السبت 12 أبريل 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

وداعًا أمريكا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الآن بعدما أصبحت لها قواعد عسكرية فى إيران، أهم كثيرًا من قاعدة «حميميم» فى سوريا، فإنه يحق لروسيا، التى لم تنهض من كبوة انهيار الاتحاد السوفيتى إلا متأخرة جدًا، وبعد فترة انتقالية كانت قاسية وصعبة جداً، أن تمدَّ لسانها فى وجه الولايات المتحدة، وأن تدّعى أن ما لم يتحقق فى المرحلة الشيوعية التى امتدت أكثر من سبعين عامًا قد تحقق الآن فى عهد فلاديمير بوتين، إذ يعتبر المحيطون به، وكلهم لا يتقنون إلا هزَّ رؤوسهم، والموافقة على كل شيء، أنَّ ما لم ينْجز حتى فى زمن فلاديمير إليتش لينين، الذى كان يصف أميركا «الإمبريالية» بأنها نمر من ورق، قد أُنجز فى عهد بوتين خلال سنوات معدودات!
ما قبل انتصار ثورة الخمينى فى فبراير ١٩٧٩، كانت إيران كلها قاعدة أمريكية، وكانت «نوجه» فى همدان معدة لأى مواجهة عسكرية طارئة بين الغرب والشرق، أى بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى، وبين حلف شمال الأطلسى وحلف وارسو، لكن ها هى «نوجه» تصبح قاعدة عسكرية روسية، ويحقق فلاديمير بوتين ما لم يحققه من سبقوه مثل فلاديمير إليتش لينين وبوريس يلتسن، وهذا من المفترض أن تتحمل تبعاته هذه الإدارة الأمريكية «الديمقراطية» وباراك أوباما، الذى لم يعرف ما الذى جعله يتخاذل كل هذا التخاذل فى هذه المنطقة الاستراتيجية والحيوية، منطقة الشرق الأوسط، ويوقع الاتفاق النووى الذى وقعه مع دولة الولى الفقيه، والذى بالاستناد إليه تمكنت إيران من احتلال دولتين عربيتين رئيسيتين هما سوريا والعراق، وأصبحت دولة إقليمية رئيسية فاعلة.
لقد ساد اعتقاد مع بداية انفجار الأزمة السورية (٢٠١١) أنَّ باراك أوباما لم يعد يرى أنَّ منطقة الشرق الأوسط منطقة مصالح حيوية (استراتيجية) للولايات المتحدة وللغرب كله، وأن هذه المصالح باتت فى الشرق الأقصى مع الصين وكوريا الجنوبية واليابان، لا فى هذه المنطقة، لذلك فإنه اتخذ تجاه ما يجرى فى سوريا كل هذه المواقف التراجعية، وبادر إلى التخلى، بدون خجل ولا وجل، عن كل ما قاله فى مدرج جامعة القاهرة، وأدار ظهره للقضية الفلسطينية، حيث حال دون اتخاذ مجلس الأمن أى قرار جدى تجاه هذه القضية خلال الأعوام الثمانية التى قضاها فى البيت الأبيض، والتى شارفت على الانتهاء.
لقد كان بالإمكان احتمال تخاذل باراك أوباما وإدارته، ومن ضمنها وزير خارجيته جون كيرى، الذى بات يبدو، مقارنة بوزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، بلا طعم ولا لون ولا رائحة، قبل الغزو العسكرى الروسى لسوريا، وقبل أن يتمادى الرئيس فلاديمير بوتين كثيرًا فى تحدى الولايات المتحدة، وأيضًا إهانتها وإظهارها كدولة كسيحة وبلا حول ولا قوة ولا إرادة فاعلة، لكن بعد ذلك بعدما أصبحت همدان الإيرانية قاعدة روسية، وحيث كانت حتى عام ١٩٧٩ قاعدة أمريكية، وبالتالى قاعدة لحلف شمال الأطلسى، فإنه لم تعد هناك إمكانية للسكوت، وأنه لا بد من القول، بصوت مرتفع، أنَّ هذه الإدارة أسوأ إدارة أمريكية منذ أن قامت الولايات المتحدة حتى الآن!
وحقيقة أن انحدار الولايات المتحدة كل هذا الانحدار أمام تمدد روسيا الاتحادية فى هذه المنطقة، التى لا تزال أهم منطقة استراتيجية فى الكرة الأرضية، سيجعل حلفاء الولايات المتحدة والغرب عمومًا فى الشرق الأوسط، الذى قلبه هذه المنطقة العربية، يعيدون النظر بتحالفاتهم التاريخية هذه، وذلك إنْ لم يبادر الأمريكيون بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، سواء أكان الفائز دونالد ترامب أم هيلارى كلينتون، بهجوم معاكس يعيد بوتين إلى حجمه المفترض الحقيقى، ويعيد الروس إلى واقع ما قبل توقيع اتفاقية النووى بين باراك أوباما ودولة الملالى، لذلك إن لم يتحقق هذا فإنه لا بد من القول، وداعًا لأمريكا دولة عظمى، لعلَّ وعسى أنْ تأتى إدارة جديدة غير هذه الإدارة الباهتة البائسة!
نقلًا عن الجريدة الكويتية