يمر علينا يوميًا بعض من المشاكل والعقبات ونحن بطبيعة الحال نعظم من شأن كل ما هو آت إلينا ونضخمه، فتصبح الحلول أيضا معقدة وتحتاج لتكنولوجيا العصر الحديث لإيجاد طرق لنتخطى تلك المشاكل.
منذ أيام قليلة كنت أتكلم مع أحد عظماء الموارد البشرية، شخص قائد أدار منظومات لعقود كثيرة، وله من الخبرات ما يجعل منه شخصا يستحق أن يكون فى منصب كبير، وأن يتقاضى مبلغًا كبيرًا، ولكننى فوجئت أنه لا يعمل منذ ثلاثة سنوات، وأن الأحوال أصبحت غير سارة، وأن عليه من الديون والأقساط ما يجعله الآن يريد أى عمل بأية راتب لكى يكفى حاجاته وحاجات أسرته، وهنا تبادر لنفسى سؤال.. ولماذا عملت لكل تلك الفترة من الزمن عند أناس تزيد من تجارتهم بخبراتك ولم تستفد أنت بما تعلمته لتكون أنت المستفيد؟ وما الفائدة من أن تتعلم وتكون طوال عمرك مجرد أداة لنجاح الآخرين؟
تكلمت معه لأرى ما الحل الأنسب من وجهة نظره بخبرته العظيمة، واندهشت مرة أخرى أن كل الحلول التى تراوده ما هى إلا الطريق القديم والوظيفة المحدودة، وأيا كانت تلك الوظيفة عالية فهى محدودة.
هذه القصة الحقيقية تمثل لنا نمطا محددا من الحلول التى لا نخرج عنها أبدا، مع أنه يوجد كثير من الحلول البسيطة التى من الممكن أن تغير من أحوالنا طول العمر، بل من الممكن أن يمتد أثرها إلى أبنائنا وأحفادنا، وأن نكون نحن حجر الأساس لكل من سيأتى بعدنا لنمط جديد من الحلول، وليس فقط لمشاكلنا الصغيرة، بل ستمتد لمشاكل أكبر وحلول أعظم، وسنكون من الأمم التى تقف أمامها كل الأمم احتراما.
نظرة لنظام التعليم ونظام الحفظ، وكسر الأفكار التقليدية لنظم تلقى العلم فى بلادنا، وإبداله بنظم جديدة تشغل العقول، وتنتج الأفكار وتساعد الأجيال فى فتح طرق جديدة فى عالم يملؤه الإبداع.
لا بد أن نعتمد على نظريات العصف الفكرى، ونترك نظريات المجموع لدخول الكليات، لا بد أن نحدد مستويات الذكاء لمختلف أجيال أبنائنا، ونفتح لهم أفق التفكير والإبداع، وننسى طرق حفظ المنهج، وحفظ الأناشيد، وطرق البغبغاوات للانتقال بين مراحل العلم بعضها بعضا.
ولكل منا فرصته لأن يبدأ بنفسه وبيته، ولنجعل ساعة من يومنا للتفكير فى كيفية التفكير والتمهل جيدا فى كيفية أن نعلم أبناءنا أن يستخدموا عقولهم، خاصة الجزء المبدع وليس بالجزء الحافظ للمعلومات، وأن نضع لهم بعضا من المشكلات الصغيرة، ونترك لهم عنان التفكير لإيجاد حلول، وأن نشجع رغبتهم فى الإبداع بطريقتهم وليس بالطريقة التى نراها نحن أنها الأصح، فيصيبون تارة ويخطئون تارة أخرى، فيتعلمون من تجاربهم وليس من تجاربنا نحن.
حينما تلقى مصنع صابون يابانى شكوى من عملائه أن بعض العبوات خالية اقترح مهندسو المصنع تصميم جهاز يعمل بأشعة الليزر لاكتشاف العبوات الخالية خلال مرورها على سير التعبئة ليتم سحبها آليًا، ومع أن الحل مناسب إلا أنه مكلف ومعقد، وفى المقابل ابتكر أحد عمال التغليف فكرة بسيطة وغير مكلفة، وذلك بأن توضع مروحة كبيرة بدلًا من جهاز الليزر، بحيث يوجه هواؤها إلى السير فتقوم بإسقاط الفارغ. العبوات الفارغة قبل وصولها إلى التخزين!.