وزير التموين لا يهمنا إذا كانت استقالته برغبته وإرادته أم بضغط صامت من الدولة والحكومة، ما يهمنا كمواطنين حقوق الإنسان، وأهم من الحقوق كرامة الإنسان.
موضوع الوزير خالد حنفى موضوع خلاف، فهناك من يعتقدون أن ما قام به خالد حنفى من آداء وبالذات بخصوص منظومة الخبر الذى أشار إليها الأستاذ القدير محمد حمودة المحامى هى منظومة مشرفة.
ونحن نعلم أن أسلوب الأستاذ حمودة يتميز بالمواجهة الصريحة التى لا تخشى فى الحق لومة لائم تماما، مثل ما عمله فى برنامج الحرة الأمريكى حينما واجه الجانب الأمريكى بكل شفافية وقوة، وما يحصل فى المنطقة منذ «حدوتة» الربيع العربى.
بقى تساؤل كبير بخصوص مسئولية الوزير خالد حنفى.. لماذا لم يفتح تحقيق رسمي حول ما تم على أرض الواقع فى التحقيقات الخاصة بموضوع القمح والصوامع؟، وأن يقدم للرأى العام الصورة الصحيحة كاملة، وأن يقدم المسئول مهما كانت مسئوليته إلى جهات التحقيق القانونية.
هذا لا يمنع أننى تأثرت، وأنا أسمع كلمة الختام فى المؤتمر الصحفى الذى أعلن وزير التموين فيه استقالته: «حقى عند الله..!!».
أما القصة التى بنى عليها فيلم سينمائى حول إقامته فى فندق «سميراميس»، وكانت هناك شبهة أن ذلك كان على نفقة الدولة، وهذا ما نفاه الوزير.
وكان وزير التجارة السابق د. محمد رشيد مثل خالد حنفى من أهل الإسكندرية، وحينما تولى الوزارة سكن أيضا فى فندق بالقاهرة.
لماذا لا نرتفع بمستوى المناقشات والاتهامات التى تنزل بمستوى المسئولين ومعهم مستوى الدولة، ويشعر الرأى العام أحيانا أنه تحكمه عصابة؟.
ولا شك أن من حق الوزير خالد حنفى أن يدافع عن نفسه أمام جهات القانون والقضاء دفاعا عن كرامته ونزاهته، ومن حق الرأى العام إذا ثبتت براءته أن ينحاز للعدالة ليدافع بقوة عن وزير كان ضحية ظلم ومناورات سياسية.
والغريب فى تقاليد بلدنا أنه منذ شهور قليلة كان الوزير حنفى محل تقدير من الرأى العام والإعلام، اعترافا بكفاءته وقدراته، ثم تغير الحال لتنقلب الصورة ليصبح فى قفص الاتهام دون أن تخرج أصوات من زملائه يدافعون عن رجل عاش بجانب تجربة، اعتبرها الكثيرون ناجحة ومشرفة.
من منا ينسى تجربة الوزير رشيد الذى كان وزيرا للتجارة، والذى قام بدور استثنائى، وكان له قدرة على اختيار معاونين فى مواقع هامة مثل الدكتورة سميحة فوزى التى كانت مساعدة الوزير، واعترف الجميع لها بالتفرد والكفاءة.
ولم أفهم لماذا استبعدت بعد ثورة يناير، فى حين سارعت قطر بالاستفادة به.
وأسمح لنفسى أن أشير إلى نموذج آخر يوسف بطرس غالى الذى تميز بقدرات هائلة رغم صغر سنه، وبعد أن أستبعد من مسئولياته كوزير مالية استعانت به مؤسسات دولية مستفيدة بخبراته.
كل هذه الحالات تتطلب وقفة فحص وتأمل حول التضحية بهذه الشخصيات التى قامت بدور وخدمات لا يستهان بهما، يجب التأمل فى مسئولياتهم، وما يراد إسناده لهم من أخطاء. وكما قلت سابقا إن أهم ما تميزت به هذه الشخصيات من خالد حنفى إلى الوزير رشيد إلى د. بطرس غالى قدرتها على اختيار قادة ومعاونين، وهنا أضيف لرصيد الوزير رشيد حينما قرر أن يضع فى مكان المسئولية لرئاسة مؤسسة شركة ضمان الصادرات سيدة ذات عقلية اقتصادية متميزة، وهى الدكتورة علا جاد الله، لتستطيع فى وقت زمنى قياسى أن تعطى لمؤسستها فرصة ذهبية، لأن تضاعف دخل الشركة، وشرفنى الوزير رشيد بأن يختارنى بجانبها فى مجلس الإدارة، واكتشفت على أرض الواقع قدراتها وإمكانياتها.
أقول كل ذلك لأشرح لماذا رفضت وأرفض الظلم الذى قد يكون نال الوزير خالد حنفى.