كتبت الأسبوع الماضى مقالًا بعنوان «ظهر الفساد فى البر والبحر والأوبرا»، وقد فوجئت بردود أفعال كثيرة من الأوبرا وخارجها، والسمة التى ميزت أغلبها أنها جاءت فى الخفاء سواء تليفونيا أو فى رسائل خاصة، سواء ممن يتعاملون مع الأوبرا ويحرصون على العلاقات مع مسئوليها، أو من الفنانين والعاملين الذين يخشون التنكيل بهم، وخاصة فى ظل حالة الإحباط التى أصابتهم لسنوات طويلة تغير فيها كل شىء إلا حالهم، ونظرا لما يظنونه بأن الأمر سيمر دون محاسبة لقدرة بعض الجهات على تستيف الأوراق!!، وطبقا لما نشرته بعض الصحف عن دفاع رئيسة المركز الثقافى القومى بأن لديها نحو ١٣ فرقة فنية، وذلك ردا على ما زعمه نواب الشعب من صرف ٢٠٠ مليون جنيه من صندوق تمويل أنشطة ومشروعات الأوبرا خلال السنوات الأخيرة، إلا أنه قد وصلنى شكوى سبق تقديمها إلى الأوبرا ووزير الثقافة وموقعة من أعضاء إحدى أهم فرق الأوبرا، وتتضمن استياءهم من عدم رفع رواتبهم منذ ٢٠١١، حيث أصبحت لا توفر لهم حياة كريمة ولا تزيد علي مرتب عمال النظافة وسائقى الأجرة كما جاء بها، وأنهم يرون زملاءهم الموهوبين والمجتهدين وهم يرحلون عنهم واحدًا بعد الآخر، وآخرين يسعون للحاق بمن سبقهم لعجزهم عن توفير حياة محترمة لهم ولأسرهم اعتمادًا على مرتباتهم المثيرة للشفقة، وقد أنهوا شكواهم بما يلى: «نحن نطالب بحقنا فى زيادة مبدئية لمرتباتنا بمقدار لا يقل عن ٥٠٪ لجميع الأعضاء بلا استثناء وتطبيق علاوة سنوية لا تقل عن ١٠٪ والتى توقفت منذ سنوات بلا مبرر واضح وهذا لو تم فلن يعيد إلى مرتباتنا القوة الشرائية التى كانت قبل ٢٠١١، ولكنها بداية نتمنى استمرارها لضمان نجاحنا فى الحفاظ على مستوى فنى يليق بالوطن»، وهو ما يؤكد الأحوال المادية السيئة التى يعانى منها فنانو الأوبرا رغم الملايين التى تم صرفها، ويدحض ما ذكر بشأن حصول الفرق على أى مستحقات إضافية، أما المؤرخ ماجد فرج الذى لم يخش من نشر الرأى الذى كتبه على صفحته الشخصية، فقد روى لى تأكيدا على عدم حيادية الإعلام، أنه بعد أن تقدم ببلاغه إلى الوزير حلمى النمنم بخصوص تذاكر طيران أوركسترا القاهرة السيمفونى لرحلة برلين، والتى دفعت فيها الأوبرا مبالغ تفوق سعرها على حد قوله، تحمس بعض أصدقائه الصحفيين لنشر المستندات بالصحف التى يعملون بها، ولكن تم رفض النشر من رؤساء الأقسام والتحرير بصحفهم، واعتذروا بأن هناك ضغوطا لمنع النشر، فما السطوة التى يمتلكها بعض المسئولين لدى الصحف القومية والخاصة وقدرتهم على إسكات أى معارضة قبل أن تنطق، فى الوقت الذى لا يسمح فيه رئيس الدولة بمنع النشر عن أباطيل تكتب عنه من معارضيه، فأى سطوة تلك التى يمتلكها هؤلاء، ولماذا؟!، وقد حصلت من الأستاذ ماجد فرج على صور تذاكر السفر التى سبق وقدمها لوزير الثقافة والتى لم يتم التحقيق فيها طبقا لقوله - وذلك حتى يتسنى عرضها على أولى الأمر سواء من أعضاء البرلمان الموقر أو من الجهات الرقابية، وذلك حرصًا على أن تكون الحقائق موثقة، وقد أظهرت التذاكر فروق السعر بين شركات الطيران المختلفة بما فيها مصر للطيران، والسعر المرتفع الذى تم شراء التذاكر به لأوركسترا القاهرة السيمفونى، رغم أن المركز الثقافى القومى وشركة مصر للطيران كلاهما تابع للدولة، ويفترض أن تحصل الأوبرا على التذاكر بسعر مخفض طبقًا لأفضل العروض، وخاصة أن الأوركسترا يتضمن عددًا كبيرًا من الفنانين إلى جانب الإداريين والفنيين مما يمنحهم فرصة الحصول على سعر مميز. كذلك أرسل لى صورة مما نشره على الفيسبوك فى سبتمبر الماضى ويتضمن ذكره لتفاصيل أسعار التذاكر كما يلى: «لما يكون سعر التذكرة القاهرة ـ برلين ٥٩٠ دولارًا «٤٤٢٥ جنيهًا مصريًا» على أليطاليا والهولندية وسعرها ١٠٤٨ دولارًا «٧٨٦٠ جنيهًا مصريًا»، على مصر للطيران على النت، حد يقدر يفهمنى ليه بعثة الأوبرا المصرية دفعت ١٢ ألف جنيه قيمة تذكرة كل عضو فيها على مصر للطيران؟»، وبالطبع الأسعار المذكورة وفقا لسعر الدولار آنذاك وليس الآن بعد ارتفاعه المخيف، وللدقة دفعت الأوبرا ١١٧١٩ جنيهًا للتذكرة، أى ما يزيد علي السعر المعلن لمصر للطيران بحوالى أربعة آلاف جنيه، وهو ما يستدعى التحقيق، ولكن الذى يثير التساؤل: هل عادت مراكز القوى وفرضت سطوتها على مؤسسات الدولة وسلطتها الرابعة المتمثلة فى الإعلام؟!، وهل تتوقع الدولة القضاء على الفساد المستشرى فى ظل وجود مسئولين يتفنون فى الحيل التى تحافظ على منظومة الفساد وتمكنهم من الإبقاء على كراسيهم؟، وكيف ستتمكن الدولة من النهوض وتقف أمام من يعرقلون مسيرتها إذا كانت الجهات الرقابية التى تتكئ عليها تستصغر بعض ما يقدم إليها من دلائل وشواهد على وقائع فساد أمام ما يمتلكونه من أدلة على وقائع فساد أكبر فى جهات أخرى؟!، ولماذا لم يصغوا إلى كلام الرئيس السيسى بأن الفساد الصغير كالفساد الكبير؟!، أليس ما يكتشف دائما أقل كثيرا مما ينجحون فى إخفائه؟، فماذا سنفعل إذا كان هناك من يزيفون الحقائق ويظهرون الإخفاقات إنجازات؟!، استيقظوا فإن الحرب على الفساد أشد شراسة من الإرهاب.
آراء حرة
استيقظوا.. شراسة الفساد أشد من الإرهاب
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق