المشهد التركي يحتاج إلى قراءة متعمقة خاصة بعد الإجراءات التي اتخذها الرئيس رجب طيب أردوغان، على خلفية حركة الجيش الأخيرة في 15 يوليو ضد مؤسسات الدولة المدنية، فقد قام بتصفية قرابة ستين ألفًا ما بين معتقل ومُشرد، وتوقعات المراقبين أن يتزايد العدد إلى مائة ألف، فضلًا عن المشردين في الداخل التركي الذين ينتظرون قرارًا بالتوقيف.
قام أردوغان بتصفية بعض المؤسسات في الداخل التركي، في مقدمتها الجيش والقضاء، على اعتبار أنهما أهم مؤسستين حاكمتين في سلطتهما بنص الدستور، كما عمد رئيس الوزراء لعزل معارضيه من وظائفهم العامة دون أن يثبت علاقتهم بالانقلاب العسكري، فقط يُعارضونه، بلغ عدد العاملين الذين تم فصلهم من وظائفهم في المعاهد العلمية حتى كتابة هذه السطور قرابة خمسة عشر ألفًا ومائتي معلم، فضلًا عن منع سفر الأكاديميين خارج البلاد!
مرت تركيا بعدد من الانقلابات العسكرية خلال العشرين عامًا الماضية، وعانى الأتراك من ويلات مَن تولوا السلطة فيما بعد على خلفية هذه الانقلابات، والرئيس التركي الحالي من أهم مَن عانوا هذه الويلات ولكنه في ذات الوقت يُذيق أبناء شعبه من نفس الكأس، ولكن بطريقة الحاكم المدني وليس العسكري، يعتقل خصومه ويقيلهم من وظائفهم العامة ويُوجه اتهامات مُخلة بالشرف لهؤلاء الخصوم لمجرد معارضتهم لسياساته.
لا أحد يشكك في الإصلاحات التي أحدثها أردوغان وحزبه في السنوات السبع بين عام 2003 إلى 2010 والطفرة الاقتصادية الهائلة التي لمحها الشعب التركي، ولكنه سرعان ما انقلب على هذه السياسة انقلابًا ناعمًا بهدف التمكن من مفاصل الدولة حتى يظل متربعًا على عرش السلطنة التي لا يريد أن يفارقها تارة رئيس وزراء وتارة رئيسًا لتركيا.
الرئيس التركي حسب تصريحاته هو رئيس علماني، ولكنه صاحب أيديولوجية لها خلفية دينية، فهو أحد تلامذة رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان "إخوان مسلمين"، ولكنه رأى أن طريقة أستاذه كانت صادمة، فاتخذ شكلًا مختلفًا في التغيير يمكن أن نطلق عليه التغيير الناعم، ولعل مشكلته مع جماعة الخدمة في أنه يراها مهددة أو مثبطة لمشروعه السياسي، فحربه ضدها لا علاقة لها بالاختلاف الأيديولوجي وإنما بخطورة الحركة على مشروعه كما يراه.
تعرض رجب طيب أردوغان لقضية فساد عام 2013 طالته وأسرته، وقدم ثلاثة من وزرائه استقالاتهم، فيما عده المراقبون أنها أكبر لطمة يتعرض لها النظام السياسي في تركيا، وأنها بمثابة انقلاب سياسي قد يؤدي إلى نهايته، وهو ما توترت على خلفيته العلاقة مع قوى المعارضة وفي مقدمتهم جماعة الخدمة.
استغل أردوغان أحداث 15 يوليو منذ اللحظة الأولى بتوجيه الاتهام الصريح لرجل الدين محمد فتح كولن، مطالبًا الولايات المتحدة الأمريكية بتسليمه على اعتبار أنه المُحرض والمُنفذ للانقلاب، بينما عجز عن إثبات العلاقة بين الرجل وأنصاره وبين الانقلاب الذي سمح للرئيس للإطاحة بمعارضيه، في ظل الحديث عن أن ما حدث كان مجرد مسرحية هزلية لا ندري إلى أي مدى يمكن أن يكون صحيحًا!
هناك مشكلة حقيقية داخل تركيا لا نتوقع حلها على المدى القريب وسوف تزلزل المجتمع لسنوات طويلة، فعلاقة الرئيس بجماعة الخدمة لا يمكن أن نؤسس عليها شكل تركيا في المستقبل، ولكن محاولة صرف الأنظار عن الفاعل الحقيقي في حركة الجيش سوف تؤدي لمزيد من حالات الاحتقان بين ضحايا هذه الجماعة على يد الرئيس الذين تم تقديمهم كقرابين واستغلال ما حدث، مضافًا على ذلك الفاعلين الحقيقيين للانقلاب، فالتركيز مع المعارضين لا يعني سوى التقصير في القبض على الفاعلين الحقيقيين أو المخططين للانقلاب، وهو ما يؤدي لمحاولات متجددة من شأنها الانقلاب على الآليات الديمقراطية التي تم الاتفاق عليها.
من الكبائر التي ارتكبها النظام التركي محاولة تدميره لمؤسسات الوطن المستقرة مثل الجيش والقضاء عبر إجراءات لا تخفى على أحد مقابل دعمه لمؤسسات أخرى مثل المخابرات التركية التي تعمل لصالحه ودعمه لجهاز الاستخبارات التابع للشرطة الداخلية، وتدخلاته لتدمير البنية التعليمية، بحثًا عن معارضيه وخصومه بين لبنات المدارس والمعاهد التعليمية.
ديمقراطية أردوغان "مُصطنعة"، سرعان ما انقلب عليها وبرر انقلابه من خلال إجراءات استثنائية، ففوضى المشهد التركي يُسأل عنها الرئيس وحزبه وأنصاره الذين يملأون الشوارع، ديمقراطية بلا معنى تُخدّم على مشروعه القائم لامتلاك مفاصل الدولة، وإن خالف بذلك الدستور وغاب عنه سيف العدالة العثمانية التي يتغنى بها.
مرت تركيا بعدد من الانقلابات العسكرية خلال العشرين عامًا الماضية، وعانى الأتراك من ويلات مَن تولوا السلطة فيما بعد على خلفية هذه الانقلابات، والرئيس التركي الحالي من أهم مَن عانوا هذه الويلات ولكنه في ذات الوقت يُذيق أبناء شعبه من نفس الكأس، ولكن بطريقة الحاكم المدني وليس العسكري، يعتقل خصومه ويقيلهم من وظائفهم العامة ويُوجه اتهامات مُخلة بالشرف لهؤلاء الخصوم لمجرد معارضتهم لسياساته.
لا أحد يشكك في الإصلاحات التي أحدثها أردوغان وحزبه في السنوات السبع بين عام 2003 إلى 2010 والطفرة الاقتصادية الهائلة التي لمحها الشعب التركي، ولكنه سرعان ما انقلب على هذه السياسة انقلابًا ناعمًا بهدف التمكن من مفاصل الدولة حتى يظل متربعًا على عرش السلطنة التي لا يريد أن يفارقها تارة رئيس وزراء وتارة رئيسًا لتركيا.
الرئيس التركي حسب تصريحاته هو رئيس علماني، ولكنه صاحب أيديولوجية لها خلفية دينية، فهو أحد تلامذة رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان "إخوان مسلمين"، ولكنه رأى أن طريقة أستاذه كانت صادمة، فاتخذ شكلًا مختلفًا في التغيير يمكن أن نطلق عليه التغيير الناعم، ولعل مشكلته مع جماعة الخدمة في أنه يراها مهددة أو مثبطة لمشروعه السياسي، فحربه ضدها لا علاقة لها بالاختلاف الأيديولوجي وإنما بخطورة الحركة على مشروعه كما يراه.
تعرض رجب طيب أردوغان لقضية فساد عام 2013 طالته وأسرته، وقدم ثلاثة من وزرائه استقالاتهم، فيما عده المراقبون أنها أكبر لطمة يتعرض لها النظام السياسي في تركيا، وأنها بمثابة انقلاب سياسي قد يؤدي إلى نهايته، وهو ما توترت على خلفيته العلاقة مع قوى المعارضة وفي مقدمتهم جماعة الخدمة.
استغل أردوغان أحداث 15 يوليو منذ اللحظة الأولى بتوجيه الاتهام الصريح لرجل الدين محمد فتح كولن، مطالبًا الولايات المتحدة الأمريكية بتسليمه على اعتبار أنه المُحرض والمُنفذ للانقلاب، بينما عجز عن إثبات العلاقة بين الرجل وأنصاره وبين الانقلاب الذي سمح للرئيس للإطاحة بمعارضيه، في ظل الحديث عن أن ما حدث كان مجرد مسرحية هزلية لا ندري إلى أي مدى يمكن أن يكون صحيحًا!
هناك مشكلة حقيقية داخل تركيا لا نتوقع حلها على المدى القريب وسوف تزلزل المجتمع لسنوات طويلة، فعلاقة الرئيس بجماعة الخدمة لا يمكن أن نؤسس عليها شكل تركيا في المستقبل، ولكن محاولة صرف الأنظار عن الفاعل الحقيقي في حركة الجيش سوف تؤدي لمزيد من حالات الاحتقان بين ضحايا هذه الجماعة على يد الرئيس الذين تم تقديمهم كقرابين واستغلال ما حدث، مضافًا على ذلك الفاعلين الحقيقيين للانقلاب، فالتركيز مع المعارضين لا يعني سوى التقصير في القبض على الفاعلين الحقيقيين أو المخططين للانقلاب، وهو ما يؤدي لمحاولات متجددة من شأنها الانقلاب على الآليات الديمقراطية التي تم الاتفاق عليها.
من الكبائر التي ارتكبها النظام التركي محاولة تدميره لمؤسسات الوطن المستقرة مثل الجيش والقضاء عبر إجراءات لا تخفى على أحد مقابل دعمه لمؤسسات أخرى مثل المخابرات التركية التي تعمل لصالحه ودعمه لجهاز الاستخبارات التابع للشرطة الداخلية، وتدخلاته لتدمير البنية التعليمية، بحثًا عن معارضيه وخصومه بين لبنات المدارس والمعاهد التعليمية.
ديمقراطية أردوغان "مُصطنعة"، سرعان ما انقلب عليها وبرر انقلابه من خلال إجراءات استثنائية، ففوضى المشهد التركي يُسأل عنها الرئيس وحزبه وأنصاره الذين يملأون الشوارع، ديمقراطية بلا معنى تُخدّم على مشروعه القائم لامتلاك مفاصل الدولة، وإن خالف بذلك الدستور وغاب عنه سيف العدالة العثمانية التي يتغنى بها.