الإثنين 30 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بوابة العرب

هاجم مصر والأردن والسعودية والإمارات بشكل غير مباشر.. ما الذي أغضب "أبومازن"؟

محمود عباس
محمود عباس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

«رباعية عربية» من مصر والأردن والسعودية والإمارات لإنهاء انقسام «فتح» والمصالحة مع «حماس» وبدء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل وفق «مبادرة عبدالله» مع تعديلها

«دول الرباعية» تطلب توحيد الجبهة الفتحاوية بإعادة المفصولين.. و«عباس» يتمسك بـ«العناد».

«أبومازن» يتحرك بـ«وهم وجود مشروع عربى لاستبداله» وقطر تدفعه إلى رفض التوافق الداخلى.

                 

كان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس «أبومازن»، منفعلًا على غير عادته في فيديو نُشر الأحد الماضى عبر «تليفزيون فلسطين». 

تحدث «أبومازن» عن تدخل عواصم -لم يسمها- في الشأن الفلسطينى وتلاعبها بـ«حق تقرير المصير»

قال الرجل: «يجب أن نتكلم كفلسطينيين.. كفى الامتدادات من هنا أو هناك.. من له خيوط من هنا أو هناك الأفضل أن يقطعها، وإذا لم يقطعها فنحن سنقطعها»، ثم أضاف: «هذا وطننا.. علاقاتنا مع جميع العالم يجب أن تكون علاقات طيبة وجيدة، لكن لا أحد يملى علينا موقفا.. لا أحد يملى علينا رأيًا.. نحن أصحاب القرار.. نحن الذين نقرر.. نحن الذين ننفذ، ولا سلطة لأحد علينا».

لم يذكر العواصم التي يستهدفها «حتى ما يتحسس أحد على رأسه»، على حد تعبيره.

سمع دوي هذا الحديث الساخن في كل العواصم العربية والغربية تقريبًا.

في دوائر سياسية ودبلوماسية كانت كلماته محورا أساسيا في المناقشات.

ما الذي يريد أن يقوله «أبومازن»؟ وإلى من يوجه حديثه؟ وما العواصم التي يقصدها؟

بدت كل الإجابات التي خرجت في اليومين الماضيين عن الأسئلة الثلاثة مقتضبة، لم يدخل أحد إلى منطقة الجد مباشرة، أو يقدم إجابات شافية.

لنسم الأشياء بمسمياتها الحقيقية إذن.

وفق ما هو متاح من معلومات فإن جهودًا تتحرك الآن نحو تشكيل «رباعية عربية» تضم «مصر، والأردن، والسعودية، والإمارات»، بهدف حل القضايا العالقة في الداخل الفلسطينى، وصولًا إلى عقد مؤتمر دولى للسلام للضغط على إسرائيل للقبول بمبادرة السلام العربية التي سيتم تعديلها لاحقًا.

هذا يتزامن مع قرب إجراء الانتخابات المحلية بالأراضى الفلسطينية في الثامن من أكتوبر المقبل، وسط مخاوف من توسع سيطرة حركة «حماس» في ظل الانقسام داخل حركة فتح.

المبادرة «الأردنية المصرية» المدعومة سعوديًا وإماراتيًا تسير بـ«خارطة طريق» مكونة من ٣ خطوات: 

الأولى: توحيد جناحى الحركة، والثانية: المصالحة بين «فتح» و«حماس»، والثالثة: التحرك على المستوى الدولى لإجراء مفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في القاهرة أو باريس أو موسكو، استنادًا إلى المبادرة العربية للسلام -بعد تعديلها- والمبادرة الفرنسية.

الخطوات المبدئية لـ«الرباعية العربية» تتمثل في وقف المواجهة الإعلامية بين جناحى «فتح»، وتشكيل قوائم انتخابية موحدة للحركة في الضفة الغربية وقطاع غزة في الانتخابات المحلية، وأخيرًا إعادة المفصولين إلى صفوف الحركة وإرجاع رواتبهم المتوقفة. بعدها تبدأ مفاوضات لإنفاذ المصالحة الفلسطينية الداخلية بين «فتح» و«حماس» سواء في القاهرة أو الدوحة، وصولًا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، لتبدأ المفاوضات مع الإسرائيليين، حتى لا يقال -كما كان يحدث طوال السنوات الماضية- لا نجد طرفا موحدا نتفاوض معه.

وطرح الملك السعودى الراحل عبدالله بن عبدالعزيز في القمة العربية ببيروت عام ٢٠٠٢ مبادرة عربية للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، تتضمن إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود ١٩٦٧ وعودة اللاجئين وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل. وتتحفظ إسرائيل على بنود في المبادرة، وقد ذكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة لوزراء «الليكود»، أنه «لن يوافق أبدًا أن تكون مبادرة السلام العربية -بشكلها الحالى- أساسًا للمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين»، وهو ما ردت عليه الدول العربية بأنها ستنظر في التعديل بمجرد بدء المفاوضات.

بحسب معلومات فإن اجتماعات أمنية مكثفة قد عُقدت في الأيام الأخيرة لـ«دول الرباعية» لتحقيق المصالحة الفتحاوية قبل موعد إجراء الانتخابات البلدية.

جرى التواصل مع أطراف الصراع وأبدت بعضها مرونة، غير أن الطرف الممسك بالسلطة كان متعنتًا بعض الشىء. وكانت اللجنة المركزية لحركة فتح قد أصدرت بيانًا رحبّت فيه بـ«التلاحم الفتحاوى» على مستوى القاعدة، بعد لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى وملك الأردن الملك عبدالله بالقاهرة، يُرحبان فيه ببيان المركزية المذكور، وبالمصالحة الفتحاوية الداخلية. وتبع ذلك تصريح صادر على لسان أمين سر المجلس الثورى لحركة فتح، أمين مقبول، لـ«إذاعة صوت فلسطين»، بأن المجلس سينعقد في الجزء الأخير من شهر سبتمبر الجارى، لمناقشة الجهود العربية لإنهاء الخلافات داخل الحركة، غير أنه لم يضع إجابة واضحة عند سؤاله حول قرار إعادة مجموعة من المفصولين.

ما الأزمة إذن؟

تقول مصادر واسعة الاطلاع على الملف إن الرئيس عباس يتبنى موقفا عنيدا ضد عودة بعض المفصولين إلى صفوف «فتح»، رغم قراره الصادر مؤخرًا بعودة ١٣ قياديًا مفصولا إلى الحركة، بينهم سفيان أبوزايدة، وناصر جمعة، وعبدالحميد المصرى، وماجد أبوشمالة، ومحمود عيسى.

هذا الموقف ظل حبيس الغرف المغلقة حتى اختار هو أن يعلن عنه أمام الجميع.

تواصل المصادر: «الرئيس أبومازن كأنه يضرب الآن كل الجهود.. هو يرفض شروطا أساسية للمصالحة بين جناحى فتح بدوافع شخصية في كثير من الأحيان، ومن ثم فشل الخطوة الأولى للرباعية».

لنتحدث مباشرة وأمامنا مقال الكاتب الكبير جهاد الخازن المنشور بتاريخ ١٢ يونيو الماضى بصحيفة «الحياة» اللندنية، تحت عنوان: «رأى خليجى في أوباما والقيادة الفلسطينية».

ينقل الخازن عن مسئول خليجى بارز أن «الدول العربية مستعدة للتعاون مع الإدارة الأميركية المقبلة على أساس مبادرة السلام العربية، إلا أن السلطة الوطنية الفلسطينية تمكن بنيامين نتنياهو أن يقول بأن لا شريك فلسطينيا في المفاوضات».

المسئول الخليجى قال إن قيادة السلطة الوطنية كلها يجب أن تتقاعد، فلا ثقة فيها.

يبرر المسئول طلبه بأن السلطة تتعامل بلا عقل مع الدول العربية الداعمة.

لدينا مثلًا التعامل مع الإمارات العربية المتحدة.

ينقل «الخازن» عن المسئول الذي لم يسمه: «الإمارات بقيت أربع سنوات تساعد السلطة بنحو ٥٠٠ مليون دولار في السنة، وإنه شخصيا كان يحمل زرا عن كوفية فلسطينية تضامنا مع الفلسطينيين». ويضيف: «سلام فياض (رئيس الحكومة الفلسطينية السابق) جاء إلى أبوظبى، وقال إنه قرر إنشاء جمعية غير حكومية، واختار المسئولون في أبوظبى أن يدعموا جمعيته بعشرة ملايين دولار، ثم فوجئوا بالمدّعى العام الفلسطينى يجمِّد تحويلًا بمبلغ ٧٠٠ ألف دولار إلى جمعية سلام فياض، ويتهم الإمارات بمحاولة تبييض أموال عن طريق الأراضى الفلسطينية».

سقطت التهمة والمدعى العام اعترف بأن «أبومازن» أمره بتلفيقها، والإمارات من جانبها أوقفت كل المساعدات إلى السلطة.

ثم إن الرجل ورغم كل الجهود المصرية المبذولة يشعر ببعض الريبة -غير المفهومة أو المبررة- تجاه القاهرة، خصوصا إذا زارها شخص من المناوئين له. ولا نفشى سرًا حين نقول إن مصر قدمت منذ فترة طويلة مبادرة منفردة لإنهاء الانقسام الفتحاوى، غير أن «أبومازن» رفضها أيضًا من دون أي مفاوضات، لمجرد أنها لم تستبعد أي طرف له قوة على أرض الواقع.

وتقول تقارير إعلامية -أقرب للصحة- إن هناك «شبه قطيعة» بين السلطة والأردن، ونقاط خلاف واسعة تتعلق بتحريض السلطة لوسائل إعلامها، لرفض فكرة نصب كاميرات مراقبة في المسجد الأقصى، وتجاهل «أبومازن» قضية طرد ممثلى وزارة الأوقاف من المسجد الأقصى، إلى جانب انزعاج الأردن من تصدى الجانب الفلسطينى لطرح قضايا القدس والمسجد الأقصى في المحافل الدولية، كما حدث مؤخرا عندما أسفر التحرك الفلسطينى عن إعلان «اليونيسكو» رفضها للرواية اليهودية التي تربط بين اليهود والمسجد الأقصى.

لماذا يفعل محمود عباس كل ذلك؟

يتحرك «أبومازن» في كل خطواته الأخيرة مدفوعًا بـ«وهم» وجود مشروع عربى لاستبداله.

يقول مصدر مطلع: «هذا وهم.. لم يطرح أحد ذلك حتى في الغرف المغلقة»، مضيفًا: «لو توفرت الإرادة السياسية لديه لأنجز المصالحة -حتى مع حماس- خلال ٢٤ ساعة، لكنه لا يريد ذلك». وإذا أردنا أن نختم هذا التقرير فلا بد أن نعرج على الدور القطرى.

تعتقد مصادر عربية بأن قطر تلعب دورًا في تحريض «أبومازن» على إنهاء الانقسام الداخلى: «هي تشجعه على رفض عودة المفصولين وعدم الجلوس على مائدة المفاوضات مع الذين تركوا اللجنة المركزية». وفيما يظهر فإن «أبومازن» يرضخ -حتى الآن- للطلب القطرى تحت إغراء أموال كثيرة تعرضها الدوحة حتى لا يراوح الملف الفلسطينى المربع رقم صفر.