فى مصر مجموعة من الظواهر المسكوت عنها يجب إدارة نقاش مجتمعى حولها، على الأقل للحصول على إجابات وافية تؤدى لحلول تساعد صاحب القرار فى مشواره نحو الصواب.
صاحب القرار بعيدًا عن توجهه السياسى بالطبع يريد أن ينجح، فهو يعمل بكل الطرق لتحقيق الهدف المنشود، وقد يكون الرجل محظوظًا بمن حوله أو من يعمله معه والعكس، فيحدث تعاون مثمر يجلب نجاحًا كان منتظرًا.
وهنا أقصد بصاحب القرار أى مسئول فى بلدنا، بدءًا من رئيس مصلحة أو مؤسسة أو أكبر وزير وما فوقه.
بالطبع، يصب نجاح هذا المسئول فى صالح المواطن والوطن، وبالتالى أنا كفرد شريك فيما يتم تحقيقه بأى شكل من الأشكال، وأنال نصيبًا منه.
لذا يجب أن نكون -جميعًا- حريصين كل الحرص على أن نكمل معًا ما يسمى بدورة العمل والنتائج، فنتابع المسئول ونسانده انعكاسًا للمصلحة العامة والخاصة.
إذن أنا شريك فيما يحدث، وما ينتج عنه من نتائج ينتهى إليها العمل، والواجب أن أتقدم خطوات للمشاركة الفعالة بدلًا من المراقبة مكتوفة الأيدي.
والمشاركة هنا تعنى ببساطة العطاء والاجتهاد بالإضافة للقرار.
فنحن نمثل جمهور «ألتراس» الأعمال، والمسئول هو اللاعب، ودورى أنا تشجيعه وتحفيزه بكل الطرق المتوافرة.
لاحظت أن معظم المصريين يفضلون الجلوس فى موقع المشاهد دون تفاعل مرض، أى اكتفوا بموقع المتفرج، بينما هناك أيضًا فى مدرجات أخرى المشاركون بالتشجيع المطلوب.
وهناك مجموعات غير مهتمة بالتنمية ولا بعمل الوزير أو المسئول وبلغة الكورة لا تهتم بمن يلعب فى تلك المساحات.
ما يحدث فى بلدنا من التنمية الشاملة والمستهدفة يمثل تنمية حقيقية لصناعة مستقبل واعد للبلد والمواطن.
وهنا يجب أن تتراجع نسبة غير المهتمين، ولن يحدث ذلك إلا بقناعة شخصية وإعلام جاذب ومؤثر يمكنه تسويق ما يحدث على الأرض بأدوات لها مرود طيب، ووجوه مريحة تتمتع بالقبول.
شريحة المتفرجين على المشهد دون تدخل كبير يجب التعامل معها وفقًا لأساليب عصرية جديدة لجذب عدد منهم، أساليب يلعب الإعلام دورًا والمسئول أيضًا، لن تنجح خطط الترويج بين الناس إلا بمشاركة المسئول الذى يملك مقومات التواصل، فيقلص عدد العازفين عن المشاركة، وهناك أيضًا من يجيد عملية زيادة المختلفين معه بعد كل تصريح يطلقه.
فى بلدى معظم المؤسسات والمصالح تمثل جزرا منعزلة، بمعنى أدق أن المسئول الكبير على كل المستويات يصبح منزعجًا من ردود فعل المعارضة أو غضب الآخرين داخل تلك المؤسسات أو الهيئات نتيجة التواصل والمعلومات الخاطئة.
المسئول الكبير هنا مهتم بعملية التهدئة على حساب العمل الجدي، وهى عادة تأتى بثمن باهظ تتحمله الدولة من مواردها أو مستقبلها.
بمعنى آخر، هناك داخل معظم المؤسسات والوزارات شرائح غاضبة، أما نتيجة الظلم وغياب العدالة وتفضيل وتمييز مجموعات بالمكافآت والمناصب دون سند من حق، وإما لسبب آخر وهو التضييق عليها للحصول على حقوق المكان واحترام العقود.
لكن ما يحدث أن المسئولين معظمهم مهتم بالبقاء فى المنصب وتوفير الهدوء الزائف حتى لو كان على موارد تستنزف بطريقة أو أخري.
وإلى متى سنعالج مشاكلنا باللجوء إلى المسكنات؟
الحكومة نفسها تفضل الاهتمام أولًا بترتيب البيت الاقتصادي، والمعالجة بالجراحة، وهو أمر قد يكون مؤلمًا، لكنه فى النهاية يخلص المريض من معاناته وأيضًا الاقتصاد من معوقات تعرقل وتتحكم فى خط سيره واتجاهاته.
الحكومة مضطرة أن تسير فى اتجاهات متوازية بشأن إصلاح الفرد قبل الآلة، وإلا ما فائدة إصلاح اقتصادى بقوانين جادة وحزمة إصلاحات وحوافز جاذبة للاستثمار، والمواطن نفسه لا يؤمن بما يحدث!!
لأنه لا يجد حلولًا سريعة وقاطعة تغير من معيشته وتلامس حياته.. وتضع قدمه إلى الأمام.
لدينا مشاكل هيكلية وقصور فى العمالة الفنية تتمثل فى إصابتها بأمراض عضال منذ يناير ٢٠١١ أقلها البلطجة والتكاسل وتراجع الطموح.
عمالة تبحث عن وظيفة «ميرى»، وتقاتل من أجلها برغم تواضع الراتب، لكنه مدرك من داخله أن العمل الحكومى عادة يجنى راتبا دون جهد ولا نقطة عرق، ووقتها يمكنه أن يعمل فى وظيفة أخرى يحاول تعويض المبلغ الهزيل الذى يتقاضه من تلك الوظيفة المحمية بالقانون.
الحكومة مطالبة -الآن- بوضع تصور لما يحدث من فوضى شائكة بشأن الإنتاج والعمل بالوزارات والمؤسسات والهيئات والشركات التابعة لها، وعليها أن تؤمن بأن الإصلاح يبدأ من هنا، أو على الأقل إظهار أنها ذاهبة إلى أكبر مدى فى هذا الشأن.
أحد رؤساء الشركات العاملة الكبرى فى مجال المقاولات قال لى: «يجب أن تسمح الحكومة باستيراد عمالة من جنوب شرق آسيا، مثل دول الخليج، لسد النقص الموجود، وأيضًا لخلق تنافس بينها وبين العمالة المصرية، لتعود الأخيرة إلى رشدها.
العامل الفنى المصرى أصبح كسولا غير ملتزم وغير منسجم مع الحكومة فى المشروعات الكبرى مع الشركاء الأجانب التى تتطلب الالتزام فى تنفيذ التعاقدات، وفق برنامج زمنى للتسليم!!
النجاح فى إعادة اللياقة الذهنية والبدنية للعمالة المصرية بكل مستوياتها أمر فى غاية الأهمية، وهى شريحة تضم ٥.٥ مليون موظف وعامل غير مرغوب فيها فى سوق العمل.
أنا لست مع توفير الرواتب المجزية قبل تحديد المطلوب من الجهد، بل العكس صحيح، علينا أن نتعامل مع الوظيفة وكأنها إنتاج رقمى يسهل التعامل معه، ويجب الانتهاء منه أولًا، ثم التقدير على «قدر» المنتج!!
وفجوة الخسائر من ذلك مليارات من الجنيهات تستنزف يوميًا. وهنا أنصح الحكومة بأن تهتم بالتواصل والإمداد، لأن هذا الوضع جعل من المصالح الحكومية بالبلد كالجزر المنعزلة، المسئول فيها يعمل لنفسه وليس لبلده، ونرجو ألا يستمر الحال طويلاً، لأن الأمر يمثل كارثة اقتصادية، وتزيد مساحة العلاج المطلوب طالما أن هناك عنصرا متروكا للمسئول غير المتزن وغير المؤهل لخدمة منصبه.