نشرت جريدة «الشروق» فى عددها الصادر فى ٣ أغسطس ٢٠١٦ خبرا بعنوان «عصام حجى مدافعًا عن مبادرة المشروع الرئاسى ٢٠١٨: التشويه الإعلامى لن يثنينا عن الهدف».
فى البداية يوصف عصام حجى فى الإعلان بأنه العالم المصرى، ونحن لا نعرف على وجه الدقة تخصصه العلمى. وحتى لو عرفنا تخصصه على وجه الدقة، فليس كل باحث علمى فى تخصص ما يطلق عليه عالم! فهناك مئات الألوف من الباحثين العلميين فى مختلف التخصصات فى أنحاء العالم المختلفة، لكن «العلماء» بالمعنى الدقيق للكلمة عددهم محدود للغاية. فالعالم -وفق التقاليد العلمية المحترمة فى المجتمعات المتقدمة- هو الذى أنجز فى تخصصه إنجازات علمية مرموقة اعترف بها المجتمع العلمى، لأنها طورت من الممارسة العلمية، وأدت اكتشافاته إلى تطوير المعرفة الإنسانية، وجعل المجتمعات المختلفة أكثر قدرة على مواجهة التحديات المختلفة.
وحتى لو كان عصام حجى يعمل ــ كما قيل ــ فى مشروع «ناسا» الأمريكى الخاص بالفضاء فهذا المشروع يعمل فيه عدة آلاف من المتخصصين والباحثين العلميين، لكن لا يطلق على أى منهم أنه عالم!
والسؤال هنا ما المبادرة العبقرية التى يروج لها عصام حجى المقيم فى الولايات المتحدة الأمريكية، ويريد أن يغير الوجه السياسى لمصر بالمراسلة؟
يقول حجى إن مبادرته تتمثل فى تشكيل فريق لخوض انتخابات الرئاسة فى مصر عام ٢٠١٨. ويضيف ــ لا فض فوه ــ أنها مبادرة سلمية مفتوحة للجميع بتكاتف أعضائها تحت راية موحدة لمحاربة الفقر والجهل والمرض.
ويكون العدل والتعليم والصحة الأساس لتحقيق طموحات المصريين فى أن تصبح بلادهم دولة مدنية ذات اقتصاد قوى تستطيع من خلاله حفظ كرامة الجميع.
وملاحظاتنا الأساسية على هذه الجمل الإنشائية الخطابية أنها إعادة إنتاج لشعارات قديمة، وتفتقر تماما إلى رؤية تنموية شاملة لا تكتفى فقط بتحقيق أهداف اقتصادية، ولكنها تسعى إلى النهوض المجتمعى من الناحية الاجتماعية والثقافية، وفق سياسات اجتماعية وثقافية مدروسة، أخذا فى الاعتبار التراكم المعرفى فى علوم التنمية، والتجارب المقارنة لدول استطاعت أن تنهض من أعتاب التخلف إلى ذرى التقدم فى جيل واحد.
وقرر حجى، فى تصريحاته، أن مبادرته الفذة تقوم على ٥ محاور أساسية حددها فى تطوير المؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية وتطوير الاقتصاد ومحاربة الفقر والبطالة وحرية تمكين المرأة وتطوير قانون الأحوال المدنية والمساواة الدينية الكاملة وغير المشروطة بتطوير قطاعات الصحة بجميع مرافقها.
والسؤال هنا ما الجديد فى هذه الأهداف التى يحددها عصام حجى وكأنها اكتشافات مذهلة فى مجال التنمية المطلوبة؟
غير أنه أضاف أن «المبادرة ستنسق مع جميع أطراف القوى المدنية القائمة حاليا فى مصر للتوافق، على أن تكون المحاور المذكورة أعلاه على رأس مهام الفريق الرئاسى المتفق عليه لخوض انتخابات الرئاسة فى أقل من عامين حتى ٢٠١٨، كما سيتم تشكيل وزارى معلن للفريق الرئيسى كجزء من المبادرة لوضع خطوات سريعة لتصحيح المسار التى طالبت به ثورة ٢٥ يناير».
إلى هنا انتهت تصريحات عصام حجى الذى نصب نفسه هكذا زعيما سياسيا يقود فريقا فى انتخابات الرئاسة المقبلة، مع أنه ليس له أى تاريخ سياسى معروف.
والواقع أنه يحق لنا أن نندهش بشدة من كم هذا الادعاء لأحد المقيمين فى الولايات المتحدة الأمريكية الذى يظن وهما أنه يستطيع إدارة شئون انتخابات الرئاسة المقبلة من خلال تغريداته التافهة على «تويتر»!
ومن الطريف أنه صرح من قبل قائلاً إنه لن يرشح نفسه للرئاسة، لأنه متزوج من أمريكية، والدستور المصرى يمنع أمثاله من الترشح!
ما هذه الأوهام التى يعيشها هذا الرجل؟ وهل يتصور -حتى لو لم يكن متزوجا من أمريكية- أنه يمكن له وهو نكرة سياسية أن يرشح نفسه لكى يكون رئيسا للجمهورية؟ إن قصة عصام حجى الحقيقية لم تكتب حتى الآن.
لأننا لا نعرف على وجه الدقة من الذى رشحه ليكون مستشارا علميا للمستشار عدلى منصور الذى شغل بصورة مؤقتة منصب رئيس الجمهورية؟
مع أن مصر زاخرة بكبار العلماء الذين لهم حضور دولى بحكم إنجازاتهم العلمية التى اعترف بها المجتمع العلمى العالمى.
غير أن سلوك عصام حجى ليس غريبا فى الواقع، لأننا فى عصر «الفيسبوك» نشاهد ادعاءات لا حصر لها ممن يتصورون أن لديهم الحكمة لحل مشكلات مصر! ولكن للحقيقة والتاريخ لم يذهب أحدهم إلى المدى الذى وصل إليه عصام حجى وادعائه أنه هو الذى سينظم انتخابات الرئاسة المقبلة!
كل ما نستطيع أن نختم به مقالنا أن مبادرة عصام حجى ليست أكثر من فقاعة سياسية تافهة! .