لا أدري لماذا تعاملت بعض الأقلام مع تقرير "الإيكونوميست" ، الذي يبشر بخراب مصر ، على طريقة "إفيه" المغني تامر حسني الشهير "أيوة بأه هو ده" الذي كان يطلقه وهو يتغزل في مفاتن البنات اللاتي يغمزهن ويتحرش بهن .
حيث أطلق بعض الكتاب العنان للتدليل على مصداقية وحصافة الصحيفة البريطانية وراحوا يذكروننا بأنها الأعرق والأصدق والأجرأ و.... إلى آخر هذه القائمة من التعبيرات التي تقودنا في النهاية إلى نتيجة واحدة أننا نروح ندفن نفسنا ونعلن وفاة مصر ، لا قدر الله ، .
فلا أحد ينكر أن مصر تمر بظروف غاية في الصعوبة على الصعيد الاقتصادي وذلك على خلفية انحسار السياحة وتعثر عجلة الاستثمار وتراجع التصدير وكلها تحديات خطيرة لا تحتملها إلا دولة مرابطة مثل مصر تضرب بجذورها في أعماق التاريخ ، وهذا بالمناسبة ليس كلاماً إنشائياً بل حقيقة دامغة برهن عليها صمود البلد الصابر أهلها على جميع المحن والمؤامرات الخارجية .. إضافة إلى الظروف الداخلية القاسية من تفاقم أزمة البطالة وجنون الأسعار الذي ألهب ظهور غالبية أبناء الشعب .
إلا أنه من الخطورة بمكان الاستسلام لهذه الحالة من تصدير اليأس والانهزامية بالتصديق على كل كلمة وحرف نشرتها الصحيفة "البريطانية" .. ولعله ليس من قبيل المصادفة أن تنشر صحيفة نيويورك تايمز "الأمريكية".. وأرجو أن نضع تحت جنسيتها 100 خط .. فلا يخفى على عاقل النوايا التدميرية التي تحملها هذه الدولة وغيرها لمصر والتي تعتبر أن إسقاط مصر ، لا قدر الله ، هو الجائزة الكبرى وهو الضمانة الوحيدة لتنفيذ خطة ابتلاع الوطن العربي واقحامه في أتون الحروب الأهلية والفوضى الهدامة لا الخلاقة التي بشرت بها كوندليزا رايس منذ سنوات .
فرغم كيد الكائدين ورغم حقد الحاقدين ورغم أنف المتربصين ستبقى مصر البلد الأمين الحصن المنيع ضد أي مخططات مشبوهة تسعى للحديث فقط عن الأسود وتتجاهل كل ما هو أبيض .. كما أحذر من التعاطي مع كل ما يأتي من أمريكا والغرب بمعزل عن الأهداف الخبيثة لهذه الدول للتآمر على بلادنا لتقوية الجبهة الصهيونية ولو على حساب جماجمنا .
إن قوة مصر ليست في المال وإنما في أبنائها الذين طالما واجهوا ظروفاً بالغة القسوة واحتملوا شظف العيش ونقص الأموال لكنهم أبداً لا يقبلون أن تموت بلدهم بل يتمسكون بالأمل في غد أفضل .
قد يقول قائل، وما أكثر المفتيين هذه الأيام، هذا كلام مستهلك وإعادة إنتاج لسيناريو المؤامرة الكونية على مصر .. وهذا في اعتقادنا لا يستحق مجرد التفكير في الرد عليه لأنه بلا أدنى شك من دعاة الانتحار الوطني .. فيا ليتهم بدلاً من محاولة التهليل لـ"الإيكونوميست" يجهدون أنفسهم في اقتراح حلول للأزمة التي لا ينكرها أحد .
وهنا تظهر الفائدة العظيمة للمثل الشعبي "ياما دقت على الرأس طبول" .. فهذه ليست أولى المحن التي واجهت مصر، وبالطبع لن تكون الأخيرة، حيث اعتاد أبناء هذا الشعب العظيم على الصمود في مواجهة الشدائد ولن يسلب الفقر إرادتهم ولن تزيدهم هذه المصاعب إلا قوة وصلابة والتفافاً حول مصلحة "هذا البلد الأمين" .
فمصر ستخرج من عثرتها بقوة ووحدة شعبها البسيط الذي يصبر على أي أوضاع قاسية إلا الذل والإهانة والخضوع .. والشيء الوحيد المطلوب من القيادة السياسية في هذا الوقت العصيب هو "لم شمل" أبناء الوطن المخلصين وقطع الطريق على كافة الأصوات التي خرجت من جحورها معتقدة أن هذا هو الوقت المناسب للانقضاض .