الخميس 20 فبراير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

سيدة لبنان.. القصة الكاملة لتمثال يلهم الشعراء

سيدة لبنان
سيدة لبنان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من أهم المراكز الروحية والآلاف يحجون إليه سنويًا من كل أنحاء العالم تكريمًا للأم السماوية
بعد مرور أكثر من قرن على تأسيسه، تحول مزار «العذراء حريصا» والذى يطلق عليه «سيدة لبنان» إلى منارة روحية لها طابع مميز، ليصبح من أهم المزارات والمراكز الروحية فى العالم، وربما يرجع ذلك للدور الفريد والحيوى الذى تلعبه «العذراء مريم» فى حياه المؤمنين، حيث نظرة واحدة إلى تمثال «العذراء» فوق رابية «حريصا» الساحرة، يمكنها أن تلهم الشعراء وتوحى إليهم بجمال لا ينتهى، بسبب روعة التصوير، ورقة الشعور، ونعومة التعبير.
وعودة إلى الاسم الذى اشتهر به التمثال «سيدة لبنان» يمكن القول: إنه اجتاز بلدان الشرق إلى ما وراء البحار، فحيث يحل اللبنانى يذكر دائماً الاسم «سيدة لبنان»، وقد عرفت دوما العذراء مريم بمعونة البشر وآرزة لبنان، وانبعث أنوارها فى المدن والقرى، حتى لا يخلو بلد أو مذبح شيد من اسم العذراء، وهو ما حدث فى لبنان، حيث شيد معبد لها فى «حريصا» ليصبح مع الوقت مزاراً أثراً وطنياً ودينيا خالدا.
الصخرة «رابية» التى تطل على مدينة جونية والبحر المتوسط، وتشرف على بيروت والجبل، تقع بجوار السفارة البابوية على مقربة من «بكركى» مقر البطريرك المارونى، وفى بقعة تكاد العين لا تشبع من مناظرها الخلابة، وقلما يوجد فى أنحاء المعمورة مثل هذا المكان جامع لكل محاسن الطبيعة، فكأن السماء والأرض والبحر توافقوا فى زخرفته وتجميله بالمناظر الخلابة.
لم يكن أحد يظن أن «حريصا» البلدة الصغيرة، سوف تصبح يوماً قطب بلدان الشرق، ولا غرابة فى الأمر، فمن بيت لحم خرج المسيح، ومن مغارة «لورد» تدفقت العجائب، وفوق «رابية حريصا» ارتفعت مليكة السماء كالأرز فى لبنان، حيث شهد المزار أحداثا مهمة على مدار تاريخه، ومنها ذكرى اليوبيل الخمسينى لتشييده الذى تم الاحتفال به فى عام ١٩٥٤، فضلا عن زيارة قداسة «الحبر الأعظم» يوحنا بولس الثانى لكنيسة سيدة لبنان فى ١٠ آيار ١٩٩٧.
فكرة إنشاء المزار
على بعد ٢٦ كلم من بيروت، ومنذ سنة ١٩٠٤ بدأ يرتفع فوق جبل «حريصا» مزار «سيدة لبنان» المطل على خليج جونية، حيث أنشئ داخل قاعدته معبد صغير أقيم فوقه تمثال العذراء مريم، الذى يصعد إليه عبر درج لولبى محاط بحاجز يصل إلى القمة.
وقد جاءت فكرة إنشاء المزار تزامنا مع الاحتفال باليوبيل الخمسينى لإعلان البابا بيوس التاسع فى ٨ كانون الأول ١٨٥٤ العقيدة المريمية «الحبل بلا دنس» وبعد التداول بين رجال الدين وكبار المجتمع، وقع الاختيار على تل «حريصا» الذى يطل على الجبل والبحر والساحل، حيث وضع حجر الأساس فى شهر تشرين الأول سنة ١٩٠٤، وفى الأحد الأول من شهر آيار ١٩٠٨، جرت حفلة التدشين برئاسة البطريرك إلياس الحويك، والقاصد الرسولى فرديناندو جيانينى، حيث توافد الآلاف من جميع أنحاء العالم لتكريم السيدة العذراء، وليعبروا عن محبتهم للأم السماوية، وبذلك تحولت «حريصا» تلك القرية الصغيرة، لتصبح محجاً مسيحياً بالغ الأهمية فى الشرق.
أجمل تماثيل العذراء فى العالم
وقد صنع التمثال الذى يعد من أجمل التماثيل التى أقيمت للعذراء مريم فى العالم، فى فرنسا من البرونز المصهور، وهو يتألف من سبع قطع جمعت فوق القاعدة وطليت باللون الأبيض، ويبلغ طوله ٨.٥٠ متر، ومحيطه ٥.٥٠ متر، ووزنه ١٥ طناً، وقد ركز سنة ١٩٠٨ فوق المزار الرئيسى الأول، ويمكن الصعود إليه عبر درج لولبى، حيث يستطيع الزائر أن يتمتع بأجمل المناظر على تلة حريصا، كما بنيت القاعدة الحجرية على شكل جذع مخروط، محيطه الأسفل ٦٤ متراً، ومحيط قمته ١٢ متراً، وعلوه ٢٠ متراً.
كنيسة «أم النور»
أما كنيسة «أم النور» فهى الكنيسة الأولى التى بنيت عام ١٩٠٤، فى السنة اليوبيلية الخمسينية، لإعلان عقيدة الحبل بلا دنس، ويوجد بها «بيت القربان» وصليب كبير وهما مصنوعان من خشب الأرز، وإلى اليمين منها نشاهد تمثال «العذراء» الذى نحت من خشب الأرز أيضا، وقد حدث أنه خلال عام ١٩٥٤، أن جال هذا التمثال على ٤٢٦ قرية ومدينة لبنانية، أما فى عام ٢٠٠٤، فقد رد كل أبناء تلك القرى والمدن الزيارة لمريم فى مقامها المبارك فى «حريصا».
البازيليك تستقبل المؤمنين
بعد انطلاقة مزار «سيدة لبنان» بدأت الوفود تتقاطر إليه بأعداد تتزايد كل عام، لذلك بدأت فكرة بناء «بازيليك» كبيرة تراود المسئولين، إلى أن وضع الحجر الأساسى لها فى عام ١٩٧١ بتصميم يحمل رمزين هما «الأرزة اللبنانية، والسفينة الفينيقية»، وبلغ طولها ١١٥ مترا، وعرضها ٦٧ مترا، وارتفاع القبة ٦٢ متراً، وهى تتسع لحوالى ٣٥٠٠ شخص، يمكن لهم مشاهدة تمثال «سيدة لبنان» عبر واجهة زجاجية كبيرة وراء المذبح الرئيسى.
ومنذ الثمانينات، بدأت «البازيليك» تستقبل آلاف المؤمنين فى احتفالات مريمية عامرة خصوصاً فى شهر آيار، وفى السنة اليوبيلية المائوية الأولى لتأسيس المزار، وفى ١٠ آيار ١٩٩٧ زارها البابا يوحنا بولس الثانى، ووقع الإرشاد الرسولى بعنوان «رجاء جديد للبنان».
كنيسة «سيدة لورد»
أما كنيسة «سيدة لورد» فقد تأسست عام ١٩٧١، وهى تقع تحت البازيليك الكبرى، وشكلها نصف دائرى، وتتسع لنحو ٣٠٠ شخص، وتحتوى على تمثال لـ«سيدة لورد» الذى أهداه للكنيسة فى عام ١٩٩٢ قداسة الحبر الأعظم «البابا يوحنا بولس الثانى» إلى جانب مجموعة من الزجاجيات، التى تمثل الرسل الإثنى عشر، والعائلة المقدسة، وسيدة لورد.
وقد بدأت الاحتفالات فى تلك الكنيسة التى كانت ملجأ للكثيرين فى أوقات الحروب التى شهدها لبنان فى عام ١٩٨٠، أما فى عام ٢٠٠٤، فقد استحدث إلى جانبها مكان خاص للاعتراف والإرشاد.
كنيسة «الغفران»
وتعد كنيسة «الغفران» أحدث الكنائس الأربع، حيث تم تدشينها عام ١٩٩٧، ويوجد بها أيقونة فى الوسط تمثل المسيح الراعى الصالح، حاملاً على كتفيه الخروف الضائع، وتستقبل الكنيسة كما يشهد اسمها، الكثير من طالبى الاعتراف والإرشاد.