السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

السيد ياسين يكتب: كيف نواجه الخطر؟

ردا علي عبدالرحيم علي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نشر الأستاذ عبدالرحيم على، رئيس مجلس إدارة "البوابة"، وعضو مجلس النواب المحترم، مقالا بالغ الأهمية فى جريدة «البوابة» بتاريخ ٩ أغسطس ٢٠١٦. 
العنوان الرئيسى للمقال المهم هو «لماذا يجب علينا الاعتراف بأن مصر فى خطر؟»، وكان العنوان الفرعى الدال «ما لم تفصح عنه الحكومة». 
وقد قرر الأستاذ «عبدالرحيم» على فى مقدمة مقاله أنه أدرك مبكرًا جدًا أن للأنظمة والحكومات ضروراتها وللشعوب خياراتها، ولا يفصح المسئولون عن كثير مما يعلمون لأن لديهم مواءمات كثيرة تمنعهم من الاقتراب من شاطئ التفاصيل التى تسكنها الشياطين، وهو أمر لا يمكن أن نلومهم عليه أو نهاجمهم بسببه. 
والواقع أن هذه الملاحظة المهمة تكشف عن أزمة اتخاذ القرار فى مصر التى تفتقر إلى الشفافية والمصارحة والوضوح. 
بعبارة أخرى، يقع على عاتق القيادة السياسية واجب بالغ الأهمية وهو تقديم صورة دقيقة موثقة بالأرقام الصحيحة للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى مصر للشعب، حتى يعرف الناس حجم وطبيعة المشكلات التى تواجهها البلاد، وتعرف الناس بطبيعة الأحوال أن الأوضاع المتردية الراهنة موروثة من عهود سياسية سابقة، بالإضافة إلى السلبيات التى نجمت عن ثورة يناير وما صاحبها من فوضى عارمة وتوقف الإنتاج وتصاعد المطالبات الفئوية، ويكفى أن نعرف – كما نشر - أن الدولة تحملت بعد الثورة زيادات فى الأجور والرواتب بقيمة ١٢٠ مليار جنيه، مما أسهم بطبيعة الحال فى العجز الحاد فى الموازنة. 
والسؤال هنا: ما أهمية أن تصارح القيادة السياسية الشعب بحقيقة الأوضاع السائدة؟.. تتمثل تلك الأهمية فى أن هذه الخريطة المجتمعية من شأنها أولًا: أن تساعد صانع القرار الاقتصادى فى التحديد الدقيق لأولويات التنمية. وثانيًا: أنها لا تعطى الأمل الكاذب للناس فى التحسن العاجل للأوضاع الاقتصادية. 
ولذلك- فى اجتماع الرئيس السيسى مع المثقفين وكنت مشاركًا فى الاجتماع- اقترحت عليه ضرورة أن تستخدم القيادة السياسية لغة التخطيط، وذلك بأن تصارح الناس بالذى يمكن إنجازه فى المدى القصير، والمدى المتوسط، والمدى الطويل، وذلك حتى لا تصاب الجماهير باليأس والإحباط. 
والدليل على خطورة عدم استخدام لغة التخطيط فى الخطاب الرئاسى، أن بعض السياسيين المخضرمين صرحوا بأنهم غير راضين عن الإنجاز، لأنه بعد عدة سنوات لم تتحقق العدالة الاجتماعية بالرغم من أنها من شعارات ثورة ٢٥ يناير الأساسية. 
ومعنى ذلك أن هذا السياسى المخضرم لا يعرف أن العدالة الاجتماعية– بما تتطلبه من تصحيح جذرى للعلاقات الطبقية فى المجتمع– تحتاج إلى المدى الطويل، وذلك حتى يمكن من خلال سياسات مالية وضريبية واجتماعية سد الفجوة الطبقية الخطيرة بين الذين يملكون كل شىء والذين لا يملكون شيئًا. 
ويبقى السؤال مطروحًا: ما الذى يمكن عمله لمواجهة الخطر الذى تحدث عنه بصراحة الأستاذ «عبدالرحيم على»؟
فى تصورنا أننا نحتاج إلى حزمة متكاملة من السياسات والقرارات: 
أولًا: يمكن القول بكل صراحة إن خطوط الاتصال بين القيادة والنخب السياسية التقليدية والشبابية معًا ليست منتظمة ولا تتسم بالفاعلية، ومن هنا يمكن القول إننا فى حاجة إلى آلية سياسية تسمح بالتشاور السياسى المنتظم بين القيادة السياسية وبين الأحزاب والتجمعات السياسية، بحيث توضع أمامهم الصورة كاملة، وحتى يتحقق التوافق السياسى الضرورى حول أنسب السياسات التى ينبغى تبنيها وأكثر القرارات فاعلية، مع الوضع فى الاعتبار إعطاء الأولوية لإشباع حاجات الجماهير العريضة حتى لا تنعم بثمار التنمية فئات قليلة العدد من رجال الأعمال والمستثمرين. 
ثانيًا: لابد من توسيع دائرة المشاركة فى اتخاذ القرارات الاقتصادية، ولدينا فى هذا المجال مراكز أبحاث رفيعة المستوى فى مقدمتها معهد «التخطيط القومى»، بالإضافة إلى وجود خبرات اقتصادية متميزة من رجال البنوك ورجال الأعمال، وأهمية توسيع دائرة المشاركة فى اتخاذ القرارات الاقتصادية تلافى السلبيات، وتعظيم الإيجابيات فى ضوء وضع الظروف العالمية والإقليمية فى الاعتبار. 
ثالثًا: لابد من توسيع دائرة المشاركة فى اتخاذ القرارات الاجتماعية وفى مقدمتها كيفية إصلاح النظام التعليمى المتردى الذى – بالرغم من المليارات التى تنفق عليه- لا ينتج سوى خريجين يفتقرون إلى المعرفة الدقيقة ولا تحتاجهم سوق العمل. 
رابعًا: لابد من وضع سياسة ثقافية متكاملة تكفل القضاء على الأمية والتى بلغت نسبتها ٢٦٪ من عدد السكان. وهذه فى حد ذاتها كارثة ثقافية بالإضافة إلى أنها تعد من معوقات التنمية الفعالة. 
خامسًا: لابد من اتباع سياسة جسورة لتجديد الخطاب الدينى، إسلاميًا كان أو مسيحيًا، للقضاء على نزعات التطرف الدينى والتى تؤدى عملًا إلى الإرهاب بكل الخطورة التى يمثلها على الأمن السياسى والاجتماعى. بعبارة مختصرة لابد من توسيع دائرة المشاركة السياسية حتى لا يقف المجتمع فى انتظار قرارات رئيس الجمهورية، لأن الرئيس – كما قرر أكثر من مرة – لا يستطيع أن ينجز شيئًا بغير مؤازرة شعبية واسعة المدى.
السيد ياسين
eyassin@ahram.org.eg