تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
لا حديث بين شخصين أو أكثر في مصر الآن إلا عن "سعار" وليس أسعار الدولار .. فكل يوم هو في سعر جديد حتى أنه بات يرتفع في اليوم الواحد عدة مرات .. وبطبيعة الحال يصب المواطنون جم غضبهم ويشقون جيوبهم ويلطمون خدودهم ويكشفون شعورهم ويدعون ليل نهار على محافظ البنك المركزي ، ليس لأنه كما يتردد خريج آداب وإنما لأنه "انسحب" من لسانه من كام شهر كدة وحلف بأغلظ الأيمان أنه "هيجيب الدولار الأرض" لحد "ما يصعب ع الكافر" وأنه هيفضل وراه لحد ما يخلي سعره 4 جنيه .
حتى ثار هذا التساؤل .. هل كان المسئول في كامل وعيه أم أنه كان شارب شاي بنعناع ، يا منعنع ، مثلا أو جنزبيل بشكل أثر على تركيزه ومخارج الكلام عنده .. وهل كان جاداً أم كان "بيهزر" على أساس "شر البلية ما يضحك" .
وفي واقع الأمر لا أحد يدري حتى وقتنا هذا ما هو السبب الرئيسي في هذا الارتفاع الجنوني .. فهل هو كما يقول لنا المسئولون استيراد طعام "القطط والكلاب" .. أم أن وراءه عشاق الجمبري الجامبو أو الكافيار الفاخر ، والعياذ بالله ، أم أن السبب في تحول الدولار إلى وعاء ادخاري آمن يرتفع سعره كل ساعة وليس كل يوم .
طبعا لا أحد يستبعد وجود مؤامرة من نوع ما على الاقتصاد المصري .. لكن ما يغيظني ويحز في نفسي أننا لم نضع أيدينا بعد على تفاصيل هذه المؤامرة التي ربما توصل الدولار إلى أعتاب 13 جنيه في غضون ساعات معدودات .
ثم إن السيد طارق عامر ، محافظ البنك المركزي ، لم يقل لنا ماذا هو بفاعل الآن خصوصاً بعد أن كشر "الزهر" عن أنيابه ورفض أن "يلعب" معه .. فهل هو كان مثل كلام الليل الذي يطلع عليه النهار يسيح أم أنه كان يعتمد على ذاكرة المصريين المتطايرة وأنهم هينسوا اللي جرى ومش هايجيبوا الدفاتر تنقرا .
وإذا جينا للكلام الجد فمن الواضح أننا حقاً على حافة الخطر ولابد من تحركات قوية مدروسة وسريعة لوقف هذا النزيف الذي يتزايد يوماً بعد يوماً مهددا بانفجار اجتماعي وليس اقتصادي فقط .. وأعتقد أن الشعب المصري بات مهيأ أكثر من أي وقت مضى لتحمل إجراءات حاسمة لإنقاذ سفينة الوطن قبل أن يأتي يوم لا ينفع مال ولا بنون .
وأتوقع عقد لقاء قريب جداً بين القيادة السياسية المتمثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي والمجموعة الاقتصادية لتحديد تلك الإجراءات الكفيلة بمنح قبلة الحياة للمأسوف على عمره الجنيه المصري أمام "اللي ينحش ظهره" الدولار الأمريكي .
كما أننا لا بد أن نضع حداً لمضاربات السوق السوداء التي باتت هي المتحكم المتصرف الأوحد في أقوات الشعب .. فهل ستتحدد قيمة الجنيه المصري في الأيام المقبلة على أساس سعره بالأسواق الموازية أم أن هناك إجراءات ستتزامن مع عملية "الرفع" الأخيرة التي خرج منها الدولار منتصراً بالضربة القاضية .
نعم نحن في أمس الحاجة إلا من يفهم أبناء الشعب حيثيات مثل هذه الإجراءات ويشرح لهم الآمال المرجوة منها والخطة التي نسعى لتحقيقها من خلالها .. وأن يتضمن برنامج عمل الحكومة رؤية شاملة تعكس الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لحماية المستضعفين سواء بتقديم مزيد من الدعم أو رفع الحد الأدنى للأجور الذي أصبح خرافة مثله مثل العنقاء والخل الوفي .. أو حتى نتعرف على إجراءات ضبط الأسواق لمنع تلاعب المتاجرين بأقوات الشعب من "كهربة الأسعار" تحت شعار ارتفاع الدولار .
وأخيراً أدعو الله أن يمد في عمري حتى يأتي اليوم الذي نصل فيه إلى مرحلة انتهاء الإجراءات المؤلمة التي تتفنن الحكومات المتعاقبة في فرضها على المواطنين وأن "يتوب علينا ربنا" من "الحقن" المزعجة التي فتحنا عينينا عليها منذ أيام "الخصخصة"، وربما منذ عهد الفراعنة، وييجي اليوم اللي نخرج بيه على الناس بخبر حلو يسهل لهم النوم بدون مسكن أو يقضوا "ليلة عسل" بدون كوابيس مزعجة .