لم يكن غريبًا عن المشهد السياسي ظهور حركات مسلحة جديدة كان آخرها حركة "سواعد مصر حسم" التي تبنت محاولة اغتيال مفتي الديار المصرية السابق الدكتور علي جمعة قبل أيام، فأغلب ما يميز هذا المشهد هو حالة الاحتقان والشحن التي دفعت تيارات الإسلام السياسي لممارسة الإرهاب بصورة المختلفة منذ 2013 وحتى كتابة هذه السطور، وربما قبل هذا التاريخ، تارة من خلال التصريح فيما يمكن أن نسميه عنفًا لفظيًا، وتارة بسلوكها الخشن فيما يمكن أن نسميه عنفًا سلوكيًا، فضلًا عن أشكال العنف الأخرى مثل العنف السياسي وما يمكن أن نصل إليه من العنف الجنائي.
ظهور حركات مسلحة جديدة لم يكن مفاجئًا للمتابعين والمختصين بشأن التنظيمات المسلحة، فأغلب تيارات الإسلام السياسي انجرفت إلى استخدام العنف، بعضها كان بشكل تدريجي والبعض الآخر كان يمتلك مقومات ممارسته فذهب إليه مهرولًا لمجرد عزل الرئيس محمد مرسي من السلطة على خلفية إصراره على عدم السماع لصوت الشارع وندائه في 30 يونيه 2013.
تيارات الإسلام السياسي التي مارست العنف بعد 30 يونيه كثيرة ومتعددة، ويبدو أن تنوعها يجمعه قاسم مشترك له علاقة بتحريض جماعة الإخوان المسلمين سواء قبل عزل رئيسهم أو بعده من خلال منصتهم بميدان رابعة العدوية على مدار 44 يومًا، ولذلك لا عجب في ظهور هذه التيارات، ولعل شعاراتها المرفوعة الحديث والقديم منها يدلل على طبيعة تكوينها وقربها أو بعدها من جماعة الإخوان المسلمين أو على الأقل تأثرها بخطاب الإخوان، وقد يكون تفاعل جماعة الإخوان مع هذه التنظيمات وتشريح العلاقة بينهما دليل جديد على هذه العلاقة.
قد لا يكون لجماعة الإخوان المسلمين جناح عسكري على غرار الذي أنشأته الجماعة الإسلامية في العام 1987 بعد أن عزمت النية لذلك في أوائل الثمانينات بعد اغتيال الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، وهنا تبدو الخطورة، فقد يكون العمل العسكري المنظم وفق ميليشيات مدربة أمرًا في غاية الخطورة أمنيًا، لكن الأخطر وجود مجموعات تنشأ بشكل عفوي مقررة استخدام السلاح وأغلبهم لم تتوافر عنهم معلومات لدى أجهزة الأمن ولم يسافروا لمناطق الصراع في أفغانستان أو سوريا وغيرها حتى يمكن رصدهم، وهنا تبدو خطورة عملياتهم المسلحة فلا أنت تعرف الذئب الذي يطعنك بسلاحه ولا تعرف توقيتًا لذلك، بغض النظر عن عشوائية عملياته.
كثرة هذه المجموعات وظهورها المكثف على أوقات متباعدة ومتقاربة منهك لأجهزة الأمن حتى ولو كانت هذه المجموعات تستخدم طرقًا بدائية في تنفيذ العمليات المسلحة، قد تكون فكرة القضاء عليها محسومًا ولكنه يستلزم وقتًا لاختراقها والقضاء عليها بعد التعرف على هذه المجموعات.
رفعت حركة سواعد مصر حسم شعارات في بيانها الثاني منها، "نحن قدر الله النافذ إليكم" و "بسواعدنا نحمي ثورتنا"، كما وصفت بيانها بالبلاغ العسكري واعتبرت ترتيبه الثاني بعد العملية الأولى الناجحة والتي استهدفت من خلالها رئيس قسم مباحث الفيوم الرائد محمود عبد الحميد، وهو ما يؤكد محدودية التنظيم الجديد وضعفه وترهله وأنه عبارة عن مجموعات صغيرة تشكلت على خلفية الشحن الديني تجاه الخصوم السياسيين، وبالتالي ما يمكن أن نقوله إن هذه المجموعات تتبع تنظيمًا أكبر قد يختصر دوره في التحريض على استخدام العنف.
قد يكون اختيار ضحايا الحركة الجديدة مميزًا لطبيعة هذه الحركة وشكلها، فالاستهداف الثاني لشخصية دينية ليست جزءًا من الجهاز التابع للدولة ولا يمكن اعتبار ذلك، وهو ما يفهم معه أن محاولة الاغتيال الهدف منها الشخص وليس الدولة في المقام الأول وإن كانت الدولة حاضرة في ذهن هؤلاء من وراء تنفيذ كل العمليات الإرهابية، فهو ليس شيخ الأزهر ولا مفتيها ولا حتى وزير أوقافها، وقد تكون فتاوى الرجل ومواقفه وتصريحاته هي الدافع الحقيقي لمرتكبي الحادث، وقد كان ظاهرًا بشكل كبير في مفردات البيان الثاني الخاص بإعلان المسؤولية عندما أطلقوا على ضحيتهم مفتي الإعدامات.
الطريقة البدائية في تنفيذ محاولة الاغتيال ربما تُعطي مؤشرًا على أن القائمين على محاولة الاغتيال ربما هواة يشاركون في تنفيذ مثل هذه العمليات للمرة الأولى، وقد يختلف ذلك مع تنظيم أنصار بيت المقدس رغم استهداف الأخير لرجال دين مسيحيين رغم قدرته على تنفيذ تفجيرات وعمليات مسلحة بشكل نوعي يختلف عن "حسم" وأخواتها في العاصمة.
ولعل حادث قتل القس روفائيل موسى كاهن كنيسة مارجرجس بالعريش منذ شهور علامة دالة على توحد الهدف رغم اختلاف الطريقة في اصطياد الخصوم وطبيعة كل عملية، فاغتيال القس مينا عبود والأنبا قزمان أسقف شمال سيناء في 2013 لا يختلف كثيرًا في فكرة القتل ولكنه يختلف في شكل الضحية بين حركة جديدة قد تربطها صلات بحركة أكبر هي الأخوان المسلمين، وحركة أخرى مثل أنصار بيت المقدس قد تكون مساحة الخلاف أكبر، وهنا يبدو الفارق في عمليات فرع التنظيم في سيناء والحركة الجديدة في القاهرة والفيوم حتى الآن، والتي جعلت سقف عملياتها ضد خصوم ملموسين كان لهم دور في المواجهة سوى من خلال فتاواهم أو من خلال مواقفهم فكان الاختيار بين مفتي سابق ورئيس مباحث حالي لحركة "حسم".
لا يمكن قراءة محاولة تنفيذ اغتيال الدكتور علي جمعة بعيدًا عن سياقها، فتوقيت العملية كان قبل ساعات من الاحتفال الأول بتفريعة قناة السويس وقبل أيام من الذكرى الثالثة لفض رابعة العدوية والنهضة، وهو ما يحسم فهمنا لهذه الحركة الجديدة "حسم" ومدى علاقتها مع أخواتها بحركة الإخوان المسلمين التي نشأت قبل ثمانين عامًا، وعندما حاولت الإنجاب كان جنينًا مشوهًا بحكم العمر الذي يؤثر على عصب الحياة التي لا يُخلد فيها أحد.
ظهور حركات مسلحة جديدة لم يكن مفاجئًا للمتابعين والمختصين بشأن التنظيمات المسلحة، فأغلب تيارات الإسلام السياسي انجرفت إلى استخدام العنف، بعضها كان بشكل تدريجي والبعض الآخر كان يمتلك مقومات ممارسته فذهب إليه مهرولًا لمجرد عزل الرئيس محمد مرسي من السلطة على خلفية إصراره على عدم السماع لصوت الشارع وندائه في 30 يونيه 2013.
تيارات الإسلام السياسي التي مارست العنف بعد 30 يونيه كثيرة ومتعددة، ويبدو أن تنوعها يجمعه قاسم مشترك له علاقة بتحريض جماعة الإخوان المسلمين سواء قبل عزل رئيسهم أو بعده من خلال منصتهم بميدان رابعة العدوية على مدار 44 يومًا، ولذلك لا عجب في ظهور هذه التيارات، ولعل شعاراتها المرفوعة الحديث والقديم منها يدلل على طبيعة تكوينها وقربها أو بعدها من جماعة الإخوان المسلمين أو على الأقل تأثرها بخطاب الإخوان، وقد يكون تفاعل جماعة الإخوان مع هذه التنظيمات وتشريح العلاقة بينهما دليل جديد على هذه العلاقة.
قد لا يكون لجماعة الإخوان المسلمين جناح عسكري على غرار الذي أنشأته الجماعة الإسلامية في العام 1987 بعد أن عزمت النية لذلك في أوائل الثمانينات بعد اغتيال الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، وهنا تبدو الخطورة، فقد يكون العمل العسكري المنظم وفق ميليشيات مدربة أمرًا في غاية الخطورة أمنيًا، لكن الأخطر وجود مجموعات تنشأ بشكل عفوي مقررة استخدام السلاح وأغلبهم لم تتوافر عنهم معلومات لدى أجهزة الأمن ولم يسافروا لمناطق الصراع في أفغانستان أو سوريا وغيرها حتى يمكن رصدهم، وهنا تبدو خطورة عملياتهم المسلحة فلا أنت تعرف الذئب الذي يطعنك بسلاحه ولا تعرف توقيتًا لذلك، بغض النظر عن عشوائية عملياته.
كثرة هذه المجموعات وظهورها المكثف على أوقات متباعدة ومتقاربة منهك لأجهزة الأمن حتى ولو كانت هذه المجموعات تستخدم طرقًا بدائية في تنفيذ العمليات المسلحة، قد تكون فكرة القضاء عليها محسومًا ولكنه يستلزم وقتًا لاختراقها والقضاء عليها بعد التعرف على هذه المجموعات.
رفعت حركة سواعد مصر حسم شعارات في بيانها الثاني منها، "نحن قدر الله النافذ إليكم" و "بسواعدنا نحمي ثورتنا"، كما وصفت بيانها بالبلاغ العسكري واعتبرت ترتيبه الثاني بعد العملية الأولى الناجحة والتي استهدفت من خلالها رئيس قسم مباحث الفيوم الرائد محمود عبد الحميد، وهو ما يؤكد محدودية التنظيم الجديد وضعفه وترهله وأنه عبارة عن مجموعات صغيرة تشكلت على خلفية الشحن الديني تجاه الخصوم السياسيين، وبالتالي ما يمكن أن نقوله إن هذه المجموعات تتبع تنظيمًا أكبر قد يختصر دوره في التحريض على استخدام العنف.
قد يكون اختيار ضحايا الحركة الجديدة مميزًا لطبيعة هذه الحركة وشكلها، فالاستهداف الثاني لشخصية دينية ليست جزءًا من الجهاز التابع للدولة ولا يمكن اعتبار ذلك، وهو ما يفهم معه أن محاولة الاغتيال الهدف منها الشخص وليس الدولة في المقام الأول وإن كانت الدولة حاضرة في ذهن هؤلاء من وراء تنفيذ كل العمليات الإرهابية، فهو ليس شيخ الأزهر ولا مفتيها ولا حتى وزير أوقافها، وقد تكون فتاوى الرجل ومواقفه وتصريحاته هي الدافع الحقيقي لمرتكبي الحادث، وقد كان ظاهرًا بشكل كبير في مفردات البيان الثاني الخاص بإعلان المسؤولية عندما أطلقوا على ضحيتهم مفتي الإعدامات.
الطريقة البدائية في تنفيذ محاولة الاغتيال ربما تُعطي مؤشرًا على أن القائمين على محاولة الاغتيال ربما هواة يشاركون في تنفيذ مثل هذه العمليات للمرة الأولى، وقد يختلف ذلك مع تنظيم أنصار بيت المقدس رغم استهداف الأخير لرجال دين مسيحيين رغم قدرته على تنفيذ تفجيرات وعمليات مسلحة بشكل نوعي يختلف عن "حسم" وأخواتها في العاصمة.
ولعل حادث قتل القس روفائيل موسى كاهن كنيسة مارجرجس بالعريش منذ شهور علامة دالة على توحد الهدف رغم اختلاف الطريقة في اصطياد الخصوم وطبيعة كل عملية، فاغتيال القس مينا عبود والأنبا قزمان أسقف شمال سيناء في 2013 لا يختلف كثيرًا في فكرة القتل ولكنه يختلف في شكل الضحية بين حركة جديدة قد تربطها صلات بحركة أكبر هي الأخوان المسلمين، وحركة أخرى مثل أنصار بيت المقدس قد تكون مساحة الخلاف أكبر، وهنا يبدو الفارق في عمليات فرع التنظيم في سيناء والحركة الجديدة في القاهرة والفيوم حتى الآن، والتي جعلت سقف عملياتها ضد خصوم ملموسين كان لهم دور في المواجهة سوى من خلال فتاواهم أو من خلال مواقفهم فكان الاختيار بين مفتي سابق ورئيس مباحث حالي لحركة "حسم".
لا يمكن قراءة محاولة تنفيذ اغتيال الدكتور علي جمعة بعيدًا عن سياقها، فتوقيت العملية كان قبل ساعات من الاحتفال الأول بتفريعة قناة السويس وقبل أيام من الذكرى الثالثة لفض رابعة العدوية والنهضة، وهو ما يحسم فهمنا لهذه الحركة الجديدة "حسم" ومدى علاقتها مع أخواتها بحركة الإخوان المسلمين التي نشأت قبل ثمانين عامًا، وعندما حاولت الإنجاب كان جنينًا مشوهًا بحكم العمر الذي يؤثر على عصب الحياة التي لا يُخلد فيها أحد.