الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الديب والعوا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مصادفة غريبة أن يكون محامي حسنى مبارك اسمه الديب ومحامي محمد مرسي اسمه العوا، وبرغم الشكلانية في اللقطة وعدم عمق دلالتها إلا أنها ملفتة للنظر، فأنا أيضًا اسمي حريب وهذا لا يدعو إلى أي دلالة، ولكن قررت أن أبدأ بهذه المتشابهات في أسماء المحامين وذاك التشابه في نوعية الاتهام وكذلك الدراما التي حملتها المحاكمتان.
وبينما بدا مبارك على سريره كرجل دولة مريض، ظهر محمد مرسي كقاطع طريق على الناس وكرجل مغرور يحمل في داخله احتقارا كبيرا للشعب المصري وقراره المدوي في 30/6 بسقوط دولة مرسي وإخوانه.
وبهذه الصورة التي بدا كل منهما عليها في قاعة أكاديمية الشرطة، كان في الخلفية لعب قانوني كبير وكان هناك مايسترو لكل لعبة، وأقصد هنا دور محام كل منهما في توجيه الأحداث، فجاء فريد الديب كمحترف كبير وقد رسم لمبارك الصورة الواجب ظهوره بها، كما لقنه الكلمات التي يرد بها على القاضي معترفا بالمحكمة وحق القضاء، لذا فمهما اختلفنا على مضمون التهم الموجهة لمبارك، إلا علينا الاعتراف بحضارية تعامله مع المحكمة وكذلك محاميه الذي كان محترفا بحق.
أما الأخ محمد مرسي ومحاميه محمد سليم العوا فقد كانت المحاكمة انعكاسا لقدرات كل منهما، حيث غلبت الظاهرة الصوتية والتعالي والغرور، وهو ما سيعود عليهما بالسلب سواء في موقفهما القانوني أو في الصورة السيئة التي سترتسم في ذهن المتابعين عنهما.
والعجيب جدًا هو ذلك الرد الكوميدي الذي كشف عن مدى تعامل محمد مرسي مع الأمور، فعندما سأله القاضي.. هل محاميك هو محمد سليم العوا؟ راح مرسي يحاور ويناور وانتهى للقول.. خليه يتكلم وبعدها نشوف.. وهو ما فجر عاصفة من السخرية عند المتابعين لدرجة أن أحدهم قال معلقًا.. إن محمد مرسي اختلط عليه الأمر ونسى أنه أمام محكمة، معتقدا أنه في برنامج عرب أيدول.
ومن اللطائف أيضاً بعد مناورات محمد سليم العوا ومحمد مرسي أن القاضي سأل مجددا المتهم محمد مرسى: هل توافق على العوا محاميًا لك؟ وجاء رد مرسي بأنه لا يعترف بالمحكمة مع احترامه لأشخاصها، وعلى حسب رواية زميلنا محمد عبدالعزيز المحامي الذي كان حاضرا بالجلسة أن القاضي رد على مرسي بقوله «أنت خلّيت فيها احترام».
وعلى كل حال وأنا لست فقيها قانونيا، ولكن أنقل عن متخصصين أنه كلما تمادى مرسي وإخوانه من سفههم في القفص كلما ضاعت عليهم فرص دفاعهم عن أنفسهم، وكلما ضاقت حبال الاتهام على رقابهم.
ومن باب المقارنات الشكلانية أيضا، نرى صورة فريد الديب في قاعة المحكمة هادئاً متواضعاً مقتنعاً بأن التهم التي يواجهها مبارك كبيرة، وهو كمحامي محترف عليه حمل ثقيل، أما أخونا العوا فقد صدم جلال القانون داخل وخارج المحكمة، ففي الداخل يرفض مرسي توكيله ولكن مرسي أيضاً يوافق احتياطيا أن يبقى العوا “,”استبن“,” ربما يحتاجه يوماً ما، وزاد العوا الطين بلة خارج المحكمة عندما وافق على أن يحمله أنصار مرسي على أكتافهم في وصلة هشتكة وكأنه “,”جاب الديب من ديله“,”.
ولقد تابعت كصحفي عشرات القضايا الخطيرة، وحضرت مرافعات لمحامين كتبوا أسماءهم في سجل الخلود مثل القديس أحمد نبيل الهلالي، الذي حقق براءات كثيرة ورأيت بعيني القاضي وهو ينصت للهلالي مسترشدا برأيه، ولكني لم أر الهلالي مبتذلاً على أكتاف محبيه.
الديب والعوا نموذجان للزمن الذي نعيشه اليوم فكلاهما مرعب ولكل منهما وجه مختلف، ولكن الحقيقة هي إنني قد أقبل رعب فريد الديب الذي يعتمد على الحرفية ولذلك فمواجهته بسيطة من خلال حرفي أكبر منه، أما وجه العوا فهو مرعب لأنه متنوع فقد دافع عن كل متناقضات الطيف السياسي، وأتمنى أن لا يخدعني أحدا ويقول لي هذه مهنته، فهناك حدود لا يمكن للمهنة تجاوزها.
ننتظر الجلسات القادمة ونرى .. هل سينجو أي من المتهمين ودفاعهما من حكم التاريخ القاسي، فالشعب المصري لم ينس حتى يومنا هذا هفوة الهلباوي في بدايات القرن الماضي عندما وقف ضد فلاحي دنشواي، فالهلباوي الموهوب الذي كان يضرب به المثل بحلاوة لسانه، والذي كان يتوقف له القطار في قريته بالرغم من عدم وجود محطة إكراما له وتقديرا لموهبته، كل هذا ضاع في هفوة استذكى فيها الهلباوي على الشعب.
“,”يا عمنا الديب ويا عمنا العوا.. للوطن شعب ورب يحميه“,”.