«يا محمد انزل البلد ضروري أبوك لقى تماثيل دهب وعاوزين حد أمين يصرفهم.. والموضوع طلع صحيح والخبر علي قناةBBC»، كان هذا أجمل تعليق من زميلي الصحفي محمد يسري على الرسالة الخرافية التي تناقلها رواد موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، حول اختراق سياسة الخصوصية للمشتركين.
ولأننا نعيش خارج الزمن، في عصر ما قبل اكتشاف النار، فقد انتشرت هذه الرسالة كـ«النار في الهشيم»، وهو ما حدث أيضًا عندما قررت إدارة «فيس بوك» في مايو 2012 طرح أسهمها في البورصة، وأطلقت وقتها الشائعات التي قيل إن «جوجل» يقف وراءها بعد فشل تجربة موقعها البديل «Google Plus»، الذي سبق وطرحته في يونيو 2011، في إطار حرب تكسير العظام بين العملاقين.
وهنا نحن لا نريد أن نقدم الأدلة على كذب هذه الرسالة، لأنها مزيفة بالطبع، لكن سنحاول تقديم بعض المعلومات لاستجلاء الحقيقة حول استخدام الـ«فيس بوك» للمعلومات الشخصية لأي مستخدم، وهل يتم ذلك في أغراض متعلقة بالتجسس أم لا؟.
قبل أن نبدأ
في البداية يجب أن تعرف أن الولايات المتحدة أو إسرائيل أو أي دولة متقدمة لا تحتاج لمراقبة المصريين، هم يعرفون كل صغيرة وكبيرة عنك وعن اتجاهاتك أكثر من الحكومة نفسها، وذلك عبر مراكز متخصصة وأقمار صناعية تراقب كل شاردة عنك وعن غيرك في أي دولة في العالم لها مصالح معها.
ثانيًا: انس تماما كل ما يقال عن المؤامرات الكونية والتجسس وحرب الجواسيس والأفلام الهابطة هذه، أمريكا كانت تتجسس على رؤساء فرنسا التي اشترينا منها «ميسترال» وأسلحة كثيرة متطورة، وإسرائيل تتجسس على أمريكا نفسها، وروسيا تتجسس عليهم جميعا، والصين تضع كل سنتيمتر على هذه الأرض تحت الميكروسكوب، وكل هذا لا يسمى مؤامرة، إنه صراع المصالح فكل دولة تسعى لخدمة مواطنيها وتحسين الأحوال المعيشية على حساب أي دولة أخرى.
ثالثًا: مصر والعرب لا يحتاجون من الأساس للتآمر عليهم، نحن شعوب وحكام نتآمر على أنفسنا!!، لكن حالة الضعف العربي جعلت الدول الكبرى تتلاعب بنا وهذا قانون الحياة «القوي يحكم».
رابعًا: إذا اتخذت قرارًا باستخدام التكنولوجيا فتأكد أنه من السهل مراقبتك من أي موقع، فمجرد تعليقك على أي منتدى أو موقع إخباري سيصل مع تعليقك عنوان بروتوكول الإنترنت ما يسمى بـ«IP address»، وبه من السهل تحديد مكانك وهويتك وكل شيء عنك، وأنت نفسك يمكنك معرفة كل ذلك بالضغط على الروابط التالية.
خامسًا: إذا شاهدت إعلانا من إعلانات «جوجل» فهي بالطبع موجهة لك حصريا وفقا لبحثك داخل المتصفح.. فإذا كنت تبحث عن شقة ستجد أمامك شركات العقارات، وإذا بحثت عن مواقع تعارف سيظهر أمام دعاية لغرف دردشة.. وهكذا.
إذًا الجميع يتجسس علينا، فنحن أمام مجتمع مفتوح لأبعد درجة يعرف عنك كل شيء، وقبولك الدخول إلى هذا العالم يعني موافقة مبدئية ونهائية على استخدام بياناتك التي تدخلها أنت بنفسك، الخلاصة أنك سيد قرارك.
لكن يمكن تفسير ما يدور حولنا، بشكل مبسط بأن هناك صراعًا كبيرًا بين «فيس بوك»، و«جوجل»، «مايكروسوفت»، «آبل» حول الإعلانات عبر الإنترنت، فالصعود الهائل لشبكات التواصل الاجتماعي هدد الجميع بعد استحواذها على حصة تجاوزت الـ40% من السوق.
الحرب بين العمالقة، نحن فرس الرهان بينهم، الجميع يريد الاستحواذ على تفكيرك، لأنك مصدر الربح، فـ«فيس بوك» يستغلنا أسوأ استغلال في تحقيق أرباح هائلة، هو مثل السجن بالنسبة لنا وهو المأمور يطعمنا وقتما يشاء ويعاقبنا متى يشاء، وهذا واضح في سياسة البيانات التي يقرها وتسببت في منع وصول المنشورات لكافة الأصدقاء، وهذا ينطبق أيضا على الصفحات، فالشعار دائمًا «ادفع تحصل على معجبين»، وهذا حقه تمامًا ويستغله بشكل متميز.
فيما يحاول «جوجل»، الحفاظ على مكانته في الصدارة عبر إغراءات متواصلة للمستخدمين، لحثهم على ترك «فيس بوك» والذهاب إلى «Google Plus»، وهو ما تحاول فعله أيضًا «مايكروسوفت» فقامت بشراء «Skype» صاحب الشعبية الكبيرة في محادثات الفيديو، وذلك على أمل تحقيق شعبية واسعة تحاول فيها الترويج لهواتف المحمول التي تنتجها بعد شرائها لـ«نوكيا»، ثم شراء موقع التواصل المهني الأشهر في العالم «لينكد إن»، ومن المنتظر شراء المزيد من المواقع.
لذا يمكن القول: إن الحرب الدائرة المستهدف الوحيد منها هو كل كائن حي يستطيع استخدام الإنترنت، فتحقق الأرباح من ورائه، أما فيما يخص الخصوصية فأنت الذي تحدد من يسمح له بمشاهدة المنشورات والصور والتدوينات.. إلخ، لكنك بالفعل مراقب بسهولة، وهناك طرق عديدة للحفاظ على نفسك بمسح الرسائل أو بتنزيل برامج تزيل سجل المواقع التي تتصفحها.
الخلاصة فإما ترتضي بذلك أو تتركه كله، فليس «فيس بوك» وحده المتهم، بل يا عزيزي كلنا «مفضوحون»، حتى مهندسي الـ«أي تي» يتجسسون علينا.
في النهاية، بالطبع نحتاج لشرح سياسة الخصوصية والبيانات على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، ولماذا تظهر إعلانات بعينيها أمامك على صفحات الإنترنت، لكن الأهم أن نتعلم كيف نتأكد من المنشورات المتداولة خصوصا التي تنتشر سريعًا، وإلا سنظل عرايا في عالم متحضر.
للتواصل:
Ali_Turkey2006@yahoo.com
للتواصل:
Ali_Turkey2006@yahoo.com