لمن تابعوا كل المناقشات التى دارت حول مشروع بناء الكنائس كان من حقهم أن يندهشوا بأن تأخذ هذه المناقشات كل هذا الوقت دون التوصل إلى نتيجة يرضى عنها مسلمو وأقباط مصر.
هل يعقل أن ننتظر كل هذا الوقت فى مناقشات عقيمة إلى أن يأتى الرئيس عبدالفتاح السيسى بحكمته وقدرته الإثنين الماضى، ويستدعى رئيس وزراء مصر لإعطاء التوجيهات اللازمة للتعجيل لحل الأزمة.
هل يعقل أيضا أن يكون لدينا قيادتان بحجم قداسة البابا تواضرس والإمام الأكبر الدكتور الطيب، بما لديهما من حكمة وسماحة وذكاء ثم نحتاج إلى هذه التجمعات التى لديها ملكة «البغبغة» وعلى مستوى الكنائس الأخرى يكون لدينا رئيس الأنجليكانية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا د.منير حنا بحكمته وثقة الجميع فيه، وقدرة على العطاء الفكرى.
لمن تابعوا لقاءات شيخ الأزهر مع الشباب الإسلامى والمسيحى واستمعوا إلى كلماته الهادئة والواعية، ولمن استمعوا أيضا مثلى إلى آراء وحكمة قداسة البابا تواضرس من حقهم أن يقولوا بكل جرأة وصراحة لسنا فى احتياج إلى «هواة الاستعراض بالكلمات»، ولنذهب إلى حكماء هذه الأمة لنسألهم الرأى الصائب فى الحلول الممكنة لحل أزمة قانون بناء الكنائس.
وقد دهشت عندما قرأت تصريح المستشار مجدى العجاتى وزير الشئون القانونية، مفاده أن الأنبا بولا أسقف طنطا ومسئول ملف العلاقات العامة أبلغ الوزير برفض البابا تواضرس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للتعديلات التى اتفقت عليها الكنائس الثلاث فى اجتماع على أعلى مستوى، وأن رفض البابا أحزن الوزير كثيرا.
مع احترامى لرأى وكلمات الوزير إلا أنها زلة لسان أن يتكلم فى العلن عن خلافة فى الرأى مع قداسة البابا تواضرس.
وفى رأيى وبكل تواضع أقول إن أزمة قانون بناء الكنائس كان يكفى لحلها لقاء ثلاثى بين الإمام الأكبر وقداسة البابا مع السيد الرئيس، ثم قد يأتى بعد ذلك دور البرلمان والسلطة التشريعية.
وما أقوله هنا ليس حكرا على آراء الشخصيات والمؤسسات الأخرى ولكنه اختيار مقصود به اختصار الوقت وتفادى «سفسطائية المناقشات» ويحتمل أن مهمة حل أزمة بناء الكنائس كان يجب أن تقع على عاتق المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء لكى لا نثقل كاهل رئيس الدولة، وكان يمكن أيضا أن يساهم جزأ من مثقفى المسيحيين والمسلمين ليدلوا بدلوهم بآراء مستنيره.
فأسمح لنفسى بأن أقترح اسم أحد حكماء هذه الأمة الدكتور على جمعة الذى يثق فيه مسلمو ومسيحيو وطننا. وحينما أقول إنه من حكماء هذه الأمة فإننى أستعين بما قاله بحكمة وذكاء فى لقاء لدى العزيز الدكتور حسن راتب لنحتفل بنجاته بعناية الله، «وما قاله كان فكرا وكلمات يتوقف الإنسان أمامها ويتعقل معانيها».
هذا لا يمنع أن الرئيس السيسى فى مكان يسمح له أن يكون حكما بين أطراف الأمة ومؤسسات الحكم ولقد سمعناه جميعا فى مداخلات عامة وهو يفكر ويقترح فى هدوء وثبات، فيستطيع الجمهور أن يسمع ويستوعب.
وبطبيعة الحال حينما يتدخل فى موضوع ليقرب بين وجهات النظر للمسلمين والمسيحيين فلديه بطبيعة الحال ثقة المسلمين أما المسيحيون فقد رأته منذ عدة شهور وهو يدخل فجأة إلى الكاتدرائية أثناء القداس وكيف أن الأقباط شعروا بروح من الغبطة والسرور وهم يرونه بابتسامته المعتادة ثم يوجه إليهم كلمات من القلب جعلت السعادة تعم فى نفوسهم، وكانت مفاجأة بعدها أن ينزل إلى صفوفهم فتلهب أيديهم التصفيق الحار.
إذن من حقنا أن نتفاءل برد فعل تدخل الرئيس لحل أزمة قانون الكنائس.
بجانب كل ذلك من واجب مسلمى ومسيحيى هذا الوطن أن يعدوا أنفسهم لتقارب يجمعه روح المحبة والمودة.