تُطلق جماعة الإخوان النكات على اتهام حسن مالك الاقتصادى اللامع للجماعة، بأنه المتسبب فى أزمة الدولار منذ بداية استفحالها، والتجديد له فى مدة الحبس الاحتياطى على ذمة القضية عدة مرات آخرها منذ حوالى عشرة أيام، وذلك فى الوقت الذى تجاوز فيه سعر الدولار الأسود كثيرًا من المحطات التى تلت القبض على مالك. ويحاول الإخوان أن يُلصقوا الفشل الاقتصادى بالدولة فقط فى قضية الأزمة الحالية فى سعر الصرف وانتعاش السوق السوداء، وكأنهم أبرياء مما يحدث، وليس لهم أدنى علاقة به.
وبعيدًا عن نظرية المؤامرة أو على مسافة منها، أقف لأسرد الشواهد والأسانيد بأن دموع الإخوان التى يذرفونها على شبكات التواصل الاجتماعى وعلى المواقع الإخوانية على الإنترنت، ما هى إلا دموع تماسيح تريد أن تنقض على الدولة المصرية بأية وسيلةٍ كانت. لقد حاولوا قبل ذلك أن يضربوا هذا البلد فى أمنه وأمانه، حاولوا أن ينالوا من جيشه وشرطته، حاولوا أن يضعوا كلمة النهاية لاستقراره بضرب اصطفاف الشعب خلف قيادته، حاولوا أن يضربوا السياحة فى مقتل بجريمة دبرت بليل، ونفذت تحت جنح الظلام بيد الإرهاب الأسود فى سيناء، حاولوا الكثير ولكن محاولاتهم باءت بالفشل من خلال صمود الشعب المصرى وجيشه وشرطته، ورغم كل الأنواء كنا نجتاز الأزمة تلو الأخرى لنخرج منها أشد صلابة وتماسكًا، فما كان أمامهم من حيلة إلا أن يشنوا علينا حربًا اقتصادية ومالية لا هوادة فيها.
وأول الشواهد على أن للإخوان دورًا فاعلًا فى الأزمة المستحكمة فى شُح الدولار من جهة، والارتفاعات المتوالية فى سعر صرفه من جهة أخرى، وإن نفوْا ذلك أو ادعوا براءة حسن مالك من أزمة الدولار كبراءة الذئب من دمِ ابن يعقوب؛ فذئابُ الإخوان التى تعوى منذ ٣٠ يونيو فى أرضِ التيه فى مصر وخارجها، قرروا شيئًا واحدًا منذ شهور وهو: إذا ذهب حسن مالك فكلنا حسن مالك، وما كان يفعله مالك بتكليف من الجماعة فى جمع الدولار من السوق يجب أن يفعله جميع الإخوة والأخوات لضرب هذه الدولة التى تجرأت على الثورة علينا، ولا أقوى من ضربات الاقتصاد التى تُلهب أسعار قوت الغلابة والبسطاء بل الطبقة الوسطى التى بدأت فى الترنح تحت وطأة الانخفاض المتوالى للجنيه مقابل الدولار، مما أدى بالأسعار إلى القفز قفزات جنونية لا يستطيعون أن يطالوها فى ظل ثبات مرتباتهم ودخولهم.
أعلم علم اليقين أن الجماعة أصدرت تعليمات إلى أعضائها والمتواطئين معها بسحب ما لديهم من أرصدة فى البنوك المصرية، والعمل على تحويل هذه المدخرات إلى دولارات «الدولرة»، واكتنازها فى منازلهم وعدم إيداعها فى البنوك حتى يحرموا الدولة من ضخها فى الاقتصاد الرسمى ودفع عجلة الاستثمار.
الأمر الثانى الذى يؤكد مسئولية الجماعة عن أزمة الدولار الدور المشبوه لشركات الصرافة الإخوانية فى التلاعب بسعر الدولار والمنافسة فيما بينها على المبالغة فى أسعاره نكاية فى الجنيه المصري، الذى أصبحوا يناصبونه العداء مثله مثل أى مواطن مصري. الدليل على ذلك أيضًا أن شركات الصرافة التى تم إغلاقها نظير هذه المخالفات التى يجرمها القانون المنظم لعملها تشى من أسمائها وأسماء القائمين عليها بانتمائهم للجماعة المحظورة. والمصيبة أن هؤلاء الأشخاص وأعوانهم لم ييأسوا من حربهم الضروس على الاقتصاد المصرى حتى بعد إغلاق شركاتهم، بل عاودوا ممارسة نشاطهم الإجرامى تحت جنح الظلام كالمجرمين واللصوص فى الشقق المفروشة والأماكن العامة، بحيث يصعب تتبع نشاطهم الآثم.
الأمر الثالث الذى يؤكد ضلوع أهل الشر فى هذه المؤامرة على اقتصاد الوطن هو تلك العصابات التى تسمى نفسها شركات، والتى تعمل على إغراء المصريين المغتربين فى دول الخليج لتسليمهم تحويلاتهم الدولارية إلى مصر مقابل أسعار صرف مغرية بأكثر مما هو مطروح فى السوق السوداء فى مصر وتسليم المبالغ بالجنيه المصرى لذويهم فى المحافظات والمدن والقرى المختلفة من خلال شبكة تخلت عن العنف ضد الدولة بعد الضربات القوية التى نالتها، وتبنت أسلوبًا أكثر مراوغةً وأشد ضراوة، وهو أسلوب ضرب الاقتصاد الوطني.
وما يعكس هذه الخطة المحكمة المعالجة الإعلامية المتهافتة فى الصحف والمواقع الإخبارية الإلكترونية وصفحات الفيس بوك وتويتر التى تستخدم سلاح الشائعات المتعلقة بسعر الدولار، علاوة على ترويج أسعار مبالغ فيها للدولار حتى فى أوقات الإجازات الأسبوعية والعطلات الرسمية.
وفى النهاية أقول إن العلاقة بين جماعة الإخوان وأزمة الدولار واضحة وضوح الشمس فى كبد السماء، ولكن لا أدّعى أن الإخوان هم العامل الوحيد الذى أدى إلى استفحال أزمة الدولار، بل هناك عوامل أخرى مساعدة منها ضعف الإنتاج، وتراجع قيمة الصادرات وتفاقم فاتورة الواردات وانخفاض معدلات الاستثمار الأجنبى فى البلاد، وسوء إدارة السياسة النقدية وعدم وجود خيال لابتكار حلول فعالة لتخطى الأزمة.
ولكن رغم هذا كله، فإننا لا نستطيع أن ننكر الدور الإخوانى المشبوه فى التآمر على الوطن.. لذا ففى أزمة الدولار وكل الأزمات التى تواجهها مصر.. فتش عن أصحاب المصلحة ومن يضمرون لمصر الأضغان.. فتش عن الإخوان لصوص الثورات والأوطان.