تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
لسنوات طويلة كان هناك سببان للأزمات الطائفية.. الأول عاطفى، مسيحية تحب مسلم وتهرب معه، أو مسلمة تحب مسيحى وتختفى، تقوم الدنيا وتقعد ولا ينتهى الأمر الا بعودة البنت، وذلك بعد مشاجرات ومظاهرات واحتكاكات عنيفة، يسقط فيها فى الغالب ضحايا من الطرفين، وهذا سبب رغم أنه تراجع فى السنوات الأخيرة الا أنه لن ينتهى، فالمسلمون والأقباط يعيشون فى مجتمع واحد، ووارد جدا أن تستمر هذه العلاقات، رغم رفض المجتمع لها وإدانته لها.
والثانى دينى يرتبط ليس ببناء كنائس جديدة، فهناك كنائس كثيرة بنيت دون أن يثير الأمر أى مشكلة من أى نوع، ولكن تتفاقم الأزمة عندما يقوم بعضهم بتحويل منزل فى قرية الى مكان للعبادة، ويدعو فيه إلى الصلاة.
يعرف الأهالي من المسلمين ما يحدث وقد يتحركون بسبب شائعة غير مكتملة الملامح، يبثها معرضون، فينتفضون، ويتحركون لهدم البيت أو إحراقه، اعتقادا منهم أنهم بذلك ينصرون الاسلام الذى هو منهم برئ بكل تأكيد، مما يفعلون.
لن أتحدث عن عملية غسيل المخ التى تعرض لها كثيرون من المسلمين، فيما يخص وضعية الأقباط، وفيما يتعلق بالكنائس التى هى فى النهاية بيوت لله يذكر فيها اسمه على طريقة أصحابها، فهذه أزمة الخطاب الدينى الذى يمارس البعض أكبر عملية نصب فيما يخص تجديده، معتقدين أنهم يبذلون جهدا خارقا لتنقيته وتهذيبه وجعله أكثر عصرية، رغم أنهم لا يفعلون أكثر من مواصلة الانحطاط باسم الدين.
لدى اقتراح محدد أضعه بين يدى الرئيس عبد الفتاح السيسي بوصفه الفاعل الوحيد والأكبر فى مصر الآن، فى ظل تقاعس حكومى وتراخى مسئولين لا يريدون أن يسهموا بشئ فى حل الأزمات التى تحيط بنا من كل مكان.
الاقتراح ببساطة هو أن نمنح المسيحيين ما يحتاجونه من كنائس وليس ما يريدون.
الفارق واضح جدا، حيث يعتقد البعض أنك لو تركت للأقباط حرية بناء الكنائس التى يريدونها، فانهم لن يترددوا عن بناء كنيسة فى كل شارع، تأسيسا على انهم يملكون ثروات طائلة ستمكنهم من البناء، وساعتها لن يتقبل المسلمون انتشار الكنائس بهذه الطريقة.
ورغم أن هذا الاعتقاد ليس صحيحا بالمرة، لأنه يتنافى مع العقل ويتناقض مع المنطق، الا أننا لو سلمنا به، سنقول إذن ليكن لدى الدولة والمسئولين فيها وعنها عدالة وواقعية، ويمنحوا المسيحيين ما يحتاجونه من كنائس، وهذه مسألة سهلة جدا، فيمكن احصاء الأماكن التى بلا كنائس على مستوى الجمهورية، وتحديد المواقع التى ستبنى فيها كنائس جديدة، ويعلن ذلك بوضوح وشفافية، وساعتها لن يحتاج أحد من المسيحيين الى أن يحول بيته لكنيسة، لأن كنيسته ستكون موجودة وقريبة منه، يؤدى فيها صلاته، ويصلى بها على موتاه.
القرار سهل، لكنه يحتاج الى إرادة نافذة، ورغبة حقيقية فى مواجهة النفاق الدينى الذى يعلنه مسلمون بالهجوم على بيوت الأقباط، ويضمره مسئولون يخفون اتجاها متطرفا تحت ملابسهم العصرية الانيقة.
المسيحيون فى مصر مواطنون مثلهم مثل المسلمين تماما، هذا وطنهم لا يستطيع أن يزايد أحد عليهم، ولا يجب أن يمنعهم أحد من الحصول على حقهم، وهذا ليس منة ولا تفضلا عليهم، لكننا لا نريد أن نقول الحق أو نتحمل مسئوليته.
أثق فى حكمة الرئيس ورغبته الصادقة تماما فى أن تسود المواطنة دولة ٣٠ يونيو، تحدث هو عن ذلك وأكده، وليس على معاونيه الا أن يحولوا التوجه الى واقع... وإلا فإننا جمعيا سندفع ثمنا غاليا لا طاقة لنا به أو عليه.