أكدت دراسة حديثة أن وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها تكرس لصورة نمطية معينة للمرأة كانت ولا تزال الأقل حظا واستفادة من الطفرة الهائلة التي شهدها المجال الإعلامي خلال الفترة الأخيرة، لافته إلى أنه رغم تعدد وسائل الإعلام وانتشارها لم يكن للمرأة النصيب الكافي منها من حيث الحضور والتناول مقارنة بالطفرات التي شهدها دورها ومشاركتها في المجتمع.
وأضافت الدراسة، التي قامت بها وحدة دراسات الرأي العام والإعلام بالمركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية، أنه كان من المتوقع أن يحدث تغير ملموس في صورة المرأة في الإعلام عقب التحولات التي شهدتها المنطقة والدور الذي لعبته في بلورة هذه التحولات غير أن ذلك لم ينعكس بالقدر الكافي.
وأوضحت الدراسة أن صورة المرأة التي تكرست في الإعلام العربي تتفاوت باختلاف الأوضاع الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية في كل دولة وطبقا للأعراف السائدة في كل مجتمع، مشيرة إلى أن بعض الدول تسمح لأجهزتها الإعلامية بإظهار وإبراز المرأة المحلية على شاشاتها، فيما تسعي أخرى إلى الاستعاضة عن المرأة المحلية بأخري أجنبية.
وقالت الدراسة: بالرغم من أن وسائل الإعلام العربية شهدت خلال الفترة الأخيرة طفرة ملحوظة في البرامج السياسية والترفيهية الموكلة إلى المرأة، غير أن ذلك لا ينفي وجود نوع من القولبة للحضور النسائي في الإعلام وبصفة خاصة الإعلام المرئي.
وسلطت الدرسة الضوء على نتائج التقرير الذي قامت به "الشبكة العربية لرصد وتغيير صورة المرأة والرجل في الإعلام" لعام 2015، والذي اعتمد في تحليله الرصدي لوسائل الإعلام حول العالم على مراقبة 22134 محتوى إعلاميا منشورت تليفزيونيا وإذاعيا وصحفيا، أو من خلال تغريديات على مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، في 114 دولة حول العالم، والذي خلص إلى أن ظهور وتناول الرجل أو استخدامه كمصدر للخبر في المواد الإعلامية على المستوي العالمي يأتي بقدر يفوق ثلاثة أضعاف المرأة، حيث تبلغ نسبة تناول المرأة أو استخدامها كمصدر للأخبار 24 % فقط، مقابل 76 % للرجال.
وأجملت الدراسة محددات الصور الذهنية للمرأة في الإعلام العربي في في ثلاثة نماذج:
1 – التركيز على دور المرأة في الترويج للسلع: وهو الاتجاه الغالب في وسائل الإعلام ليست العربية فقط، وإنما العالمية أيضا، غير أن اتباع هذا النهج الغربي لا يعد أمرا محيرا إلى حد كبير، نظرا لطبيعة المجتمعات العربية، إذ يلاحظ استغلال صورة المرأة في الإعلانات والبرامج الترفيهية والأغاني المصورة، حيث لا يكاد يخلو إعلان ترويجي أو برنامج ترفيهي أو أغنية مصورة من العنصر النسائي.
2- إلقاء الضوء على كون المرأة مستهلكة ولا منتجة: فعلي الرغم من وجود العديد من البرامج التليفزيونية والمجلات المتخصصة لمخاطبة المرأة والاهتمام بشئونها، فقد أسهمت هذه الإصدارات في تعزيز الصور الاستهلاكية للمرأة، وكأن هذا هو محور اهتمام المرأة العربية فقط، دون إفراد مساحات مماثلة لدور المرأة المنتجة في المجتمع.
3 – قولبة المرأة في نموذجين: تتناول أغلب وسائل الإعلام دور المرأة إما في إطار اجتماعي أو في إطار عملي، وبالتالي تساهم في تكريس صورة ذهنية على المتلقية لها بأن تختار بين أو تكون ناجحة عمليا أو ناجحة أسريا إذ تندر النماذج المقدمة دراميا – على سبيل المثال – القادرة على الجمع بين النجاح العملي والأسري، في حين ينبغي التقليل من شأن الدراما على الشابات الصغيرات.
وأرجعت الدراسة استمرار تكريس هذه الصور من جانب الإعلام العربي والعالمي إلى غياب مبدأ تكافؤ الفرص في التغطية الإعلامية الجادة لقضايا المرأة، فضلا عن عدم رغبة في المخاطرة بتغيير هذه الصور نظرا لسطوة الإعلان على المحتوى الإعلامي المقدم.