الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أمسية "خان" السينمائية الجميلة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دعتنا الأحد قبل الماضى (٢٨/٨/٢٠١٦)، أسرة المخرج الكبير محمد خان، لحضور أمسية (في دار سينما كريم بوسط القاهرة) للاحتفاء والتعبير عن مشاعر التقدير والعرفان لقامة مخرجنا وقيمة فنه، والذي غادرنا مؤخرًا بغتة، وكان في صدارة الأسرة والمستقبلين نجلاه النابهان، الابنة نادين خان (المخرجة صاحبة فيلم «هرج ومرج»)، وشقيقها حسن الذي كان يقدم الضيوف وفقرات الأمسية، وقرينة محمد خان كاتبة السيناريو القديرة وسام سليمان، التي كتبت برهافة وجمال أفلامًا عدة في سينما خان متعددة وخصبة المراحل..
وبالفعل، كانت احتفالية راقية وليست «تأبينًا» تقليديًا، ومما يليق حقًا بقيمة خان وأيضًا بطبيعة شخصيته العاشقة للحياة والفن والمكان، وقبل كل شيء للإنسان... وقد بدأت الأمسية بعزف مقطوعة موسيقية لعازف العود الكبير جورج كازازيان، وتخللها عزف للموسيقار الكبير هانى شنودة لمقطوعة كان قد شارك بها في أحد أفلام خان (الشوارع حواديت).. لكن قبل أن يعزف قال شنودة، بمزيج من التأثر وخفة الظل المعروف بها: (هذه أول مرة فيما أعرف، يطلب أن تعزف موسيقى في حفل تأبين!!.. أرجوكم.. إن هذا ما أرجوه لنفسى أيضًا عند رحيلي)...
اختارت أسرة خان، فيلمه (فارس المدينة) ليعرض في ختام الأمسية، وقد كان اسم «فارس» أثيرًا لدى مخرجنا، وحقًا هو فارس السينما المصرية الجديدة الجميلة.. لكن قبل عرض الفيلم تحدثت شخصيات عرفت خان عن قرب، وعبرت عن خواطر وذكريات وشجون، وكذلك أحيانًا مفارقات وطرائف.. كانوا يحاولون تقديم خلاصات لرحلتهم مع هذا الفنان السينمائى الاستثنائي، بينهم من المخرجين الشوامخ: خيرى بشارة، وداود عبد السيد، ومن الفنانين المقتدرين ليلى علوى ومحمود حميدة، ومن مديرى التصوير السينمائى البارعين: كمال عبد العزيز.. وسعيد شيمى (الذي هو صديق العمر لخان منذ مرحلة الشباب المبكر، ويجهز لنشر كتاب له أهمية خاصة، إذ يحوى وثائق ومراسلات متبادلة، بينهما على مدى رحلة وتجربة العمر).. ومن النقاد السينمائيين الكبار: يوسف شريف رزق الله، واللبنانى محمد سويد.. والمونتيرة المتميزة دينا فاروق التي كما عبرت بدقة عن خواطرها، تحدثت أيضًا عن الدور المهم المحورى للمونتيرة الرائعة نادية شكرى في سينما ومسيرة محمد خان منذ بدايتها... كما طالب الناقد المتميز محمود عبد الشكور بأنه: من أقل ما يمكن عمله وتقديمه لخان، وفورًا منذ يوم إطلاق اسم (محمد خان) على إحدى قاعات العرض وأحد المعالم الثقافية السينمائية البارزة، والأهم على أحد الشوارع الرئيسية في مدينة القاهرة.. فقد أجمع كل المتحدثين على أن سينما خان تحتوى ضمنًا على وثيقة راقية متكاملة لا مثيل لها على الإطلاق، عن (قاهرة) هذا العصر، إذ إنه أكثر من خرج بالكاميرا إلى شوارعها، وأقدر من التقط بعينه اليقظة، وبالموهبة المحبة العميقة، دروب وتفاصيل الحياة في القاهرة والحيوية الدافقة في شوارع وسط هذه المدينة، والسمات والملامح الأساسية لدنياها... واللافت أنه قد وفق وتألق كل الذي تحدثوا عن خان في تلك الأمسية كل التوفيق والتألق!.. كأنما كانت روح خان مصاحبة لهم، ملهمة وحاضرة، بودها وابتهاجها المعهودين.. حتى أنى تمنيت، ودعوت أفراد أسرة خان والمسئولين عن الأمسية، في خاتمتها، إلى العمل على «تفريغ» هذه الأحاديث ووضعها ضمن كتاب تقدير وتكريم راق، يحوى أهم ما كتب ورصد مؤخرًا عن سينما ومسيرة خان وسيرته العطرة. وعلى سبيل المثال، فقد حلل بعمق داود عبد السيد قيمة وفن وعطاء خان، وما مثله هو وجيله وعصره في مسار السينما المصرية.. (مشيرًا دون ذكر أسماء إلى المخرج التقليدى الذي وصف سينما كوكبة التجديد السينمائى منذ الثمانينيات.. بأنها سينما المناظر المؤذية والإساءة لسمعة مصر.. وأنها سينما الصراصير!!). فرد البعض في القاعة: (إنه معروف.. مخرج التطبيع وزيارة «إسرائيل».. الذي كانت أفلامه هو تسئ إلى مصر ودأب على تشويه أعمال لمحفوظ وديستويفسكي!!)...
أما خيرى بشارة، فقد أدهشنا مجددًا (كحكاء عظيم)، لا يقل أبدًا إبداعًا وهو يتحدث، عنه وهو يبدع بإخراج الأفلام.. والحق أنه من الخسارة الفادحة للفن السابع وللثقافة الحقة في مصر، أن مثل «بشارة» لا تتاح له فرص حقيقية وجادة لإخراج ما يحب من أفلام في هذه المرحلة... إننا بعد رحيل رأفت الميهى أحد أقطاب كوكبة التجديد وعلم سينما الفانتازيا الأول، ومن بعده بعام بالتمام فارس السينما الجديدة الجميلة محمد خان، ومن قبلهما القامة الرائعة الساطعة عاطف الطيب، لما يعد لدينا في مصر من يمكن أن نقول إنهم بحجم هؤلاء المخرجين الشوامخ.. إلا هذان الشامخان، والشيخان للسينما المصرية بل والعربية كلها اليوم، وعلينا أن نعتز بقيمتهما ونعتد بما يليق بهما، ونحيطهما بالتقدير الدائم الراقي، ونتيح لهما أفضل مناخ وإمكانات، لتقديم كل ما يريدانه، بل كل ما يودان من عطاء وإبداعات...
دعاء من القلب:
ندعو الله سبحانه وتعالى، أن يمن بالصحة والعافية وتمام الشفاء: على مديحة يسري، ونادية لطفي، وهما من أعظم مواهب الفن المصرى والعربي، ومن أروع الشخصيات قيمة وفنا وإنسانية... وعلى سمير فريد، وهو من شوامخ النقاد والمؤرخين والمفكرين السينمائيين في مصر والوطن العربى والعالم... اللهم استجب.