السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الإدارة والعدالة والديمقراطية "2-2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يكفى نظرة سريعة على الشارع المصرى لنجد أن الجميع يقول «نفسى نفسى» ثم يطالب الجميع بتطبيق العدالة، وهذه إشكالية تعكس تناقضا سلوكيا ما يؤدى إلى ضعف قيمة التكافل والتضامن وانعدام المسئولية الاجتماعية الأمر الذى يستوجب على المواطن أن يتحمل جزءا من هذه المسئولية ويستوجب على الحكومة أن تراعى ميزان العدل الاجتماعى ولا تخشى فى قول الحق لومة لائم. 
ولهذا قلت كلمة السر لحل مشاكلنا فى وجود الإدارة الرشيدة بمعنى خلق علاقات ترابط وتفاعل بين مستويات الهرم الإدارى لأن الإدارة ليست سلطة وتحكم وتوجيه ورقابة فقط إنما تعليم وثقافة واحتواء وتدريب وحب وعدل، وأشد الأمراض التى يمكن أن تصيب الإدارة افتقاد العدالة لأنها تخلق الحقد وتقتل القدرة على الإنجاز وتدمر مجتمع المنتجين وتشجع على الاتكالية والفساد. 
يفتح القائد الناجح بابه وقلبه لمرؤوسيه ولا يميز بينهم إلا بالعمل والإنتاج والقدرة على الإنجاز، وهى معايير التقييم الحقيقية وأخطر ما يصيب العلاقات الإدارية أن يتسرب الهوى إلى متخذ القرار ويصبح هو المتحكم فى توجهات المؤسسة، وأعتقد أن الهوى هو أحد أسباب تفشى الفساد فى الجهاز الإدارى لأنه فى النهاية يقود إلى الاحتقان بين العاملين ويصبح الموظف مميزا ليس بعمله، ولكن بقربه من مستوى الإدارة العليا بما يخلق النفاق الإدارى ويسمح بوجود طائفة فى كل مؤسسة وظيفتها التطبيل والتهليل وتغيب من هنا العدالة!
أتمنى من الحكومة أن تدرس بالتوازى مع الإصلاح الاقتصادى عملية الإصلاح الإدارى ليس على مستوى الإدارة العليا فقط ولكن على كل مستويات الهرم الإدارى حتى يمكن القضاء على النفاق والفساد والمحسوبية وإعادة النظر فى معايير تقارير الكفاءة السنوية للموظف التى لم تتغير منذ عقود طويلة فى حين تغير العالم وتغيرت المعايير لأنها فى التحليل الأخير تقارير لا تعبر عن الواقع الإدارى الحقيقى للمؤسسة والمستوى الحقيقى لكفاءة العاملين كيف يحصل الموظف على امتياز لو كانت درجاته -وهى عملية تقديرية بحتة لرئيس العمل- ٩٠٪ وإذا حصل على ٨٩٪ يصبح تقديره جيد جدا وبالتالى هذه النسبة الأخيرة تقف حجر عثرة أمام ترقيته ولا يدخل التدريب والدرجات العلمية والخبرات المضافة ضمن معايير تقرير الكفاية وطالما أن المسألة تقديرية فإن الهوى له مكان فى الحكم على مستوى الأداء وهو ما يعوق أى عمليات للتطوير الإدارى. 
ولا بد أن تكون المعايير الجديدة متفقة مع طبيعة العصر ومدى التطور الذى حققه الموظف خلال عام كامل وحساب حجم الإنجازات التى قام بها لتطوير عمله، من هنا لا بد أن يصبح التدريب لصيقا بمستويات الهرم الإدارى بحيث يرتفع التقدير كلما ارتفع منحنى العملية التدريبية فى المنشأة الإدارية وترجمة هذا كله إلى نظام رقمى يمثل رصيدا وسجلا لمعايير الكفاءة للموظف خلال حياته الوظيفية ومن ثم يبتعد عامل الهوى عن تقييم العملية الإدارية، وإذا كانت العدالة والإدارة الرشيدة وسيلتين لحل مشاكلنا فلا يغيب عنا المتنفس الطبيعى للمجتمع الذى يبغى الرقى والتقدم أى الحرية والديمقراطية، حيث لم تتقدم أمة من الأمم تحت وطأة القهر والقمع عبر كل العصور إنما تطورت الأمم فى ظل سيادة الحرية المسئولة وتطبيق الممارسة الديمقراطية بمعنى التعددية الحزبية والسياسية التى تتسم بالنضوج وبعيدا عن محاولة الرسم الديكورى للديمقراطية من خلال أحزاب كرتونية ليس لها دور أو رأى حتى يبدو النظام الشمولى ديمقراطيا، ولهذا ارتبطت فكرة المجتمع القادر على الإنجاز الاجتماعى والاقتصادى بالتنمية السياسية وهذا يتطلب وسائط اتصال قوية تصنع إعلاما متفاعلا مع الرأى العام وعاكسا لمدى التطور الديمقراطى فى المجتمع، وفى الوقت نفسه لا بد من وجود منظومة تعليمية تقوم على عنصرى العلم والأخلاق لإعداد أجيال من النشء يواصلون مسيرة التنمية والتقدم فى المستقبل ومن خلالها تصبح الديمقراطية فكرا وممارسة ضرورة حتمية نعلمها لأبنائنا منذ نعومة أظفارهم حتى التعليم الجامعى.