لطالما تعودنا على أشياء نفعلها كل يوم فى أعمالنا وبيوتنا وننصح بها أولادنا، ولا نعرف من أين أتت ولماذا نفعل؟ ولكننا تعودنا عليها من قبل من سبقونا ونصحونا به وتعودنا عليه بالرغم من أننا ونحن صغار كنا فى زمن آخر ومن سبقونا كانوا فى زمن غير زمننا وأولادنا الآن فى زمن مختلف تمامًا عما نحن كنا نعيشه.
أشياء أخذناها من تراثنا الشعبى، وأخرى نأخذها من تراثنا الدينى وأشياء كثيرة لا نعرف من أين بالتحديد قد أخذناها، ولكننا لا نريد بذل قليل من الجهد، وأن نفكر هل تلك الأشياء تصلح اليوم كما صلحت بالأمس أم أننا نضيع وقتنا ونحتفظ بما قد يؤخرنا ولا يقدمنا خطوة للأمام.
لقد تعودنا وبالرغم من أننا قد نتألم كل يوم من فعل أشياء لا تجدى ولكننا بسبب تعودنا أصبحنا نشعر بالأمان مع ذلك الألم المعتاد.
ليس الأمر مقصورًا فقط على الأفراد بل ممتد للشركات والعادات المجهولة بين الموظفين والمديرين والسياسات المتبعة فى أغلب الهيئات والشركات الحكومية نصيب الأسد من تلك العادات الهادرة للوقت والتى تجعل من الإنتاج آخر شىء ينظر له والجودة أيضا تأتى فى المؤخرة.
ونجد الأمر يستشرى فى المجتمع ليصل للحكومات والوزارات والكل يسير مغمض العينين لا يريد أن يفتح عينيه ليرى ظلمة ما يفعل بلا إرادة أو تفكير.
الفساد عادة تعودنا عليها وورثناها، وأصبحت من أساسيات الحياة فالكل يذهب لقضاء أى مصلحة ويدفع ثمن تخطى دوره وتخليص أوراقه ويسميها إكرامية لكى لا يشعر بلوم نفسه اللوامة ويطمئنها وفى المساء يلوم على دولة الظلم والفساد.
الدولة تحارب الفساد ونجد المواطن يشكو منه ويغذيه فى مصالحه الشخصية.
الدولة تحارب القمامة والمواطن يشكو منها وفى المساء يلقى بكيسة بشارع بعيد عنه وقريب من آخرين، أو يمر بسيارته بجانب شخص ينبش القمامة ولا يتخذ ضده أى خطوة، وإن كانت تصويره وفضحه على شبكات التواصل الاجتماعى.
فالكل أصبح ينتقد فقط ولا يتحرك نحو غد أفضل فالكل قد تعود وأحس بالأمان رغم ذلك الألم المعتاد.
لسنوات عديدة، كانت سياسة سلاح المدفعية الأمريكية أن يصوبوا المدافع نحو الهدف ثم ينتظر ثمانية ثوانِ قبل إطلاق النار.
وفى محاولة من الجيش لتحسين الأداء تمت الاستعانة بخبير، لاحظ الخبير هذا التوقف لثمانى ثوانِ واستعلم عن السبب فيه.
قال الجنود المسئولون عن المدافع إنهم يتبعون التعليمات فقط ولا يعلمون السبب فى هذا الانتظار.
تحقق الخبير الاستشارى من الأمر مع الضباط وسألهم عن السبب الذى يجعل الجنود ينتظرون ثمانى ثوانِ قبل إطلاق النار.
ولكن الضباط أجابوا أن هذه السياسة المتبعة، وأنهم لا يعلمون السبب.
لم يكن الخبير من النوع الذى يستسلم بسهولة وبالتالى فإنه بحث فى سجلات الجيش عن السبب فى هذا الانتظار.
لقد اكتشف الخبير أن موضوع الثوانى الثمانية هذا من التقاليد الراسخة للجيش وأنه يعود إلى القرن الثامن عشر.
ولكن المفاجأة كانت تتمثل فى السبب فى الانتظار.
أتدرى لماذا كان الجنود ينتظرون ثمانى ثوان قبل إطلاق النار؟
لكى يعطوا الجنود الوقت فى إبعاد خيولهم!
ترى ما السياسات التى اعتدت على اتباعها فى شركتك لفترات طويلة ولكنها أصبحت الآن عتيقة ولا تقدم أى قيمة للعمل؟
إضافة بسيطة..
لقد اعتاد الجيش الأمريكى على أن يجعل فصائل الجنود تسير لثمانى ساعات دون توقف كاختبار لقوة تحملهم.
أما الآن فإن الجيش يطلب منهم السير لمسافة خمسين دقيقة ثم يجعلهم يرتاحون لعشر دقائق.
لقد اكتشفوا أن هذا الأسلوب جعل الجنود يسيرون لمسافات أبعد من ذى قبل.