توقفنا فى المقال السابق عند إعلان اللواء مراد موافى بأنه قد أبلغ رئيس الجمهورية باحتمالية حدوث عملية نوعية ضد قواتنا المسلحة فى سيناء، وذلك قبل حادث رفح بثمان وأربعين ساعة، ولكن الرئيس لم يبلغ المشير طنطاوى بهذا التقرير، وقد تسبب هذا الإعلان فى حرج كبير لمرسى جعل متحدثه الرسمى ياسر على يخرج للإعلام مساءً ليصرح بأنه لا يجب على مدير المخابرات العامة أن يتحدث للإعلام فى أمور تخص الأمن القومى، وفى اليوم التالى للحادث، أى فى السادس من أغسطس ٢٠١٢ خرجت جثامين شهداء الوطن من مسجد آل رشدان، وكان مقررًا حسبما أعلنت الرئاسة حضور مرسى مراسم الجنازة، وبناء على هذا قام اللواء نجيب عبدالسلام قائد الحرس الجمهورى بتأمين موكب الرئيس الذى سيذهب أولًا لزيارة جرحى الحادث بمستشفى القوات المسلحة بكوبرى القبة، ثم يتحرك لحضور الجنازة والتى تقرر أن تتم عقب صلاة الظهر مباشرة، ووصل المشير طنطاوى والفريق عنان وهشام قنديل وكبار المسئولين فى الدولة إلى المسجد وظلوا فى انتظار الرئيس وتم تأخير الجنازة لأكثر من نصف ساعة، حتى بدأت حالة من القلق تنتاب أهالى الشهداء الذين يريدون استلام جثث أبنائهم والتوجه بها إلى مدنهم وقراهم المختلفة لدفنهم هناك قبل أذان المغرب وحلول الليل فى ذلك اليوم الرمضانى الحار، فى هذا الوقت كان مرسى جالسًا فى القاعة الرئيسية بمستشفى القوات المسلحة فى حضور بعض رجاله ومن بينهم ابن شقيقته أسعد الشيخة الذى عينه نائبا لرئيس الديوان وكان مرسى والشيخة يتبادلان الحديث همسًا، ولكن فجأة صاح الأخير أمام الجميع وبعصبية واضحة: «قولتلك ما أنتش رايح الجنازة دى»، عندئذ ساد الصمت وعلت الدهشة وجوه كل الحاضرين، فهناك من يزعق للرئيس بينما هو لا ينطق، وهنا تدخل اللواء نجيب موضحا ضرورة حضور الرئيس الجنازة، وقال: هذا سيعطى انطباعًا للعالم كله بأن مصر آمنة تمامًا، فاعترض الشيخة مرة أخرى معللًا ذلك بالخوف على حياة مرسى، وبأن معلومات لدى مكتب الإرشاد تؤكد أن هناك مؤامرة مدبرة ضد الرئيس أثناء حضوره الجنازة، وأخيرًا نطق مرسى وأخبر قائد الحرس باعتذاره عن عدم الحضور، وبلغ ذلك المشير طنطاوى الذى أمر بسرعة تسيير الجنازة لكى يتمكن الأهالى من دفن أبنائهم، وهنا أصاب الجميع حالة من الغضب والاستهجان وبدأوا فى الهتاف ضد مرشد الإخوان الذى كان موجودًا، وتم الاعتداء على هشام قنديل ونادر بكار وعبدالمنعم أبوالفتوح وتم تمزيق الكوفية الفلسطينية خلال الجنازة وهتف أهالى الشهداء: حسبى الله ونعم الوكيل، وذلك لعلمهم أن العملية قد تمت بتواطؤ من الإخوان وحماس، ومن الطريف أن مذيع التليفزيون المصرى خيرى حسن كان يعلق على الجنازة المنقولة على الهواء، فظل يردد أن الرئيس محمد مرسى ينظر إلى الشهداء وفى قلبه دموع الحزن، وذلك رغم عدم حضور مرسى، وفى المساء أعلن ياسر على المتحدث الرسمى باسم الرئاسة أن الرئيس لم يحضر الجنازة رغبة منه فى أن يبقى المشهد شعبيًا، وأن حضوره ربما يضيق على الحاضرين بسبب الاستنفار الأمنى الذى سيحدث حال وجوده. ويمكنك عزيزى القارئ مراجعة هذا البيان على الصفحة الرسمية للرئيس محمد مرسى والتى مازالت موجودة حتى الآن على الفيس بوك، وفى الثامن من أغسطس أعلنت الرئاسة فجأة عن اختيار اللواء محمد رأفت شحاتة مديرًا للمخابرات العامة خلفًا للواء مراد موافى، وكذلك اختيار اللواء محمد زكى قائدًا للحرس الجمهورى بدلًا من اللواء نجيب عبدالسلام، ورغم مرور أكثر من أربعة أعوام على هذا الحدث إلا أن أحدًا لا يعرف حتى الآن سر اختيارات مرسى خاصة أنها تمت بدون التنسيق مع أى جهة رسمية بالدولة، بما فى ذلك المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالمخالفة للإعلان الدستورى المكمل، وكأنها رسالة أراد أن يبعثها للجميع يؤكد فيها أن لديه أجهزة معاونة من خارج الدولة، وحرصًا على وحدة البلاد وعلى المصلحة العامة قرر المشير طنطاوى ألا يتدخل أو يعترض ولم يعاتب مرسى إلا فى عدم حضوره الجنازة، وفى اليوم التالى وهو الخميس التاسع من أغسطس انشغل الرأى العام بتصريحات هشام قنديل التى طالب فيها الشعب المصرى بترشيد استهلاك الكهرباء والتجمع فى غرفة واحدة للحفاظ على الطاقة، واعترف بأن الأمر سيظل على حاله لسنوات طويلة.. وللحديث بقية.
آراء حرة
30 يونيو المقدمات والنهايات "٨"
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق