاء فإننى أدعو الجماعةَ وأتباعَها والرئيسَ السيسى والمصريين جميعًا من خلفِه إلى «المُبَاهَلة» مِصْدَاقًا لقولِه تعالى: «فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ» (آل عمران، الآية ٦١)، ولنختر يومَ جُمعة ندعو اللهَ جميعًا فيه، ولتنزل لعنةَ اللهِ على الكاذبين، سواءَ فى الميادين أو على شبكاتِ التواصلِ الاجتماعى، رغم أن اللهَ أرانا فيكم آياتٍ وعِبرًا يومَ الثلاثين من يونيو ولكنكم لا تعتبرون، وما زلتم فى غَيكُم سادرين.
والمشكلةُ الكبرى أن هؤلاء الرُكعُ السجود المعتمرين الصوامين القَوامين الذين يرفعونَ أياديهم وتَلْهَجُ ألسنتُهم بالدعاءِ لكى ينالَ اللهُ لهم من الرئيسِ السيسى وأولئكَ المُغردينَ الجُدد فى مليونيةِ الدُعاءِ على الرئيس لم يسألوا أنفسَهم ولو لمَرةٍ واحدة: لماذا لا يتقبلُ اللهُ دُعَاءَهم رغمَ أنهم يدعون عليه منذُ ما يربو على ثلاثِ سنواتٍ كاملة؟، ولماذا ترتدُ عليهم هذه الدعواتُ لكى ينالَ اللهُ منهم، ويَضْرِبَ منهم السُوقَ والأعناق، ويُمَزِقَهُم كُلَ مُمزَق، ويَجْعَلَهُم يتيهونَ فى الأرضِ فُرادى وجماعات؟.
والإجابة عن هذا السؤال بسيطة رغمَ تَعَامى الإسلاميين عنها، ورغمَ عِظَمِ السؤالِ وضخامتِه، وهى إجابةٌ لا تحتملُ سوى أحدَ أمريْن: إما لأن إرهابيى الإسلامِ السياسى لم يُخلصوا الدينَ لله وهو عليهم مُطلع، لأنه يعلمَ خائنةَ الأعينِ وما تُخفى الصدور، فردَ دعواتِهم إلى نحورِهم ليُذِيقَهُم وَبَاَل أمرِهم، وإما أن للسيسى ربًا يحميه.. وإن عدتم عدنا.