السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

صحافة المواطن: هل شُيّع الإعلام التقليدي إلى مثواه الأخير؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ظهرت صحافة المواطن وتطورت سريعًا بفضل الأدوات الجديدة للويب ٢ من جانب، وبفضل الجمهور الذى تعتمد عليه بالأساس من جانب آخر، وباتت شرائح عديدة من الجمهور تعتمد عليها بشكل رئيس يوميًا على مستوى العالم، ويكفى فى هذا السياق أن نذكر تصنيف موقع «Alexa» أعلى ٥٠٠ موقع على شبكة الإنترنت وفقًا لعدد المستخدمين أو الزائرين، حيث يتبين أن صحافة المواطن تحتل جزءًا كبيرًا فى مقدمة هذه المواقع، فنجد أن موقع «Facebook» يأتى فى المرتبة الثانية بعد محرك البحث الشهير «Google»، يليه فى الترتيب الثالث موقع «Youtube»، كما يحتل المرتبة السابعة موقع «Wikipedia»، بينما يظهر موقع «Twitter» فى الترتيب العاشر، بما لا يدع مجالًا للشك فى خطورة هذه الوسيلة الجديدة للتواصل بين البشر حول العالم. وعلى أية حال، فرغم أن محتوى صحافة المواطن قد يفتقر للجودة والمصداقية والدقة والموضوعية ويتسم أحيانًا بالسطحية فى التناول، إلا أنه فى ازدهار واضح ونمو مضطرد يجعل من صحافة المواطن فى منافسة مع الإعلام التقليدى باستمرار، خاصة فى ظل تزايد الإقبال عليها، وتحول أغلب الأفراد إلى جمهور نشط باستمرار عبر الهاتف المحمول الذى أتاح الإنترنت بشكل دائم للمستخدمين. وفى الحقيقة عمل ظهور صحافة المواطن كمحفز للشفافية والابتكار والتعبير بحرية والعمل الجماعى ووفر الديمقراطية الحقيقية، وأدى إلى إمكانية الوصول والتفاعلية والحرية والسرعة فى التواصل، بل وحوّل السلطة من المنتجين للمستخدمين، وفى ظل وجودها لم تصبح المعلومات حكرًا على أحد، ولا يمكن التحكم فيها من قبل طرف واحد وجعلها حصرية له، فقد أصبح المواطن العادى من حقه التعبير عن نفسه للمرة الأولى بشكل حقيقى وفعال، حتى أن صحافة المواطن أصبحت قوية وثرية بمشتركيها ومستخدميها فى علاقة تبادلية بين الطرفين؛ حيث يعتمد كلاهما على الآخر بشكل رئيس.
ومن خلال دراسة دكتوراه مهمة تعكف على إعدادها أسماء فؤاد حافظ، الباحثة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، والتى أقوم بالإشراف عليها، تم طرح مناقشة ظاهرة صحافة المواطن، التى تعد واحدة من الظواهر الجديدة التى طرحت نفسها وبقوة على الساحة الإعلامية، حتى بات يتم وصفها من قبل بعض الباحثين بأنها واحدة من أبرز أشكال الصحافة الشعبية، وفى ضوء ما تم استعراضه حول هذه النوعية الجديدة من الصحافة يمكننا استخلاص ما يلى:
إن صحافة المواطن واحدة من أهم الظواهر الحديثة، حيث إن التداول عبرها أصبح ضخمًا فى فترة زمنية وجيزة، إضافة إلى أنه ما زال فى ازدياد مطرد، خاصة فى ظل قدرة الجمهور على توظيف أدوات الصحافة والإعلام بسهولة ويُسر، وبشكل خاص عبر الهاتف المحمول الذى أصبح بمثابة أداة رئيسة يتم التواصل عبر صحافة المواطن من خلالها.
يمكن تعريف صحافة المواطن بأنها تلك المحتويات أو المضامين التى ينتجها الجمهور سواء مكتوبة أو مرئية أو مسموعة أو مرئية مسموعة، أو يعلق عليها بالمشاركة مع الآخرين، وكذلك المناقشات التى تدور بين الأفراد حول حدث أو قضية ما بشكل علنى عبر أحد أشكال صحافة المواطن.
رغم تقسيم بعض الباحثين صحافة المواطن إلى مستقلة وغير مستقلة، إلا أن الغالبية العظمى من الباحثين يرون أن صحافة المواطن هى تلك الأشكال المستقلة تمامًا التى تتيح حرية النشر والمشاركة بشكل كامل للجمهور، والتى تشمل بشكل أساسى: مواقع الشبكات الاجتماعية والمدونات والمنتديات ومواقع مشاركة الصور ومواقع مشاركة الفيديو أو الفيديو التشاركى ومواقع الويكى.
يتضح وجود أدوار مهمة لصحافة المواطن بشكل عام من حيث تأثيرها على مسار بعض الأحداث على المستويات المحلية والعالمية كافة، كما أن لها أدوارا خاصة بالانفراد فى تغطية بعض الأحداث أو بعض الجوانب والزوايا من الأحداث التى تجعلها متميزة بالمقارنة مع وسائل الإعلام التقليدية؛ حتى أصبح هناك تأثير لصحافة المواطن على صناعة الإعلام المؤسسى، وهو ما وصفه البعض بالمنافسة مع وسائل الإعلام الرسمية والخاصة. تتسم صحافة المواطن بالعديد من المميزات التى تأتى على رأسها التفاعلية والاستمرارية والحرية والسرعة المتزايدة والتعددية والمرونة ونفى المكان وكسر احتكار المعلومات واتساع دائرة نشر المعلومة، كما تتميز صحافة المواطن ببعض مزايا النشر الإلكترونى بشكل عام، ومن أبرزها سهولة البحث عن الموضوعات السابقة وسهولة الحذف والإضافة أو التعديل، والاطلاع على المعلومات بشكل فورى ومعرفة الأحداث فور وقوعها، إضافة إلى نشر كميات ضخمة من المحتوى يصفها البعض بالانفجار المعلوماتى، مع التحديث المستمر للمضمون «Updating» والنشر على نطاق عالمى.
تبين أن صحافة المواطن قد حولت هيمنة الإعلام التقليدى إلى صعوبة السيطرة على الجماهير، بل وطرحت أجندة قضايا جديدة، وقامت بتعزيز العمل الاجتماعى عن طريق زيادة فرص المشاركة وتبادل الأفكار والمعلومات بين المواطنين، خاصة فى ظل تميزها بالشفافية والانفتاح فى تغطية الأحداث ونشر المعلومات.
إلا أنه رغم كل الإيجابيات التى طرحها الباحثون حول صحافة المواطن، فإن لها سلبيات عديدة ما زالت محل نقاش، نجد فى مقدمتها اختراق الخصوصية، وعدم الالتزام بالقواعد المهنية وعدم احترام اللوائح والقوانين من قبل البعض، وإمكانية إخفاء الهوية بما يسمح بوضع مضامين إباحية أو عنصرية أو محتويات تتضمن قذفًا أو تشهيرًا، كما يرى البعض أن صحافة المواطن قد تفتقر للمصداقية والدقة والموضوعية أحيانًا، كما يمكن أن تتصف بالسطحية والتحيز وشخصنة الموضوعات العامة بما قد يخلق التعصب لرأى أو اتجاه معين من قبل بعض الفئات.