لا شك أن هناك شكاوى كثيرة من ظروف المعيشة وتكاليفها، وهذا فضلا عن صعوبة الحصول على مسكن يؤوى عائلة بأكملها.
ولكن لنكن صرحاء مع أنفسنا، ونحن نعترف أن الرغبة فى بذل الجهد فى العمل من أجل الكسب أصبحت محدودة جدا، ولست أدرى إذا كان ذلك نوعا من التكاسل أو الجهل بالعمل والمعرفة لممارسة العمل.
هذا لا يمنع أن هناك فى مجتمعنا من هم قادرون على بذل الجهد للحصول على لقمة العيش والتكسب حتى لو كان هؤلاء ليسوا بكثير أو يمثلون أغلبية، إلا أنهم نموذج يحفز الآخرين كقدوة.
وإذا ذهبنا إلى باب الاقتصاد لنكتشف مفاتيحه سنجد أن مصر فيها رغم ظروف المعيشة الصعبة أبواب الاقتصاد ما زالت مفتوحة على مستويات محدودة.
ومن أهم أبواب الاقتصاد المفتوحة أمامنا ما حول قناة السويس والهيئة الاقتصادية من مشروعات والاتفاقيات التى وقعت عليها دول كثيرة مثل سنغافورة وإنجلترا وفرنسا وغيرها.
وتم إعداد هذه المشروعات تحت إشراف الدكتور أحمد درويش فى مراحل زمنية قياسية، فمنذ شهور حينما زار د. أحمد درويش فرنسا والتقى بممثلى حوالى ٢٥ شركة لمفاوضات امتدت لـ٤٨ ساعة فقط، وبعدها بأسابيع وقعت الشركات على الاتفاقيات مع ممثلى الهيئة الاقتصادية مع كل منها فى اختصاصها.
وفى ٢٩ يوليو شهدت العاصمة الصينية توقيع اتفاقية التعاون بين الهيئة الاقتصادية لتنمية محور قناة السويس وثلاث مؤسسات صينية لإدارة الموانئ.
ومع تايلاند هناك مشروع لمشاركة مصر فى مشروع المليون ونصف المليون فدان فى الربع الأخير من هذا العام، وسيأتى لمصر قريبا وفد متخصص فى الزراعة والمزارع السمكية.
أما صناعة السفن، فكان مكانها التقليدى منطقة قناة السويس، وكانت لدينا ترسانة بحرية عظيمة أنشئت فى عصر محمد على، وصناعة السفن تعد من أهم صناعات العصر الحديث، كما أنها تعد من الصناعات العملاقة، ولا شك أن اختيار ميناء الأدبية لإنشاء السفن يعتبر مكانا متميزا لقربه من خدمات قناة السويس، وأوضح أن مشروع إنشاء ترسانة لإصلاح السفن بميناء الأدبية على البحر الأحمر يأتى فى إطار تنمية محور قناة السويس، وأن إصلاح السفن هو أحد أهم المشروعات العالمية، وله جدوى اقتصادية كبيرة، وعلى رأسها توفير العملة الصعبة.
أما عن مستقبل الاستثمار بصفة عامة فى مصر، فإن ذلك يتوقف بطبيعة الحال على وجود إرادة لدى المستثمر، بأن يضع أمواله بشجاعة وثقة فى جدية المشروع، ولكن تعتمد الثقة والجدية أيضا على دراسات جدوى تعطى للاستثمار فرصا عالية للعائد.
ولا شك أيضا أن الاستثمار وفرصه يتوقفان أيضا على شخصية المستثمر وحسن اختياره للمشروعات.
ولا شك أنه حينما نتكلم عن الاستثمار فإن هناك دورا كبيرا يتوقف على حزم سياسة الدولة فى وضع خططها وفى رقابتها على العدو الأول للاستثمار، وهو البيروقراطية القادرة على كسر طموح أى مشروع، ولا بد أن يأتى يوم تنتهج فيه الدولة استراتيجية شاملة لشل مناورات وفساد البيروقراطية.
وليت يأتى يوم يقوم الإعلام فيه بدور واع وفعال لكشف خطر البيروقراطية، وذلك سيسهل بعدها دور الأجهزة الرقابية لتضرب بيد من حديد فى ظل موافقة شعبية يشجعها الإعلام.
أما باب الاقتصاد الذى أشرنا إليه فى بداية المقال فهو ليس أرقاما فقط بل عرض لحقائق اجتماعية وحسابات ذات بعد اقتصادي.
والكثيرون يفسرون الاقتصاد كما لو كان معادلات مستحيلة لحل مشاكل حياتية.
وحينما نقول البعد الاجتماعى فهو أكثر عناصر الاقتصاد حيوية، لأن معانيه هى جزء من تكاليف المعيشة والحياة ونوعيتها ومستواها، وأساتذة الاقتصاد هم فى الحقيقة عباقرة الحقائق الاجتماعية.
إذن باب الاقتصاد وإمكانيات الاستثمار هما توأمان لا ينفصلان لفهم الطريق إلى المستقبل.