كتبت فى مقالى السابق عن الكيانات الموازية وقيام بعض السيدات بتشكيل حكومة نسائية، وسلبيات ذلك على المجتمع، وصورة مصر فى الخارج، وما يعيده إلى الأذهان من مشهد الحكومة الموازية التى شكلتها الجماعة الإرهابية بعد ثورة (٣٠ يونيو)!!.. ولم أكن أتوقع أن يكون للمقال كل هذا الصدى.. فقد انهالت علىّ الرسائل والاتصالات التى تعجبت من انزلاق مسئولين فى السير على نهج الإخوان.. رغم خطورة وأهمية مناصبهم!!.. وقد أرسل لى أحد أساتذتى فى أكاديمية ناصر العسكرية العليا - وهو أستاذ مبجل وأكن له كل التقدير - تعليقا أتشرف بنشره: «إننى لا أكتب ولكننى أعزف.. فنحن جميعا يجب أن ننهج هذا الشعار حتى نحقق غايتنا ونصل للحن الخلود.. والخلود هنا ليس البقاء وإنما يعنى الوجود.. والذى يحتاج إلى معركة شرسة ضد كل التحديات والتهديدات ليست الخارجية فقط.. فالبيروقراطية الداخلية تحد سافر لمعركة الوجود.. ولكن نحن على يقين أن أسلحة معركة الوجود التى دعا إليها فخامة الرئيس تحتاج للفكر المستنير الذى يواجه الفكر المتطرف على جميع الاتجاهات والمستويات.. فكفانا شعارات جوفاء يا أهل الأفكار الموازية.. ولماذا موازية؟! ولماذا لا تكون موالية وليست موازية.. والولاء هنا لله والوطن الجميل الذى أعطاه الله عز وجل لنا.. بموقع عبقرى رائع يحتاج منا المحافظة عليه ببناء كيانات فاعلة وليست موازية يا أهل الظل.. ووطننا الجميل يحتاج منا العمل والإبداع فى النور.. لأن الظل من الظلام.. وكفانا طيور الظلام يا أهل الظلام.. نظهر فى النور والوضوح حتى ينير الله لنا الطريق بشعلة العمل البناء.. شعلة مضيئة بوقود إلهى ومدد ربانى لا ينقطع.. نريد أن نطبق وننفذ لحنًا اسمه رومانسية وطن.. فالمؤسسة وطن.. الأمل وطن.. وحب الوطن واجب مقدس علينا جميعا.. حب الوطن فرض علينا.. فهيا بنا نعمل جميعًا بلغة العزف على أوتار الحب والعطاء والنقاء يا أهل الظل».. وقد تشرفت بهذا التعليق الذى يحثنا جميعا على الوحدة والعمل فى بوتقة واحدة من أجل حب الوطن.. كذلك وصلنى الكثير من التعليقات على تشكيل الحكومة النسائية ومن تولين الحقائب أو قراراتهن أو الوزارات المستحدثة، مثل: (وزارة القطر والأقاليم، ووزارة الرفق بالحيوان، ووزارة الفرانكفونية وغيرها).. والذى يوضح مقدار العبث والتناقض وغياب المعايير.. فعلى سبيل المثال أول قرارات الحكومة النسائية هو إعادة ترسيم الحدود مثلما كانت عليه قبل ١٩٥٢ غربا وشرقا وجنوبا وشمالا، وذلك طبقا لتصريح رئيسة الحكومة الموازية والتى نصبت نفسها وزيرة للدفاع!!.. وهو ما يوضح دور هذا الكيان وما يدعمه من أفكار.. ومحاولته خلق قضايا تعمل على التشتيت والانقسام.. وخلق صراعات نحن فى غنى عنها.. فالكيان يبعث برسالة ماكرة ظاهرها الشعارات الوطنية البراقة وفى طياتها اتهام للحكومات المتعاقبة بعد ١٩٥٢ بالتفريط فى الأراضى المصرية، وكـأنه أكثر حرصًا ووطنية من الحكومات الشرعية!!.. وهو ما يعمل على تأجيج الخلاف حول الجزيرتين «تيران وصنافير» بل ويخلق صراعات أخرى.. أما الطريف فى تشكيل الحكومة النسائية أن وزيرة الشباب الموازية «سهى السكرى» طالبة بمرحلة البكالوريوس!!.. ولكنها تمتلك مؤهلًا أكبر وأهم!!.. كونها ابنة رئيسة الحكومة الموازية!!.. «امسك توريث».. وهو ما يوضح كم التناقض الذى نراه فى مجتمعنا.. فما زال الرئيس مبارك يهاجم بشراسة بدعوى نيته السابقة بتوريث الحكم، رغم أنه أنكر ذلك علانية وهو لا يزال فى الحكم.. وأذكر أحد المانشيتات الرئيسية فى جريدة الأهرام قبل ٢٠١١ والذى تضمن نفيه لذلك لأن مصر بحكم موقعها الاستراتيجى لا يصلح لها سوى رئيس ذى خلفية عسكرية، ولم نصدقه آنذاك.. ولم يتوقف الهجوم عليه!!.. وفى نفس الوقت نجد الكثيرين يسعون لتوريث الوظائف لأبنائهم وأشقائهم وأقاربهم ويحاولون الاستفادة بأكبر قدر ممكن من مناصبهم (حتى وإن كانت موازية)!!..كذلك يتضح التناقض فى إسناد وزارة القوى العاملة الموازية لمصففة شعر بدعوى قربها من أحوال العمال.. وحقيبة الصحة لإحدى الممرضات باعتبار الممرضة جزءًا أصيلًا من العملية الصحية طبقًا لما أقرته رئيسة الحكومة الموازية!!.. وهو ما ذكرنى بالأستاذة عائشة عبدالهادى (وزيرة القوى العاملة فى حكومة د. أحمد نظيف) والتى تعرضت للهجوم الشرس لأنها كانت واحدة من العاملات فى إحدى الشركات الحكومية ولم تستكمل تعليمها.. رغم دورها النقابى المؤثر، وتدرجها فى العمل به حتى وصولها نائبًا لرئيس اتحاد نقابات عمال مصر، وتوليها رئاسة لجنة «المرأة العربية» فى الاتحاد الدولى للعمال بالانتخاب.. ولكننا نجد المعارضين حين تأتى لهم الفرصة لا يتوانون عن ممارسة ما ينتقدونه ولكن بشكل أكثر عشوائية ويؤكد على تحكم الأهواء الشخصية فقط!!.. ومن اللافت أن تكون أحداث تركيا موازية للمقال لإظهار خطورة الأفكار الموازية التى تعمل على كسر إرادة الدول وهدم دعائمها والتقليل من كفاءة وإمكانيات الحاكم وحكومته.. إلا إذا كان الحاكم من يصنع تلك الكيانات للاستحواذ.. فقد رأينا خليفة الإخوان، والذى منذ تقلده الحكم يقوم بصناعة كيانات موازية لتحل محل القضاء والشرطة والقوات المسلحة لنرى بأم أعيننا ماذا كان مصيرنا لو طال أمد الحكم لرئيس الإخوان!!.. فعلينا جميعا أن نحرص على مصلحة الوطن ونعمل على التوعية بخطورة الكيانات الموازية أيا ما كانت تسميتها.. والتى ربما تجعل البعض ينساق خلف الأفكار البراقة، أو الأحلام بالانتساب إلى الشرطة أو الجيش أو القضاء.. مما يدفع شبابًا تائهًا إلى الانجراف إلى مثل هذه الكيانات التى تتسلل لإسقاط الدول.. ولنا فى أردغانة أردوغان وأفعاله عبرة يا أولى الألباب!!
آراء حرة
أردغانة "أردوغان".. والكيانات الموازية
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق