يحتضن «جيتاره» الإسبانى، الذى لا يفارقه أبدًا، كمعشوقته الوحيدة على الأرض، التى أسرته بسحر قصائدها الرائعة، فاختار أن يكون راهبًا مخلصًا لها داخل معبدها المقدس، ساكنًا دومًا محرابها المُمْتد، فلم يبق له شىء من نفسِه، بل كَلَّه لمحبوبته، ظاهرًا، وباطنًا، فمنحته أسمى المراتب وأجَّلها «نَفْسُها»، فمَلَكَها، وملَكَتْه.
تُراقِص أنامله العبقرية أوتاره المشدودة - كشعاعات الشمس - فتضىء العالم كله داخله، وداخلنا، وتداوى شروخ الضعف فى نفوسنا المُتَشظِّية، وتذيب بقايا الخلل فى أرواحِنا المتجمدة، فتبْعَث فينا الحياة والأمل والبهجة مرة أخرى، لنصير قوة نورانية خارقة ونشطة، تدفعْنا دومًا إلى اختراق الحواجز، وفتح النوافذ، وإشعال المواقد، وارتياد المجاهل الخطرة، والتجرد من الأقنعة، والإغارة على الحدود، كل الحدود، بلا قيود، بلا خشية، بلا خوف. إنه فارس «الجيتار» وساحر الأوتار المصرى العالمى «عماد حمدى».
فى البداية آمَن أنه قيمة عُليا فى ذاتِه، وحين دقَّقَ النظر أكثر، أدرك أن الحلم والفرح والحب حق لكل البشر، وأن الحياة مدهشة، ومفتوحة أمامه، بلا حدود، فأضفى على كل لحظة يعيشها معنى وقيمةً.
أَدْرَك منذ سنوات عديدة أنه خُلِق من أجل مسئولية صعبةً جدًا فى ظل تراجع ثقافة المجتمع بشكل غير مسبوق، وهى نشر فن «الجيتار» فى مصر، فأسس أول مدرستين أكاديميتين لتعليم العزف على آلة «الجيتار» بالجامعة الأمريكية ودار الأوبرا المصرية، والذى يشرف بنفسه على التدريب فيهما، وهما تخرجان سنويًا أجيالاً جديدةً، مُبدعة، تستطيع قراءة الموسيقى، والعزف بشكل أكاديمى محترف على آلة «الجيتار».
تخرج فى الأكاديمية الملكية البريطانية للموسيقى، وحاز على منحة دولية متخصصة فى دراسة الأداء والتأليف الموسيقى لآلة «الجيتار الكلاسيكى»، وهو صاحب أول عروض لهذه الآلة منفردة، وأول من أسس ثنائيات ناجحة لها مع العديد من الآلات الموسيقية الأخرى مثل؛ «الفلوت»، و«الڤيولين»، و«التشيللو»، و«البيانو»، و«البيركشن»، و«الكلارينت»، وأول عازف «جيتار» مصرى يعزف مع «أوركسترا القاهرة السيمفونى»، حتى الآن، وأيضًا أول من قدم «أوركسترا» كاملا من الأطفال عازفى «الجيتار».
يُبْهِر الجميع عادةً بأدائه المذهل والمتفرد فى العزف على آلة «الجيتار» الإسبانى لأشهر المقطوعات الموسيقية الإسبانية، وخاصة «الفلامنكو»، وموسيقى أمريكا اللاتينية، وتحديدًا رقصات «التانجو»، و«السَّامبا»، وغيرها، بمصاحبة أعضاء فرقته الموسيقية والغنائية المتميزة، التى تصدح بأصواتها الحلوة أشهر وأجمل وأحب الأغانى الإسبانية والإيطالية والفرنسية وغيرها.
لا يعرف المستحيل، ففى عِز انْغِماره فى العديد من المشاكل والأزمات المتواصلة، تجده أشد إصرارًا وتحديًا لها فى رحلة بحثه الدائم عن الحل أو العلاج، محاولاً الخروج بكل وسيلة متاحة من ظلمة النفق الضيق إلى النور، وهو على يقين تام أنه ليس وحده، وأنه لن يصل إلى مرفأ النجاة، إلا إذا اكتشف كنوز قدراته غير العادية.
رشحته العديد من المجلات الموسيقية العالمية العازف الوحيد على آلة «الجيتار» فى مصر، فاستحق تمثيلها - عن جدارة - فى المسابقة الدولية لأفضل عازف «جيتار» فى العالم، الخاصة بأساتذة «الجيتار» الكبار على مستوى العالم بچورجيا فى العام الماضى.
ما زال يرفع اسم مِصر عاليًا فى السماء بمشاركاته الفنية الدولية فى كل دول العالم، ليحصد العديد من الجوائز والتكريمات المشرِّفة من مختلف المهرجانات الثقافية والفنية المحلية والعربية والعالمية.
يجرى بروڤاته الموسيقية حاليًا، ويضع النوتة الموسيقية لمشروعه الجديد، وهو إنتاج أول عمل فنى فى مصر والعالم لدمج «الجيتار» الغربى مع «السمسمية» المصرية - كآلتَيْن وتَرِيَّتَيْن - بمشاركة مركز «جذور مصر» للثقافة والفولكلور، الذى يهدف إلى تعريف الغرب بآلة «السمسمية».
تلك الروح الصافية والعذبة، التى تتحرك بيننا، وتقيم صروحًا من الفن والفكر الراقى، وتهدم كل ما هو زائف ورخيص وقبيح، احترقت كثيرًا من أجل ما تؤمن به، وعلى ضوء احتراقها، تغير وجه الحاضر، ولاحت آفاق المستقبل.
وما زال يحلم أن يتذوق كل بيت مصرى هذا الفن الجميل، ويمارسه الجميع فى الشوارع والمدارس والجامعات والمراكز المتخصصة، وأن يقام أول مهرجان موسيقى دولى لآلة «الجيتار» على أرض مصر. أصبح راهب «الجيتار» الملهم «عماد حمدى» – بلا شك – هو السلاح الوحيد الناجِز فى تلك المرحلة التاريخية المهترئة التى نمر بها الآن، لمواجهة فقر الفكر والخيال والإبداع، وانتزاع سموم اليأس والتخلف والتطرف، التى تهدد كل قيم الذوق والفن والجمال فى حياتنا، والتى لها وحدها حق الحياة.