أثبتت التجربة العملية وفى أول محاولة برلمانية لتطبيق نص المادة (١٣١) من الدستور والخاصة بسحب الثقة من الوزراء وإعداد طلب لسحب الثقة من وزير التموين المستقيل خالد حنفى أن هذه المادة وضعت من أجل الردع، وأن يملك البرلمان عصا الترهيب والتخويف لوزراء الحكومة فى ظل عدم وجود أى ظهير سياسى أو برلمانى للحكومة لأن الأغلبية غائبة ومنقسمة ومفككة وحكومة بلا أغلبية هى حكومة فى مهب الريح.
فإرغام وزير التموين خالد حنفى على تقديم استقالته من الحكومة قبل ٩٦ ساعة من جلسة مناقشة الاستجوابات المقدمة له وتقرير تقصى حقائق فساد القمح أكد أن سيناريو تطبيق المادة ١٣١ من الدستور مستحيل الوصول إليه وأن هذه المادة ستكون بهدف الردع للوزراء وأن يتعلموا من درس وزير التموين خالد حنفى.
ورغم مسارعة الحكومة بإجبار الوزير على الاستقالة إلا أن هذا القرار لم يسعد عددا من النواب الذين انتظروا تحقيق أول انتصار لهم وإعلاء نص المادة ١٣١ من الدستور والاحتفال بمعركة سحب الثقة والتى قد تتفوق على معركة السادس من أكتوبر.
فاستقالة وزير التموين أضاعت الفرحة على بعض النواب خاصة من كتلة ٢٥/٣٠ والذين سعوا بكل قوة لبقاء الوزير ولم يطالبوه بالاستقالة كما فعل آخرون، ومنهم النائب مصطفى بكرى لأن معركته مع الوزير وليس الدولة المصرية، بينما الآخرون معركتهم مع الدولة المصرية وليس الوزير وفرحتهم المنتظرة أخذتها الاستقالة وطارت بها.
والحكومة عليها أن تتعلم من هذا الدرس وأن تسعى لإقامة وتأسيس ظهير سياسى وبرلمانى لها تحت القبة وأن تستمع لصوت نواب الدولة المصرية وتلبى مطالبهم وتحل مشاكلهم لأن الدنيا «خد وهات» والحكومة تريد أن تأخذ تأييد النواب دون أن تعطى لهم شيئاً.
فمهمة البرلمان ليست الرقابة والتشريع فقط بل أصبحت مهمته الإرهاب والتخويف من خلال سلاح المادة (١٣١) من الدستور وطلبات سحب الثقة ورسالة نواب سحب الثقة وصلت لجميع الوزراء الآن وليس أمامهم إلا الخضوع للنواب وإلا على كل وزير أن يحمل استقالته فى جيبه.
فعلى الوزراء أن يستعيروا اسم الفيلم العربى «الرصاصة لا تزال فى جيبى» ليصبح «الاستقالة لا تزال فى جيبى» وهم يتعاملون مع أعضاء مجلس النواب داخل القاعة وفى اللجان وأيضا داخل مكاتبهم وعند توقيع التأشيرات على الطلبات المقدمة منهم لأن خالد حنفى هو الأول ولكنه ليس الأخير.
فبرلمان ٣٠ يونيو ليس مستأنساً كما زعم البعض، ولكنه يملك صلاحيات دستورية غير مسبوقة ولكن عليه أن يحسن استخدام هذه الصلاحيات وألا يشعر بالغرور بعد أن أطاح بوزير التموين خالد حنفى لأن الغرور يقتل صاحبه ويدمره فإياكم والغرور يا نواب الشعب، وإياكم والشماتة فى رحيل الوزير المستقيل خالد حنفى.
وإذا تحولت الرقابة البرلمانية إلى أداة للترهيب والتخويف للوزراء فهى رقابة فاسدة وطائشة وبئس هذه الرقابة، والوزير الذى يخشى ترهيب وتخويف بعض نواب البرلمان يستحق الرحيل بالإقالة وليس الاستقالة.