تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
“,”يمكن أن تنشئ دولة ضعيفة وتصنع برلمانًا فاسدًا، وتختار أميرًا جشعًا وتصنع قواعد وتشريعات ضعيفة، لكن أعطني صحافة حرة، وأنا أصلح لك كل ذلك“,”.. قالها أحد سياسيي بريطانيا في القرن الثامن عشر لرئيس الوزراء، فالصحافة هي كشّاف حقائق، والكلمة هي أداة المقاومة الأولى، والسلاح المُشهر ضد القبح.
لذا فقد تلقيت خبر تحويل باسم يوسف إلى النيابة للتحقيق معه بكثير من الحزن والقلق، ومن قبله تم استدعاء إبراهيم عيسى للتحقيق معه بتهمة ازدراء الأديان، وبذات التهمة استدعى الدكتور يوسف زيدان للتحقيق في ظل إرهاب غير مسبوق يمارس ضد الكلمة والرأي.
لا نهضة ولا تنمية مادامت الكلمة مطاردة، والإبداع معتقلا، والرأي الآخر مضطهدًا.. لا عبور لمصر جديدة على جثث المبدعين والمفكرين، ولا صعود على سلالم المجد وهي مفروشة بمسامير الاستبداد والقمع.
إن جماعة الإخوان تمارس التفتيش علنًا وسرًا.. في صحفهم وفضائياتهم ومواقعهم الإلكترونية وجلساتهم العامة والخاصة ومؤتمراتهم الانتخابية وغير الانتخابية، وفي كل طلة لا يتورعون عن إلصاق كل نقيصة بالإعلام والصحافة، ووصم كل منتقد أو معارض بالفلولية والثورة المضادة.. إنهم يريدوننا أن نصمت، وإلا فنحن سبب كل كارثة.. يطلبون سكوتنا لأن أصواتنا تزعجهم.
في رأيهم.. فإن الإعلام هو سبب كل المشاكل، وأصل كل الأزمات.. هو الذي أجج الصراع بين الساسة وجعل بأسهم بينهم شديدًا، وهو الذي منع التوافق بشأن تأسيسية الدستور، وهو الذي عطّل برنامج النهضة الطامح، وهو أيضًا الذي أشعل أزمة الوقود، وشوّه صورة الدعاة المتسامحين مثل عبدالله بدر، وخالد عبدالله ووجدي غنيم.
الصحافة هي القاتل الخفي، والإعلام هو المجرم السري الذي يطعن في الظلام ظهر الوطن.. كل كاتب شيطان حاقد يقف في وجه المشروع الإسلامي، وكل صاحب رأي هو داعية اختلاف وفرقة وانقسام في نظرهم.
تصوروا أن صلاح عبدالمقصود وزير الإعلام الحالي الذي كان يومًا مقيدًا بفعل نظام غاشم يطلب من زملائه الوزراء عدم منح إعلانات وزاراتهم للفضائيات والصحف المنتقدة للرئيس، ويكرر نفس كلام سدنة الفرعون المخلوع من وجود إعلاميين يسعون لهدم الدولة!!
ويبقى الرأي خالدًا مادام لوجه الوطن، وتظل الصحافة أداة مقاومة للقبح، ولافتة احتجاج ضد القهر، ويمضي الكاتب يحفر قبره بقلمه في شوق ووجد واستشهاد.
وتبقى الكلمة نور الله، يريدون ليطفئوها بأفواههم، لكن الله متم نوره ولو كره المستبدون.
يقول الشاعر الجميل محمد الماغوط: “,”أنا لا أكتب ولكني أنزف“,” ونحن ككتاب ومثقفين سننزف أعمارنا فداء للحرية، والله أعلم.
[email protected]