الأحد 29 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حوارات

أمين "الأعلى للآثار" في حواره لـ"البوابة": مليار جنيه تراجعًا بالإيرادات سنويًا.. نخاطب رئاسة الوزراء شهريًا حول تقصير "السياحة" في دورها لاستعادة الحركة.. وحملات التنشيط "غير مؤثرة"

مصطفى أمين قال إن أعلى دخل شهرى خلال السنوات الخمس الماضية 20 مليون جنيه

 الدكتور مصطفى أمين،
الدكتور مصطفى أمين، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا نستطيع استرداد القطع الأثرية التى خرجت من البلاد قبل عام 1983.. وجهات سيادية تتابع الملف
4 مليارات جنيه ديون «الآثار» لـ«المالية»
قال الدكتور مصطفى أمين، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن الأزمة المالية التى تمر بها وزارة الآثار منعت تنفيذ واستكمال العديد من المشروعات، ومن أهمها مشروع إنشاء نادى العاملين بالوزارة، مشيرًا إلى أنه مع تراجع أعداد السائحين تراجعت إيرادات «الآثار» بشكل ضخم بنسبة تصل إلى مليار جنيه سنويًا، حيث كان دخل الوزارة السنوى فى عام 2010 مليارًا و200 مليون جنيه، أما الآن فلا يزيد الدخل السنوى علي 200 مليون جنيه فقط.
وكشف «أمين»، فى حوار لـ«البوابة»، عن تنفيذ خطوات كبيرة فى مشروع تطوير منطقة الأهرامات الأثرية بدعم كامل من الحكومة، معتبرًا أن إخلاء المنطقة السكنية المحيطة بها، لا يمكن تنفيذه حاليًا، لأن سكان نزلة السمان لا يسكنون فيها هناك فقط بل يمتلكون منازل، وأغلب أعمالهم مرتبطة ارتباطًا كاملًا بالمنطقة الأثرية، سواء أصحاب البازارات أو مالكو الخيول والجِمال التى يتم تأجيرها لزوار منطقة الأهرامات، وهو ما يحتاج إلى مشروع كبير من الدولة يعالج كل هذه الجوانب.
■ ما الأزمات التى تواجه وزارة الآثار؟ 
- نحن نتعرض لأزمة مالية طاحنة نتيجة تراجع السياحة، فميزانية الوزارة تتبع نظام التمويل الذاتى، ونحن الجهة الوحيدة التى لا تخصص لها ميزانية فى الموازنة العامة للدولة، حيث نعتمد على عائدات تذاكر زيارة المواقع الأثرية وإيجارات البازارات والكافيتريات الموجودة فى المواقع، ودخلنا قبل الثورة كان يغطى التزاماتنا ونحقق فائضًا لبناء المتاحف وتطويرها وتدريب وتأهيل المرممين، وكذلك القيام بصيانة دورية لكل الآثار التى تمتلكها مصر.
ومع تراجع أعداد السائحين كنا - ولا نزال - أكثر الوزارات تضررًا، فإذا قارنا دخل الوزارة السنوى الحالى والدخل فى عام ٢٠١٠ نجد الفارق يصل إلى مليار جنيه، إذ كان الدخل فى ٢٠١٠ مليارًا و٢٠٠ مليون جنيه ويزيد، أما الآن فلا يزيد الدخل السنوى للوزارة على ٢٠٠ مليون جنيه فقط.
هذا الوضع يضطرنا الآن لصرف مرتبات الموظفين من وزارة المالية على شكل قروض ائتمانية أو تسهيل ائتمانى بفوائد، ونحن مدينون لوزارة المالية حتى الآن بحوالى ٤ مليارات جنيه، ولدينا مصاريف أساسية مثل الكهرباء والإيجارات وبدلات الموظفين، وهو ما يجعلنا بحاجة لتمويل بشكل دائم لأن أعلى دخل شهرى منذ قيام الثورة كان ٢٠ مليون جنيه.
■ ماذا فعلت الوزارة لمواجهة الأزمة المالية التى وصفتها بـ«الطاحنة»؟
- هذا دور الدولة أن تتحرك لمخاطبة العالم، ودعوته إلى زيارة مصر للتأكد من أنه بلد آمن، فنحن عندما نتحدث مع السفراء الأجانب يقولون لنا إن مصر آمنة وليس بها انفلات أمنى على عكس ما يشاع، فنطلب منهم أن ينقلوا هذه الرؤية لبلادهم، فيكون ردهم أن هذا ليس دورهم بل يجب على الحكومة المصرية أن تقوم بإعلام العالم بالموقف الأمنى الحالى من أجل تنشيط السياحة. 
■ هل تحقق حملات التنشيط التى تطلقها وزارة السياحة عائدًا؟
- حملات التنشيط التى أطلقتها وزارة السياحة كان منها الفاشل ومنها الناجح، ولا نستطيع أن نقول إنها مؤثرة وفاعلة فى عودة السياحة إلى مصر، وهذا واضح فى خسارة السائح الأوروبى الذى كان يأتى إلى مصر برغم تحذير بلاده له من سوء الأحوال الأمنية فى مصر. لكن حتى هذا السائح لم يعد يأتي الآن، وشهريًا نخاطب رئاسة الوزراء بخصوص تقصير وزارة السياحة فى دورها الرئيسي لتنشيط السياحة. 
■ ماذا عن مشروعات وزارة الآثار المتوقفة بسبب الأزمة المالية؟ 
- هناك العديد من المشروعات المتوقفة، ومن أهمها مشروع إنشاء نادى العاملين بوزارة الآثار بالفسطاط، وهو حلم للعاملين منذ سنوات وتم إنشاء مبانيه لكن لم تستكمل بسبب الأزمة المالية، هذا بخلاف المشروعات الأثرية المتوقفة التى من ضمنها المساجد الأثرية التى نعانى فى ترميمها بسبب وزارة الأوقاف.
■ بخصوص وزارة الأوقاف.. ما المشكلة بين الوزارتين؟
- وزارة الأوقاف هى المسئولة عن تكاليف ترميم وصيانة المساجد الأثرية وفقًا للمادة ٣٠ من قانون حماية الآثار التى تنص على أن وزارة الأوقاف هى المسئولة عن ترميم الآثار الإسلامية والمسيحية وتحمل التكلفة، وهذه المادة لم تكن مفعلة إلى أن قامت النيابة بتفعيلها، الأمر الذى جعل من حق وزارة الآثار محاسبة الأوقاف على كل ما أنفقته فى السنوات الماضية بأثر رجعى، وهذا المبلغ يزيد على مليار جنيه. وعلى الرغم من ذلك ترفض الدفع، وحين نخاطبها لترميم مسجد نجد اعتراضات كثيرة تتمثل فى ارتفاع ميزانية الترميم أو اعتراضها على القيام بالترميم من الأساس، لأن فهم ماهية الأثر غير موجود لدى مسئولى الأوقاف، وبرغم وجود لجنة مشتركة بين الوزارتين، إلا أنهم يتخيلون أن الآثار تغالى فى أسعار الترميم والصيانة.
ونحن كثيرًا ما شرحنا لهم أننا عندما نقوم بترميم أثر يختلف الأمر عن ترميم مسجد عادى، فأى مسجد عادى تكاليف بنائه وصيانته معروفة لكن المشكلة فى المساجد الأثرية أنك تكون ملتزمًا أثناء ترميمها بتتبع كل الضوابط الأثرية والفنية المطلوبة، فمن الممكن أن نعمل فى عنصر زخرفى لمدة شهر، لكن إذا تركناه لـ«الأوقاف» سيحضرون عمالًا لإنجازه فى يومين دون مراعاة لأى شروط.
وأتذكر أنه خلال انعقاد أول لجنة مشتركة، طلبنا أن يعطونا ٣٠ مليون جنيه، للقيام ببعض الترميمات لنفاجأ بأن الموافقة جاءت بخمسة ملايين فقط، ولم يتم صرفها أيضًا، وقمنا بالعديد من المخاطبات والمراسلات..، وبالوضع المالى الصعب الذى تتعرض له وزارة الآثار، سنتمسك أكثر بقانون مسئولية «الأوقاف» عن تكلفة الترميم.
وللأسف وزارة الأوقاف لا تريد أن تعترف أبدًا أن الترميم تخصص، فعلى سبيل المثال العناصر الزخرفية الموجودة فى المساجد، يجب أن تعالج بنفس المواد المستخدمة فى البناء، ويجب أن تعالج الألوان بنفس الخامات الأصلية المستخدمة، وكل هذا مكلف ما يجعل «الأوقاف» ترفض الإنفاق بحجة أنها تستطيع بناء مسجد جديد بنصف تكلفة ترميم مسجد أثرى، ووزارة الآثار طالما أنفقت على الترميم. فمنذ عام ١٩٨٣ ونحن ننفق على الترميم من ميزانية الوزارة، رغبة منا بأن تكون الآثار الإسلامية الرائعة التى مر عليها مئات السنين فى حالة جيدة تسمح بأن تصمد لمئات السنين القادمة، لكن وقتها كان لدينا تمويل يكفى لمثل هذه المشروعات، لكننا الآن نواجه مشكلتين حاليًا، وهما الموقف المالى للوزارة والتقيد بالقانون، والآن يجتمع وزيرا الآثار والأوقاف لتقريب الأمور، حتى نتفادى الخطوات الروتينية التى من الممكن أن تضر بالأثر.
■ هل هناك قرارات جديدة لدعم الموقف المالى داخل وزارة الآثار؟
- نعم، بدأناها بفتح المتحف المصرى ليلًا يومين فى الأسبوع، لكن هناك بعض الأماكن التى تكون بها مشكلة أمنية تمنع فتحها ليلًا، فهناك عوامل أساسية يجب أن تتوافر فى الموقع الأثرى لفتحه ليلًا مثلما حدث فى معبد الكرنك فى الأقصر الذى تم تطويره وإضاءته ليلًا، إلا أننا لم نتمكن من فتحه بسبب الرفض الأمنى لصعوبة التأمين مع وجود مناطق زراعية كبيرة حوله.
وهناك تعاون جيد بين وزيرى الآثار والداخلية، لبحث مدى إمكانية فتح بعض الأماكن الأثرية ليلًا، لأن هذا يعد أهم منفذ لزيادة الموارد المالية، ونحن نمتلك العديد من المواقع التى تصلح لفتحها ليلًا مثل قلعة صلاح الدين الأيوبى وقلعة قايتباى بالإسكندرية، وقلعة القصير فى القصير، ويمكن أن نعتبر تجربة فتح المتحف المصرى ليلًا بداية تتم من خلالها دراسة إيجابيات وسلبيات التجربة، وأعتقد أنه فى حالة وجود سياحة ستكون مثل هذه التجارب مربحة للغاية، خاصة فى الصيف وارتفاع درجات الحرارة، وهذا ليس للزائر الأجنبى فقط، لكن للزائر العربى أيضًا الذى من المفترض أن يتواجد بكثرة خلال فترة الصيف خاصة مع الدعوات التى تم إطلاقها الفترة الماضية، للاعتماد على السياحة العربية لتعويض السياحة الأجنبية.
■ ماذا عن ملف استرداد الآثار المهربة، وأود أن أتطرق للآثار المهربة لإسرائيل بشكل خاص بعد ظهور قطع مصرية أكثر من مرة هناك؟
- أولًا: هناك أشياء يجب فهمها فى قضية استرداد الآثار، فالاسترداد لا يتم إلا فى حالة واحدة، وهى أن يكون الأثر خرج من البلاد بطريقة غير مشروعة سواء عن طريق السرقة أو الحفر خلسة أو بتزوير أوراق ملكية، أما الآثار التى خرجت بطرق مشروعة مثل القطع التى خرجت عن طريق القسمة بين البعثات الأثرية الأجنبية والمصرية قبل إصدار قوانين تمنع هذا أو عن طريق البيع الشرعى الذى تم قبل عام ١٩٨٣ لن تعود، وهذا مثلما حدث مع تمثال «سخم كا». فبرغم أن التمثال مصرى ويتبع الحضارة المصرية القديمة، إلا أن له صك ملكية قبل إصدار قانون حماية الآثار سمح لمالكه ببيعه مثل مئات القطع التى يتم بيعها بنفس الطريقة.
ونحن بمجرد ظهور أى قطعة فى دولة أجنبية، تتدخل السفارة المصرية فى بلد الظهور لوقف البيع لحين ثبوت أن القطع مسروقة من مصر بطريقة غير شرعية، أو تثبت جهة البيع امتلاكها صك ملكية سليمًا للقطعة المعروضة وهنا يكون من الصعب استردادها.
أما بالنسبة للقطع التى استولى عليها وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق موشى ديان، فكانت هناك لجنة متخصصة فى التسعينيات قامت بالفعل باسترجاع صناديق كثيرة تحوى العديد من القطع الأثرية التى تم استخراجها وقت الاحتلال، لكن أنا متأكد أن القطع المهمة تم الاحتفاظ بها هناك ولا نعرف عنها شيئًا، لأننا ليس لدينا حصر بما تم استخراجه، لكن أريد أن أؤكد أن هناك جهات سيادية تتابع مثل هذه القضايا، وتعلم من المعلومات أكثر مما نعلم نحن.
■ إلى أين وصل مشروع ترميم قصر البارون؟
- تكلفة المشروع ستتخطى ٣٥ مليون جنيه، ولهذا يصعب تنفيذ المشروع حاليًا، لكن وصلنا خطاب من وزارة الخارجية يفيد بأن السفير البلجيكى يعرض أن تتحمل بلجيكا تكلفة المشروع، بعد أن قام حفيد البارون إمبان بزيارة القصر فى الفترة الماضية.
■ كيف تتعامل الوزارة مع ملف ترميم المعابد اليهودية؟
- هناك مشكلة فى ترميم المعابد اليهودية وهى مشكلة التمويل، ولا يوجد أى تفرقة بين ترميم الآثار الإسلامية أو القبطية أو اليهودية، لأنها فى النهاية آثار مصرية تتبع الحضارة المصرية بمختلف مراحلها، وقمنا بترميم معبد يهودى فى الفترة الماضية بتكلفة ٨.٥ مليون جنيه، وتلقينا خطابات من مسئول الطائفة اليهودية تفيد بوجود جهات تريد تمويل مشروعات ترميم المعابد اليهودية فى مصر، وبعد عرض الموضوع على اللجنة الدائمة بوزارة الآثار تم إصدار قرار بعدم ممانعة استقبال أى منح من الخارج شرط أن تأتى عن طريق وزارة الخارجية.
■ ماذا تم فى مشروع تطوير منطقة الأهرامات الأثرية؟
- هناك خطوات كبيرة جدًا تمت فى المشروع بدعم كامل من الحكومة، وبالنسبة لإخلاء المنطقة السكنية المحيطة بها، لا يمكن تنفيذ هذه الخطوة حاليا، لأن سكان نزلة السمان لا يسكنون فيها فقط، بل يمتلكون منازل وأغلب أعمالهم مرتبطة ارتباطًا كاملًا بالمنطقة الأثرية سواء أصحاب البازارات أو مالكو الخيول والجِمال التى يتم تأجيرها لزوار منطقة الأهرامات، وهو ما يحتاج إلى مشروع كبير من الدولة يعالج كل هذه الجوانب.
■ وبالنسبة لأرض الحزب الوطني؟
- الأرض الآن تحت تصرف مجلس الوزراء، وقمنا بتقديم جميع المستندات التى تثبت ملكيتنا لها، وحتى بدون مستندات، فمبنى المتحف نفسه مسجل كأثر ولكل مبنى أثرى حرم والحرم المحيط بالمتحف يمتد من جهة نهر النيل حتى النيل، ونحن نريد إنشاء مرسى فى هذه المنطقة، ويكون بها نفق يربط بين المتحف والمرسى.
■ ماذا عن تعديلات قانون الآثار؟
- قمنا بتعديل المادة ٣٠ الخاصة بوزارة الأوقاف التى كانت تنص على أنه لا توجد جهة مسموح لها بالإنفاق على المساجد سوى وزارة الأوقاف فقمنا بإضافة فقرة تسمح بالتدخل فى الحالات الخطرة، بحيث نقوم نحن بتحمل التكاليف ثم نحصل عليها من الأوقاف، كما نعمل على مادة للإعفاء الجمركى لكل المواد المستخدمة فى الترميم، التى يتم استيرادها من الخارج، وفى انتظار موافقة وزارة المالية، كما قمنا بتشديد العقوبات التى وصلت لعقوبة السجن ٢٥ عامًا لتهمة تهريب الآثار خارج البلاد، وتم وضع ضوابط قانونية صارمة جدًا، بحيث إنه بمجرد تطبيق هذا القانون سيفكر كل مهرب مليون مرة قبل القيام بتهريب أى قطعة للخارج.
■ الى أين وصلت لجنة تسجيل القطع الأثرية الموجودة بقصور الرئاسة؟
- هناك مفتشون يقومون بتسجيل القطع الأثرية الموجودة فى القصور الرئاسية يومين فى الأسبوع، وهناك آلاف القطع تم تسجيلها فى هذه السجلات، لأن الرئاسة كانت تمتلك كشوف حصر لكل المحتويات فى هذه القصور، لكن لم يتم تسجيل القطع الأثرية بسجلات الآثار التى يتم فيها وصف القطعة بالتحديد، وهو ما تقوم به اللجنة الحالية، ثم يأتى دور اللجنة العليا التى أرأسها التى ستكون مهمتها تسجيل القطع الأثرية الموجودة فى القصور داخل سجلات وزارة الآثار، وسيتم هذا بمجرد الانتهاء من التوثيق الوصفى.
■ تحدث البعض عن وجود خلاف بينك وبين وزير الآثار.. ما ردك؟
- ما يتردد عارٍ تمامًا من الصحة بالعكس تربطنى علاقة جيدة وطيبة بالدكتور خالد العنانى، وروح الفريق الواحد تجمع العاملين بوزارة الآثار والمجلس الأعلى للآثار لخدمة التراث والحضارة المصرية، وأتمنى أن تتحرى وسائل الإعلام الدقة فيما تنشره لعدم خلق الفرقة بين العاملين بالجهاز الإدارى والتنفيذى للدولة.